اعتقلت الأجهزة الأمنية الإسبانية في إقليم الباسك ونافارا شمال البلاد خمسة مواطنين يحملون الجنسية الجزائرية بتهمة التعاون مع منظمات إرهابية في المغرب العربي. وتعتبر من عمليات الاعتقال النادرة في أوروبا في أعقاب انفجار الربيع العربي، إذ يسود الاعتقاد في احتمال تراجع تطرف جزء من الجاليات العربية في أوروبا نتيجة الثورات الديمقراطية في العالم العربي
ووقعت الاعتقالات فجر أمس الثلاثاء في كل من بامبلونا وبيريوزار وإيرون وليغوريتا وشملت خمسة أشخاص تتراوح أعمارهم ما بين الثلاثينات والأربعينات واحتمال اعتقال آخرين بحكم استمرار التحقيق الذي تشرف عليه المحكمة الوطنية في العاصمة مدريد التي تتولى ملفات الإرهاب.
وتؤكد وزارة الداخلية تورط المعتقلين في أنشطة إرهابية عبر انتمائهم لشبكة توفر الدعم المالي لجماعات إرهابية متواجدة في المغرب العربي وهي تنظيم المغرب الإسلامي علاوة على استقطاب أفراد لهذه الجماعات. وزير الداخلية أنتونيو كاماتشو أكد التنسيق مع فرنسا وإيطاليا نظرا لارتباط المعتقلين بخلية جرى تفكيكها في إيطاليا مؤخرا.
وفي انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات القضائية، فعملية اعتقال المواطنين الجزائريين الخمسة تعتبر من عمليات الاعتقال القليلة بل والنادرة التي حصلت في الدول الأوروبية في أعقاب انفجار الثورات من أجل الديمقراطية في يناير الماضي.
وكانت الدول الأوروبية قبل هذا التاريخ تشهد بين الحين والآخر اعتقال في دولة من الدول الأعضاء. ويسود الاعتقاد سواء لدى الباحثين في علم الاجتماع والأجهزة الأمنية والاستخباراتية بوجود تأثير للربيع العربي على الجاليات الإسلامية وبالأخص العربية في الدول الأوروبية نحو التخلي عن التطرف والرهان على الاندماج. وتتابع بعض مراكز الدراسات الاستراتيجية كيفية تأثير الربيع العربي على الجاليات العربية في دول الاتحاد الأوروبي، حيث يسود الاعتقاد أن انتشار الديمقراطية في العالم العربي وبروز شخصيات تدافع عن الديمقراطية وتراجع التطرف في صفوف الحركات الإسلامية بل وعدم لعبها دورا رئيسيا في الثورات في العالم العربي يحمل في طياته انعكاسات إيجابية على هذه الجاليات.
وتعتقد أنه كما لم يكن لتنظيم القاعدة ورحيل زعيمه أسامة بن لادن في مايو الماضي أي تأثير على مسار الثورات الديمقراطية، فجزء من الشباب العربي المهاجر الذي كان يؤمن بالأطروحات الدينية المتطرفة بدأ يصبح أكثر اعتدالا.
ولعل المعطى الدال على هذا التطور السياسي هو التراجع الكبير في صفوف الاعتقالات خلال الشهور الأخيرة. ففي حالة اسبانيا لم تتعدى الاعتقالات حتى الآن ستة أشخاص في عمليتين بما فيها عملية أمس بينما كان عدد المعتقلين السنة الماضية قرابة 30 والسنة التي سبقته أكثر، علما أن أغلبية المعتقلين يفرج عنهم بعد التحقيق. والتراجع المسجل في اسبانيا في صفوف المشتبه فيهم بالانتماء الى جماعات اسلامية متطرفة يسجل كذلك في معظم دول أوروبا مثل فرنسا وإيطاليا.
ونشرت جريدة 'لفنغورديا' الإسبانية خلال الأيام الماضية مقالا تحليليا تبرز فيه تراجع القاعدة في أوروبا ولكنها في الوقت نفسه تحذّر من استمرار خطرها عبر مجموعات صغيرة للغاية قد لا تتعدى انتحاري أو بضع أشخاص تفاديا للمراقبة الأمنية