"السلام ولا للأسلحة": إنه الشعار الذي ترفعه حركة سلام نشيطة في الجامعات الألمانية ، والتي تطالب بالحفاظ على استقلالية القطاع العلمي، وإقفال المختبرات العلمية أمام الأبحاث العسكرية.
موازاة لسباق التسلح الذي وصل ذروته أثناء الحرب الباردة، أطلقت الجامعات الألمانية مبادرة فريدة من نوعها أخذت اسم "البند المدني"، عبره تعهدت بعض الجامعات بتكريس مجال الأبحاث لأغراض سلمية فقط، أي أنها تلتزم بإغلاق مختبراتها أمام برامج تطوير الأسلحة. وكانت جامعة بريمن أولى الجامعات الألمانية التي أعلنت تبنيها لهذا البند عام 1986، قبل أن تنضم إليها جامعات ألمانية أخرى.
وتحول هذا البند بعد ذلك إلى حركة فاعلة حتى يومنا هذا، وفي هذا الإطار حاور موقع دويتشه فيله كتارينا ساس، المتحدثة عن فريق العمل المسؤول عن حركة "البند المدني"، حول أهمية استغناء الجامعات الألمانية عن أبحاث التسلح، خصوصا في وقتنا الحاضر.
DW عربية: منذ أزيد من عقدين، يتم داخل الجامعات الألمانية العمل بما يسمى بـ"البند المدني"، فما أهمية هذا البند اليوم؟
لقد تم تبني هذه البنود لأول مرة في خمسينيات القرن الماضي، في مراكز تطوير الطاقة النووية الواقعة في مدينة كالسرووا. بعدها انتشرت تلك البنود في عدد من الجامعات خصوصا في العقدين الأخيرين. وبعد انتهاء الحرب الباردة اعتقد الجميع أن الحاجة إلى السلاح ستتقلص إلى أدنى مستوياتها، في حين ظهرت حركة معاكسة تحاول ضم الجامعات إلى مجال أبحاث التسلح، الأمر الذي أدى قبل عامين إلى تأجيج حركات مناهضة داخل الجامعات لهكذا توجه.
هل من الممكن في مجال الأبحاث التفرقة بين الأشياء ذات أغراض سلمية وأخرى ذات أغراض عسكرية؟
من المؤكد، أن أي اختراع يمكن استغلاله في المجال العسكري، حتى وإن كانت وظيفته الأولى ذات طابع سلمي. لكن، هناك ما يسمى بالأبحاث ذات "الأهداف المزدوجة"، بمعنى أنها تخدم الجانب العسكري والمدني على حد سواء، وهذا ما يميز تلك الأبحاث وبوضوح عن غيرها. ولهذا نرفض هذه الأبحاث بشكل مطلق. لا نريد أن يكون للبرامج العسكرية نصيب الأسد عند بلورة خطة الأبحاث. نحن نريد أن تصبح التجارب بعيدة عن أي مخطط أو هدف عسكري.
كيف يتم استغلال مشروع أبحاٍث عسكريا؟
يمكن أن يحدث هذا في جميع الاختصاصات، بما فيها العلوم والهندسة، خصوصا إذا ما تعلق الأمر بمجال تطوير الأسلحة. لكن أيضا في مجال علم الاجتماع يمكن تطوير استراتيجيات عسكرية. ويتعلق الأمر بالأساس بمن يقف وراء المشروع وبمن يموّله، وأيضا من أي منظور يتم تناوله.
هل " البند المدني" ظاهرة ألمانية صرفة، أم أن هناك جامعات أجنبية أخرى تبنت الظاهرة ذاتها؟
أعتقد أن ألمانيا وبسبب تاريخها النازي لها مسؤولية تاريخية للسعي وراء السلام في العالم. وهذا ما يفسر وجود بند في الدستور الألماني ينص على ضرورة استقلالية المجال العلمي. أما على المستوى الدولي، فهناك مجهودات دولية مشتركة. وفي هذا الإطار وقّع عالم اللسانيات الحائز على جائزة نوبل نعوم تشومسكي ومحافظ مدينة هيروشيما على نداء دولي، لحث الجامعات على دمج "البند السلمي" ضمن ميثاق العمل الخاص بها. وعلى سبيل المثال نجد في الولايات المتحدة الأمريكية، أن المجال العلمي يموَّل من قبل وزارة الدفاع (البنتاغون).
منذ سنتين وأنتم تناضلون في جامعة مدينة كولونيا من أجل "البند المدني"، إلى أي مدى وُفقتم في نشاطاتكم؟
قبل عام ونصف نظمنا في جامعة كولونيا استفتاءا، صوت فيه ثلثا الطلاب تأييدا لهذا البند. ونحن الآن بصدد جمع توقيعات العاملين داخل المؤسسة الجامعية بمختلف فروعها، ومن أجل ذلك دخلنا في صراع مع إدارة الجامعة، ولن نستسلم. وفي شهر مايو القادم، سينظم على المستوى الوطني أسبوع "البند المدني" تحت شعار "الجامعات تدعم السلام- لا للأبحاث العسكرية ونعم "للبند المدني"". وسيتم عقد ندوات حول هذا الموضوع.
صرح مؤخرا وزير الدفاع الألماني توماس ديمزيار، أنه -وعلى حد علمه- لا توجد للجامعات الألمانية مشاركة فكرية حول موضوع الحرب والسلم، الأمر الذي أدى إلى نقاش حاد بين مختلف أطياف المجتمع حول السياسية الأمنية كمنتوج علمي، كيف قرأتم هذا النقاش؟
طرحُ وزير الدفاع الألماني واضح تماما، هو يطالب الجامعات بالمشاركة في الأبحاث العسكرية وتطوير استراتيجيات للحروب الدائرة ، مع مراعاة المصالح الألمانية. هو يطالب بما نرفضه، وهو التأثير على الجامعات من قبل رجال السياسية والصناعة. وعلى سبيل المثال هناك اتفاق بين شركة باير وجامعة كولونيا، وهو ما نتابعه بعين من ريبة. نتمنى أن ينضم المزيد من الناس إلى حركتنا.
الخميس مارس 22, 2012 10:19 am من طرف الكنج