"المانيا بلد الأفكار الخلاقة" شعار يطبقه العلماء في معاهد البحث ومختبرات التجريب. لكن بعض اختراعاتهم التي غيرت مجرى الحياة لم تزين بشعار "صنع في ألمانيا"، بل قامت شركات خارج ألمانيا بتصنيعها وتسويقها بنجاح.
لا شك أن للألمان فضل كبير على البشرية في الكثير من الاختراعات في مختلف مجالات العلوم النظرية والتطبيقية. ونادرا ما يأتي الذكر على اختراع ما دون أن يكون بشكل أو بأخر مقترنا باسم معهد أو مخترع ألماني. ولسنا هنا بصدد الحديث عن العلماء والمخترعين الألمان، لأنهم كثيرون ليس أولهم يوهانس غوتبنبيرج مخترع المطبعة، أو هاينريش هيرتس الذي اكتشف وجود الأمواج الكهرومغناطيسية أو آنشتاين صاحب نظرية النسبية، وبطبيعة الحال ليس آخرهم الشاب كارلهاينز براندينبورج مخترع الجهاز المثير للدهشة المعروف بـ إم بي 3 MP3.
لذلك فلا غرابة أن يُطلق على ألمانيا "بلد الأفكار الخلاقة". فلقد كان هذا البلد ومازال في مقدمة البلدان التي تعطي أولوية للبحث العلمي القائم على التجربة والتطبيق العملي في مختلف مجالات العلم والمعرفة، حيث تجتهد الجامعات والمعاهد ومراكز الأبحاث الألمانية التي يصل عددها إلى المئات في إعطاء أولوية للجانب البحثي التطبيقي ضمن مناهجها الدراسية ومشاريع بحوثها العلمية. وتخصص الدولة الألمانية من جانبها ميزانية كبيرة لأغراض القيام بهذه البحوث والاختراعات.
أُخْتِرع في ألمانيا.....
هناك الكثير من الاختراعات التي ولدت في ألمانيا، لكنها صُنعت في أماكن أخرى من العالم. ونذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر جهاز نقل وتخزين وتشغيل الملفات الصوتية المعروف بـ بي إم ثري MP3، ومحركات السيارات (هيبريدموتور) Hybridmotor وجهاز الفاكس وكذلك تقنية أجهزة التلفزيون والبث التلفزيوني الملون وغيرها وغيرها. هذه الابتكارات التي قام بها مهندسون ألمان وتم إجراء التجارب عليها في المعاهد الألمانية شكلت ثورة في مجال التكنولوجيا العصرية وغيرت مجرى الحياة، لكن وبمثل ما هناك اختراعات ألمانية تحولت إلى منتج في السوق العالمية يحمل ماركة " صنع في ألمانيا"، بقدر ما هناك اختراعات ألمانية رأت النور في "بلد الأفكار الخلاق"، لكنها طُبقت في أماكن أخرى من العالم، وخرجت إلى الواقع العملي كمنتج في السوق من قبل شركات عالمية أخرى. وذلك يرجع إلى عدة أسباب منها ارتفاع تكاليف الإنتاج في ألمانيا وحاجة الشركات إلى التقليص المستمر للنفقات لكسب معركة المنافسة في السوق العالمية.
....وصنع في خارجها
على سبيل المثال استفادت مثلا شركة ابل Appleالأمريكية من الاختراع البديع المعروف بـ إم بي 3 والذي غزا عالم الموسيقى وصار معلقا على صدور الملايين من الشباب وفي حقائبهم، حيث استطاعت الشركة الأمريكية بفضل هذا الجهاز السحري أن تبيع أكثر من ملياري أغنية مدمجة عن طريق صفحة البيع على موقعها على شبكة الإنترنت محققة بذلك أرباحا بلغت عام 2006 حوالي مليار وثلاثمائة مليون دولار. ويحصل معهد فراونهوفر في مدينة ايرلانجن الألمانية الذي ساهم بالجزء الأكبر في تطوير جهاز إم بي 3، على عائدات بالملايين مقابل بيع التصاريح الخاصة بحقوق الملكية. إلا أن ذلك يعد مجرد شيء بسيط جدا مقارنة بما تجنيه الشركات العالمية التي تسوق هذا الجهاز، مثل شركة ابل وميروسوفت وغيرها من الشركات التي تعتمد على جهاز ام بي 3 في توزيع منتجاتها.
كذلك هو الحال بالنسبة لمحرك السيارات (هيبريد موتور) الفريد والذي يعد الأول من نوعه الذي يعمل بالوقود والكهرباء والذي يقوم بالتغيير التلقائي بين الوقود والكهرباء. بداية فكرة هذه التكنولوجيا تعود في الأساس إلى عام 1973 حيث قام مهندسون من جامعة آخن الألمانية للتقنية بإدخال تعديلات على محرك سيارة فولكسفاجعن بوللي. وبفضل هذه التقنية استطاعت شركة تويوتا اليابانية أن تكون رائدة في السوق في هذا المجال، بينما يحاول صناع السيارات الألمان التكتل لمنافسة العملاق الياباني في هذا المجال.
كذلك كان تطوير أول جهاز تلفزيوني بتقنية الكترونية كاملة من قبل الألمانيين سيجموند لوفا ومانفريد فون ارديننا في عام 1931 ، تلا ذلك اختراع تقنية البث التلفزيوني الملون على نظام "بال" PAL من قبل مهندس شركة الكهربائيات العامة AEG، فالتر بروخ عام 1963. هذا الاختراع العبقري، الذي غير مجرى البث التلفزيوني استفادت منه شركات عالمية ظهرت في السوق وفاقت في قدراتها التصنيعية والتسويقية الشركة الألمانية الأم التي طورته.
الخميس مارس 22, 2012 10:31 am من طرف الكنج