لموضوع الرئيسي الذي شغل حيزا كبيرا في تعليقات الصحف الألمانية والأوروبية هو الوضع السوري على ضوء الاستفتاء على مشروع دستور جديد للبلاد، وُصف محليا بأنه وسيلة تمهد لحل سياسي، فيما اعتبرته صحف أجنبية "حيلة" سياسية.
صحيفة ديرتاغسشبيغل الصادرة في برلين افتتحت تعليقها، وكتبت على ضوء العقوبات الأخيرة التي فرضتها دول الاتحاد الأوروبي الثلاثاء (28 فبراير/ شباط) على مسئولين مقربين من الرئيس السوري:
"إلى متى يريد العالم التفرج على قيام نظام الرئيس السوري بشار الأسد بإطلاق الرصاص على مواطنيه، وتعذيبهم ودفنهم تحت الأنقاض؟ بعد حوالي عام على انطلاق الانتفاضة، وبعد مقتل أكثر من 6000 من الأشخاص، ونظرا للامبالاة التامة للنظام يصبح من الصعب تحمل هذا التفرج. ألم يزكي المجتمع الدولي نفسه عما قريب بتأكيده أن نظام قانون الشعوب الجديد المنضوي تحت لواء "مسئولية الحماية" لم يعد يسمح بهذا النوع من العنف ضد الشعب ولا يبرر فقط تدخلا عسكريا، بل يستوجبه؟ الجواب البسيط والأخلاقي هو: بالطبع، يجب على العالم أن يقوم بما هو أكثر من محاولة إضعاف النظام من خلال فرض عقوبات.
وفيما يخص المعارضة السورية المنقسمة في توجهاتها للتعاطي مع الأوضاع المتدهورة داخل البلاد، تابعت ديرتاغسشبيغل تقول:
"بدون تدخل أجنبي سيتمكن الأسد من البقاء لوقت أطول في السلطة. لكن يجب أولا على المعارضة أن تتوحد سياسيا، وتعلن بوضوح عن رغبتها في تدخل أجنبي. كما يجب عليها أن تتعاون مع الجيش السوري الحر، كي يصبح البديل للنظام حقيقة ملموسة. ليس أمامها وقت طويل، وإلا ستتولى مجموعات راديكالية القيادة. وُتعلق كل الآمال على المدى القريب على مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، كوفي عنان الذي يجب عليه في الوقت الراهن إقناع روسيا للوصول سريعا إلى وقف لإطلاق النار والموافقة على تقديم المساعدة الإنسانية".
صحيفة زوددويتشه تسايتونغ اهتمت في تعليقها بالاستفتاء الأخير حول مشروع دستور جديد لسوريا، وكتبت تقول:
"يراد من الدستور الجديد إظهار دليل على إرادة الإصلاح. لكن كل شيء يقوم به رئيس سوريا بشار الأسد يقابل بالرفض. فالمعارضة تكرر طرحها، وتقول إنه يجب على الحاكم أن يتنحى. والمجتمع الدولي ينضم إلى هذه الأصوات، ويشجب الرئيس السوري كرجل دولة فقد شرعيته. أما وسائل الإعلام فإنها تلتقط تلك البنود في الدستور التي يمكن عرضها كشهادة تهليل للأسد من أجل 14 عاما إضافية في السلطة.
وتابعت الصحيفة تعليقها بإصدار حكم على ما آلت إليه الأوضاع في سوريا التي فقدت، حسب الأمم المتحدة أكثر من 7.500 من مواطنيها، وكتبت تقول:
"الأسد سيفسر الدستور على أنه دعوة لمواصلة سياسته الدموية. هو لا يريد فهم أن تنحيه بات شرطا لوقف إراقة الدماء. فقط على هذا النحو ُتتاح الفرصة لجمع النظام والمعارضة على طاولة واحدة. وربما هو يدرك أيضا أن الوقت تأخر جدا لأية مصالحة، وأن النزاع في سوريا لن يشهد في النهاية سوى منتصر ومهزوم. وسيظهر في المستقبل إلى أية مجموعة سينتمي الأسد".
صحيفة نوييس دويتشلاند سلطت الضوء هي الأخرى على الاستفتاء حول مشروع الدستور الجديد في سوريا، وكتبت تقول:
"دول الاتحاد الأوروبي أعلنت الاستفتاء السوري قبل حصوله على أنه حيلة... ففي المناطق والمدن التي تعم فيها ولو جزئيا ظروف حرب لا يمكن تنظيم انتخابات حرة. وعليه فإن فكرة الأسد تأتي خارج الزمن...لأن المشروع يحتوي ببنوده حول الأحزاب والانتماءات الدينية على مكونات تدخل في الغرب في المفهوم الديمقراطي والحداثي تتجاوز ما هو موجود لدى الجيران العرب. فأقوى الأعداء لسوريا، وبينهم قطر والعربية السعودية ليس فيها لا أحزاب ولا حرية الأديان، ناهيك عن وجود دستور. لكن هذا لا يغير شيئا في حقيقة أن محاولة الأسد في ممارسة الديمقراطية تأتي متأخرة بعقد من الزمن على الأقل".
صحيفة لو كوريي بيكار الفرنسية كتبت عن الوضع في سوريا ومشروع الدستور المثير للجدل:
"كيف يمكن الثقة في هذه الديمقراطية الزائفة، عندما يتم قمع السكان، وعندما لا توزع البطاقات الانتخابية بشكل سليم، وعندما نرى صناديق مليئة تدخل مكاتب الاقتراع؟ بفقدان البصيرة بسبب السلطة يختلق هؤلاء الحكام لأنفسهم من خلال بعض مكاتب الاقتراع ضميرا نظيفا... إنهم لا يستوعبون أن المصداقية الوطنية والدولية رهينة أولا بالسلام. لكنهم يعرفون ذلك تماما، وهذا أمر فيه استهزاء ومأساوية ولا يمكن تحمله".
صحيفة تايمز اللندنية كتبت تعليقا تحث فيه تركيا على تصعيد الضغوط على سوريا:
"إنه واضح تماما أن الاستفتاء في سوريا در رماد على العيون... ليس فقط الأوروبيين يريدون وقف إراقة الدماء. حتى تركيا تحاول تقوية صفوف المعارضة المنقسمة في سوريا. حقيقة أن الحكومة التركية تنتمي إلى مجموعة المنتقدين الأشداء للعنف في البلاد، لكنها عملت إلى حد الآن بعناية على عدم الانجرار في دوامة الأحداث. غير أنه وجب على تركيا الانضمام إلى شركائها في الحلف الأطلسي وتصعيد الضغط على سوريا. فقط العمل السريع هو الذي من شأنه حماية مواطني سوريا من جنود الأسد القتلة".