رغم الاضطرابات التي شهدتها مصر مؤخرا، إلا أنها اختيرت في بورصة برلين للسياحة هذا العام كضيف شرف في إشارة للتأكيد على مكان هذا البلد داخل المنظومة السياحية العالمية من جهة، وعلى أهمية السوق العربية الواعدة من جهة أخرى.
أحتفت بورصة برلين الدولية للسياحة المعروفة باسم (ITB برلين) هذا العام بدول الربيع العربي، وتحديدا بمصر،التي اختيرت ضيفا شرفيا للمعرض، وذلك نظرا "لوزنها داخل المنظومة السياحية الدولية"، ولكونها ستظل وللأبد "مقصدا سياحيا عالميا وغنيا". وقد انطلقت فعاليات معرض بورصة برلين للسياحة يوم الأربعاء ( السابع من شباط/ آذار 2012) بمشاركة أكثر من 10 آلاف عارض من 187 دولة، وبحضور عربي مهم. ويتم التركيز في هذه الدورة على السياحة في البلدان العربية، ليس فقط لما تشهده هذه البلدان من تحولات سياسية واجتماعية عميقة بفضل ما بات يعرف بالربيع العربي، وإنما لأن المنطقة العربية تعتبر من أكثر دول العالم نموا في قطاع السياحة.
السوق الخليجية
وتمثل الدول الخليجية، كالسعودية، وقطر والإمارات العربية وغيرها، مثالا رائدا لهذا النمو. إذ سجلت منذ عام 2000 زيادة في عدد الوافدين السياح إلى أراضيها من أربعة وعشرين مليون سائح إلى ستين مليون. وإذا كانت السياحة في السعودية، مرتبطة بالعامل الديني، أي بمناسك الحج والعمرة، فإن السلطات السعودية تسعى إلى تطوير إستراتيجية في القطاع السياحي، تستقطب سياحا من خارج إطار السياحة الدينية. وفي هذا السياق، صرح أسامة الشبكشي سفير المملكة العربية السعودية في ألمانيا، بأن "تنمية القطاع السياحي يدخل في إطار إستراتيجية اقتصادية متنوعة، تنتهجها المملكة، من أهدافها تطوير البنية التحتية والعروض المقدمة في القطاع السياحي"، على أن لا يتعارض ذلك "مع قيم وثقافة المجتمع السعودي، ويخلق فرص عمل جديدة". ويتوقع السفير السعودي في ألمانيا، أن تتضاعف نسبة السياح في بلده إلى خمسة وأربعين مليون سائح سنويا. يشار إلى أن السعودية تنوي ضخ حوالي ثمانين مليار ريال سعودي (ما يعادل 16 مليار يورو) في القطاع السياحي ضمن خطة تشمل برنامجا تأهيليا لأكثر من مليوني سعودي للعمل في هذا القطاع.
خطط واعدة
وتتبنى دول خليجية أخرى سياسات مماثلة، باعتبار أن كل التوقعات تشير إلى نمو مطرد لهذا القطاع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، قد يصل سنويا إلى 4,6 % بالمائة في العقدين القادمين، الأمر الذي يعني أن دول المنطقة أمام تحديات جمة، وفي الوقت ذاته أمام فرص هائلة يجب استثمارُها. وعلى خلفية بورصة برلين للسياحة، أشار الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية طالب الرفاعي، إلى أن القطاع السياحي سيتيح مستقبلا "العديد من فرص العمل، خصوصا للشباب وللفئات التي تعاني من التهميش بما فيها، تلك التي تسكن الأرياف". مضيفا أن السياحة قطاع "يحمل فرص العمل إلى الناس، حيث هم يقطنون، وليس العكس".
لكن ضريبة الربيع العربي، دفعتها الدول التي شهدت ثورات كمصر على سبيل المثال، التي سجلت 2011 تراجعا حادا في عدد السياح، بلغ الثلث (من خمسة عشر مليون إلى عشرة ملايين). وسُجل تراجع مماثل في تونس، وإن كان عدد السياح الأوروبيين في ازدياد ملحوظ منذ بداية العام الجاري. وفي شمال إفريقيا، يتم مراقبة تطور قطاع السياحة في دول الخليج بعين من الريبة، لأن الوضع في شمال إفريقيا لا يحتمل المنافسة، بقدر ما هو بحاجة إلى الدعم، بما في ذلك تشجيع السياح العرب لزيارة دول الثورات. ما دعا وزير السياحة المصري منير فخري عبد النور إلى توجيه رسائل إلى دول الخليج مفادها، أن الدعم العربي لا بد أن يتحول إلى أفعال لا إلى كلمات فضفاضة فقط.
الخميس مارس 22, 2012 10:30 am من طرف الكنج