شهدت الثكنة العسكرية في مدينة أمسفورد بوسط هولندا الأربعاء افتتاح أول مسجد للجنود والعاملين المسلمين في الجيش الهولندي، في خطوة رأى مراقبون أنها تأتي في إطار تطور مشاركة المسلمين في الحياة العامة.
وحضر افتتاح المسجد الذي يسع حوالي مائة مصلٍّ، مرشدون للعناية الروحية في الجيش الهولندي وقيادات عسكرية ومسلمون عاملون بالثكنة وفعاليات من المجتمع المسلم وممثلون عن تنسيقية المسلمين مع الحكومة الهولندية.
وقد صحب تعيين المرشدين الروحيين في الجيش الهولندي في 2009 جدل سياسي ومساءلة برلمانية لكاتب الدولة للدفاع في حينه، خاصة بعد رفض حزب الحرية الذي يتزعمه خيرت فيلدرز أمر التعيين من أصله، ومحاولة تدخل بعض الأحزاب الأخرى في الأسماء المعينة.
قانون
ويعطي القانون الهولندي المؤسسات الدينية حق اختيار من تراه مناسبا لمهمة الإرشاد الروحي، وهو ما جعل مجلس تنسيق المسلمين مع الحكومة يقترح للمهمة الإمام علي الداودي ذا الأصول المغربية، والمرشد الروحي سعاد عابدين ذا الأصول التركية.
ويبلغ عدد العاملين في مجال العناية الروحية في الجيش الهولندي 150، يتنوعون بين قساوسة وحاخامات، قبل أن ينضم إليهم في 2009 مرشدان روحيان مسلمان.
وأوضح كبير المرشدين الروحيين في الجيش الهولندي العقيد علي الداودي أن دورهما كمرشدين هو توفير حاجة المسلمين الدينية والنفسية للعاملين في وزارة الدفاع الهولندية، من أماكن للصلاة وإقامة الجنائز وتوفير الأطعمة الحلال وإرشاد الناس وتوضيح الإسلام وثقافته للجيش الهولندي.
وقال الداودي على هامش افتتاح المسجد -للجزيرة نت- "لقد نجحنا في إثبات وجودنا وتحقيق الجزء الأكبر مما هو منوط بنا كمرشدين"، مبينا أن المسجد أسهمت في تهيئته أطراف من داخل وخارج الثكنة.
وحول دلالة هذا الإنجاز، قال الداودي "لا نستطيع أن نقرأ هذا الإنجاز إلا في إطار المرحلة التي وصل إليها المسلمون في المشاركة في الحياة العامة".
أما الأستاذ الدكتور المختص في تاريخ الإسلام بيتر سيورد فان كونينغسفيلد، فقد أعرب في كلمته عن أسفه لأن تتحول الأفراح إلى جدل سياسي في كل مرة من قبل بعض المتطرفين، في إشارة إلى تصريحات فيلدرز المعادية للإسلام، معتبرا هذه الخطوة متقدمة وتعبر عن طبيعة المرحلة التي تعيشها الأقليات المسلمة في أوروبا وهولندا على سبيل الخصوص.
وقال الدكتور إنه قبل هذا المسجد لم تشهد هولندا مساجد في الثكنات سوى بعض المصليات الصغيرة جاءت في ظروف خاصة وارتبطت بطلبة أو جنود قادمين من المستعمرات الهولندية مثل إندونيسيا.
حاجة المسلم
ومن جهته، قال المرشد الروحي والإمام في الجيش الهولندي، سعاد عابدين في خطبته التي ألقاها بمناسبة الافتتاح إن المسجد سيكون مرآة عاكسة لوجود المسلمين في الجيش الهولندي وسيعبر عن هويتهم الدينية، وأضاف أن المسجد سيكون فرصة ليتعرف الجنود الهولنديون والموظفون في الثكنة عن قرب على طقوس المسلمين التعبدية وشعائرهم الدينية.
وتابع عابدين أن المسجد سيقوم بأدوار ثقافية وسيكون مكانا لإحياء الاحتفالات بالمناسبات الدينية، قائلا إنه أثناء حديثه كمرشد روحي مع الجنود والعاملين في وزارة الدفاع يقفز إليه دائما السؤال عن مكان أداء الصلوات واتجاه القبلة. وأضاف عابدين أنه يشعر بالفخر وهو يؤم أول صلاة في هذا المسجد.
وقد بني المسجد على نموذج المساجد التركية وكتبت على جدرانه آيات قرآنية وأسماء الله الحسنى بخطوط عربية شدت الحاضرين، لكنه لم يحتو على منارة أو قبة خارجية.
ولا توجد إحصاءات دقيقة لعدد المسلمين في الجيش الهولندي، لكن تقديرات تتحدث عن ثلاثة آلاف مسلم في مؤسسة عسكرية تضم 60 ألف شخص، في بلد يمثل المسلمون فيه نحو 6.5% من إجمالي السكان البالغ 16 مليونا.
الأربعاء مارس 21, 2012 3:30 am من طرف الكنج