أثارت التقارير التي نشرتها وسائل إعلام أوروبية عن تلقى وحدات من الأمن السعودي والبحريني تدريبات في بريطانيا انتقادات واسعة، خاصة وأن حقوقيين يرون أن هذه التدريبات ساهمت في قمع الحركات الاحتجاجية في مملكة البحرين.
فيما تعهدت مجموعة الدول الثماني بتقديم عشرات المليارات من الدولارات كمساعدات لتونس ومصر وأبقت على احتمال تدفق المزيد لدعم الربيع العربي والديمقراطيات الجديدة التي نتجت عن انتفاضات شعبية، تكشف التقارير أن نفس هذه الدول قدمت أسلحة ومعدات وتدريبات لعناصر أمنية، استعملت لقمع تلك الانتفاضات. إذ كشفت صحيفة "ذي أوبزرفر" البريطانية الأحد أن المملكة المتحدة تدرب قوات "الحرس الوطني السعودي" ـ التي نُشرت مؤخرا خلال الاحتجاجات في البحرين ـ على تدابير الحفاظ على النظام العام واستخدام بنادق القنص.
وتقول كاي ستيمان، من "حملة مكافحة تجارة السلاح" ومركزها العاصمة البريطانية لندن، في حوار مع دويتشه فيله: "ما نعلمه أن الآليات السعودية التي تم إرسالها إلى البحرين –في إطار قوات درع الجزيرة- هي من صنع بريطاني. وهناك معلومات تقول إن بعض الضباط المشاركين في هذه العملية قد تم تدريبهم من قبل هيئات بريطانية".
وأكدت وزارة الدفاع البريطانية، في رد على أسئلة قدمت بموجب قانون حرية تداول المعلومات، أن بريطانيين يعطون دورات تدريبية منتظمة لقوات الحرس الوطني السعودي على "الأسلحة والمهارات الميدانية والمهارات العسكرية العامة، بالإضافة إلى التعامل مع الحوادث، وتفكيك المتفجرات والبحث وحفظ النظام العام والتدريب على عمليات القنص". وكشف الرد الذي تلقته الصحيفة من وزارة الدفاع أن بريطانيا ترسل ما يصل إلى 20 فريقاً للتدريب إلى المملكة سنويا، وتتكفل المملكة بجميع نفقات أفراد الفرق بالإضافة إلى نفقات الإعاشة والتنقل.
كما كشفت صحيفة اندبندنت اليوم الاثنين أن بريطانيا استمرت في تدريب ضباط الجيش البحريني في أكاديمية ساندهيرست العسكرية بعد أشهر من قيام الدول الخليجية بقمع المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية.
من ناحية أخرى، كشفت تقارير إعلامية ألمانية أن الشرطة الألمانية تولت هي الأخرى تدريب عناصر أمن سعوديين، وقالت مجلة "فاكت" إنها اطلعت على وثائق سرية تفيد أن مجموعة الفضاء والدفاع الجوي الأوروبية EADS حصلت على مشروع بمليارات الدولارات لبناء منظومة تأمين الحدود السعودية لقاء تولي الشرطة الألمانية تدريب عناصر من الأمن السعودي، وقالت المجلة إن هذا التدريب تركز على "الأوضاع الاستثنائية"، لاسيما كيفية التعامل مع المظاهرات والاضطرابات الداخلية. بيد أن وزارة الداخلية الألمانية أكدت أن المشروعين غير مرتبطين يبعضهما البعض.
تعاون قَمَعَ الثورات
وتقول كاي ستيمان، الناشطة في مجال مكافحة تجارة الأسلحة، إن هذه التدريبات والمعدات لعبت دوراً في قمع الانتفاضة الشعبية في عدد من دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط وأضافت "إن الحكومات الغربية ساهمت بشكل أو بآخر في قمع الثورات العربية من خلال تعاونها مع أنظمة قمعية". وكان وزير الدفاع البريطاني نيك هارفي قد أكد للبرلمان البريطاني في الأسبوع الماضي أن القوات المسلحة البريطانية دربت قوات الحرس الوطني السعودي. وأضاف الوزير البريطاني أنه "من المحتمل أن بعض أفراد الحرس الوطني السعودي الذين تم نشرهم في البحرين ربما يكونوا قد تلقوا دورات تدريبية على يد البعثة العسكرية البريطانية". وأشارت الصحيفة أن التأكيد على أن التدريب تركز على حفظ النظام الداخلي في المملكة ربما يكون محرجاً للحكومة البريطانية.
وعلقت كاي ستيمان على ذلك بالقول :"إننا لم نفاجئ بهذه التقارير، فالبيانات تؤكد أن الأسلحة وأساليب القمع المصدرة إلى دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط قد تضاعف خلال السنتين الماضيتين، فبريطانيا لها علاقات وثيقة بالسعودية لاسيما في مجال تجارة الأسلحة. ويعتبر التدريب الذي تقدمه هيئات بريطانية لقوات الحرس الوطني السعودي جزءاً من ذلك التعاون".
ونقلت "ذي أوبزرفر" البريطانية عن نيكولاس جيلي من "حملة مكافحة تجارة السلاح" قوله إن "الدور المهم الذي تضطلع به بريطانيا في تدريب أفراد الحرس الوطني السعودي لحفظ الأمن الداخلي على مدار أعوام مكن القوات السعودية من تطوير أساليب للمساهمة في قمع الانتفاضة الشعبية في البحرين". وذكرت الصحيفة أن محللين يعتقدون أن الأسرة الحاكمة في السعودية تستميت في تدعيم موقفها في المنطقة من خلال الحفاظ على الأنظمة القائمة في الخليج التي ستساهم في مراقبة القوة المتنامية لإيران.
الأربعاء مارس 21, 2012 2:58 am من طرف الكنج