دعا وزير الدولة الألماني للشؤون الأوروبية، إلى نهج استراتيجية جديدة في العلاقات الأوروبية العربية تتلاءم مع تحولات الربيع العربي. في حوار مع DWاقترح غلوسر نهج خطة مارشال خاصة بالمنطقة ومن أولوياتها دعم التكوين والكفاءات.
اقترح السياسي الألماني (من الحزب الاشتراكي الديمقراطي المعارض) غونتر غلوسر نهج علاقات جديدة بين أوروبا والعالم العربي، تتلاءم مع تغييرات الربيع العربي، مقترحا اعتماد خطة مارشال خاصة بالعالم العربي. وفي حوار مع DW، أوضح غونتر غلوسر وزير الدولة الاتحادي السابق للشؤون الاوروبية وعضو البندستاغ ورئيس اللجنة البرلمانية الألمانية المغاربية، معالم خطة مارشال خاصة بالعالم العربي، بتركيزها على "دعم الخبراء المؤهلين من الدول العربية عبر نهج سياسة للهجرة تعتمد على التعليم والتأهيل المهني".
وفيما يلي نص الحوار:
DW: ما هي الحصلية التي يمكن استخلاصها بعد مرور عام على الربيع العربي؟
غونتر غلوسر: بكل تأكيد أنها عكس ما كنا نتمناه نحن الأوروبيون قبل عام. فسفك الدماء في سوريا أمر مؤلم جدا. ولكن تنبغي الاشارة والتأكيد على أنه وكنتيجة للضغط الشعبي تم إسقاط ثلاثة حكام: بن علي في تونس ومبارك في مصر والقذافي في ليبيا. بالإضافة إلى ذلك، فإن الناس في كثير من البلدان العربية وبفضل الربيع العربي، استطاعوا التخلص من الخوف من القمع وغياب العدالة.
كيف تقيمون تطور الأوضاع في الدول المغاربية؟
من المؤكد أن تونس مثال جيد للمسار الخاص بالديموقراطية ذات طابع اسلامي. إنني واثق من استمرار أسس التوافق المجتمعي الذي أفرزته "ثورة الياسمين". وبإمكان عمل المجلس التأسيسي تحت إشراف "الاشتراكي الديموقراطي" الدكتور مصطفى بن جعفر أن يكون نموذجا للدول الأخرى. مصدر القلق بالنسبة لي هو الوضعية الاقتصادية لتونس للعام الماضي.
ولا ينبغي غض النظر عن الإصلاحات الدستورية في المغرب التي منحت للبرلمان سلطات واسعة. يبدو لي أن هناك مؤشرات لانطلاق المسار الاصلاحي في المغرب.
ويحدوني أمل كبير أن تساعد التطورات الاقليمية في تقريب وجهات النظر بين المغرب والجزائر من أجل إيجاد حل لنزاع الصحراء الغربية.
كيف ترون التطورات في باقي الدول العربية؟
لن تكون المنطقة هي نفسها كما كانت قبل عام 2011. وقد تم تفنيد وإلى الأبد الادعاء بغياب الرغبة في الحرية والمشاركة السياسية لدى الشعوب في العالم العالم العربي، كما هو الحال في أجزاء أخرى من العالم. غير أننا إذا نظرنا إلى العالم العربي، من المغرب إلى اليمن، نرى أنها بلدان مختلفة جدا ولها مسار تطوري مغاير ومختلف جدا. الظاهر للعيان هو أن الإسلام السياسي قد اكتسب قوة في المنطقة.
كيف هو رد فعل أوروبا على هذه التطورات؟
يتطلب الأمر مراجعة شاملة وتوجيه جديد لسياسة الجوار مع دول الجنوب. يجب تجاوز خطأ الماضي من خلال نهج، إلى حد ما، سياسة التوافق غير المشروطة مع الديكتاتوريين. على الأوروبيين اعتبار العالم العربي شريكا والتعامل معه على قدم المساواة.
ويجب أن لا تبقى الوعود مجرد حبر على ورق. يجب أن نعمل معا من أجل تطوير مشاريع للتنمية للمجتمع والدولة والاقتصاد. لقد تمكنت إلى جانب فرانك فالتر شتاينماير وزير الخارجية السابق لألمانيا من طرح أفكار حول ضرورة تبني خطة مارشال خاصة بالمنطقة من خلال دعم الخبراء المؤهلين من الدول العربية عبر نهج سياسة للهجرة تعتمد على التعليم والتأهيل المهني.
هل تشعر أوروبا بالخوف جراء وصول الاسلاميين والمحافظين إلى السلطة؟
في اعتقادي أنه بعد تجاوز المفاجأة الأولى عقب الفوز الساحق للأحزاب الإسلامية في تونس ومصر، جاءت مرحلة التعرف على بعضنا البعض. لقد أجرينا على سبيل المثال مناقشات بناءة مع جماعة الاخوان المسلمين في مصر. إننا نحترم المبدأ الديموقراطي. لقد حصلت القوى الجديدة على فرصتها، وإذا استغلتها سيعاد انتخابها من جديد.
هل من دعم للمجتمع المدني في العالم العربي؟
تنبني سياسة ألمانيا في التعاون الدولي وعمل المؤسسات السياسية الألمانية لسنوات عديدة على دعم التنمية والتعدد السياسي والمجتمع المدني. وفي هذا الصدد فإننا لن نبدأ من الصفر. سيكون مربكا لنا أن تسير الأمور فجأة عكس ذلك، كما حدث مؤخرا في مصر. وقد خصصت الحكومة الاتحادية دعما إضافيا للمنطقة قدر بـ 350 مليون يورو.
ما هي انعكاسات هذه التغييرات على العلاقة بين العالم العربي وأوروبا؟
أولا، كان لذلك ولسوء الحظ أثرا سلبيا على السياحة في مصر وتونس وغيرها من البلدان العربية. وأعتقد أن ذلك سيتغيرعندما تتحسن الأوضاع الأمنية وتميل المنطقة إلى الاستقرار. عملت ومنذ سنوات عديدة كي تحظى دول الجوار العربي عبر سياسة البحر الأبيض المتوسط بعين الاعتبار في سياسة الاتحاد الأوروبي. وفرص نجاح ذلك ليست سيئة للغاية ومرتبطة بالمدى الطويل بعد أن تستقر الأوضاع في أوروبا نفسها.
ما هي حظوظ هذه الحكومات الجديدة المنتخبة؟
لا يمكن تعميم ذلك على جميع الدول. وأعود مرة أخرى إلى مثال تونس. إذ هناك بالفعل توافق واضح من حيث المبدأ على فصل الدين عن الدولة. إذا تضمن الدستور الجديد هذا المبدأ فإن على جميع القوى - بما في ذلك الإسلاميين – احترام ذلك. في مصر، سيكون الأمر حاسما إذا ما نجحت مراكزالسلطة الثلاثة، العسكر والأحزاب الإسلامية وثوار ميدان التحرير العلمانيون في التوافق على اقتسام السلطة بشكل متوازن.
الخميس مارس 08, 2012 7:30 am من طرف شرين