ربما تكون الحياة في ألمانيا صعبة بالنسبة للعاطلين عن العمل. ولكنها في غاية السهولة بالنسبة للطلاب وخاصة للمتقدمين في السن منهم. إذا فلا تستغرب من مقابلة طلاب تجاوزت أعمارهم الخمسين عاما
إذا قررت في يوم من الأيام زيارة الحرم الجامعي في إحدى الجامعات الألمانية، فإنك ستستغرب وستسأل نفسك: إلى أين ذهب الطلاب؟ صحيح أنك ستشاهد بعضهم يخرج من الكفتيريا حاملا على ظهره أو بيده حقائق الكتب أو متوجها إلى المكتبة وسترى آخرين هنا وهناك، ولكنك ستلاحظ أيضا وجود أشخاص متقدمين في السن وتعود وتسأل نفسك: هل هؤلاء هم طلاب الجامعات الألمانية؟
وهنا يجدر الذكر أن أول الأشياء التي قد تلاحظها في مؤسسات التعليم العالي في المدن الألمانية هو وجود متقدمين في السن تصل أعمارهم في أحيان كثيرة إلى أواخر الاربيعينات والخمسينات، الأمر الذي لا تجده في أي جامعات الدول المتقدمة الأخرى. فبينما يكون الطلاب بالجامعات في البلاد الأخرى ما زالوا في مقتبل العمر والبراءة تبدو على وجوههم، فإن بعض الطلاب في الجامعات الألمانية يزيد عمره على نصف قرن.
الجامعة مكان إقامة أبدي
تشير الأرقام إلى أن متوسط عمر الطلاب الألمان في الفصل الأول يبلغ تقريبا 23 عاما، بينما يبلغ هذا المتوسط في الجامعات العربية، ومن بينها جامعة النجاح الوطنية في فلسطين 19 عاما في أول فصل دراسي. وينهي الطالب دراسته في الجامعات العربية عادةً في سن الثانية والعشرين، أي قبل أن يكون الطالب الألماني قد التحق بالجامعة. وقد يستغرق الطالب الألماني عدة سنوات فقط ليكمل الفصل الأول. ويعود ذلك إلى أسباب مختلفة منها التغيرات التي تشهدها الجامعات وكذلك التحاق بعض الطلاب بالخدمة العسكرية أو المدنية.
إن المتقدمين في السن لا يفضلون مغادرة الجامعة وترك الحياة الجامعية التي توفر لهم كافة الظروف المريحة وتشكل المهرب الوحيد من ظروف الحياة الصعبة، فتجد لديهم الرغبة في جعل الجامعة مكان إقامتهم الأبدية. وعندما يضمن هؤلاء الطلاب الراتب الشهري، فإنهم يتوقفون عن زيارة الجامعة وبعد عثورهم على سكن خاص وتعرفهم على شركائهم بالشقة، فإنهم يبدأون رحلة البحث عن وظيفة مريحة وسهلة في الوقت ذاته.
أمور مغرية
ربما يتساءل بعضكم أو حتى جميعكم عما يدفع هؤلاء الطلاب إلى قضاء سنين طويلة على مقاعد الدراسة؟ في هذه الحال ستجدون الجواب السريع والبسيط عند الطلاب أنفسهم وسيحدثونك بكل صراحة عن هذا الموضوع. فبنظرهم هناك الكثير من الأمور التي تغريهم بالبقاء في الجامعة لأطول فترة ممكنة وتوفر عليهم تكاليف الحياة المرتفعة. فمثلا سيتمكن هؤلاء الطلاب من الحصول على تأمين صحي رخيص وسيدفعون ضرائب قليلة وسيتلقون راتب شهري يكفيهم لممارسة الحياة التي تلائمهم. كذلك سيحصلون على بطاقة طالب تخفف عليهم تكاليف النقل والمواصلات.
الأمر مختلف في الجامعات العربية
أما في البلاد العربية، فإن الطالب يسعى رغم صعوبة الظروف الاقتصادية إلى إنهاء دراسته بأسرع وقت ممكن، وذلك ليتمكن من البحث عن وظيفة مناسبة تعيله هو وعائلته. فالحياة الجامعية في الدول العربية صعبة جدا، إذ أن الأقساط الجامعية مرتفعة ووكذلك تكاليف المواصلات وأجور والسكن والمصاريف اليومية. علاوة على ذلك، لا يحصل طلاب الجامعات العربية على مساعدات حكومية إلا في بعض الحالات الخاصة التي لا يستطيع بعض الطلاب في ظلها الالتحاق بالجامعات بسبب ظروفهم الاقتصادية الصعبة. أما في ألمانيا، هذه البلد المليئة بالمشاكل والقلق وهموم الحياة المتنوعة، فهناك يوجد حياة طلابية سهلة خالية من أي تعقيدات ومن أي تكاليف تُذكر وتعمل على إغراء الكثيرين وجذبهم إليها ورغبتهم في عدم مفارقتها.
الخميس مارس 22, 2012 2:09 am من طرف الكنج