ترتكز السياسة الخارجية الفرنسية على تقليد ديبلوماسي قائم منذ عدة قرون، وعلى بعض المبادئ الأساسية:
حق الشعوب في تقرير مصيرها، واحترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية، واحترام دولة القانون والتعاون بين الأمم. وفي هذا الإطار، حرصت فرنسا على الحفاظ على استقلالها الوطني دون أن تكف عن العمل على تنمية أشكال من التضامن الإقليمي والدولي.
البناء الأوروبي
منذ عام 1945، بات البناء الأوروبي في قلب السياسة الخارجية الفرنسية. وهناك عدة أسباب رئيسية تفسر هذا التوجه: إعادة استتباب السلام وضمان أمن الدول، و تأكيد الصيغة الديمقراطية للحكم، وبناء مجال اقتصادي ونقدي مندمج من شأنه تحقيق رخاء الشعوب الأوروبية.
ومنذ ذلك الحين، فرنسا لم تتوقف عن العمل من أجل تجسيد وتنمية هذه الركيزة الأوروبية لجعلها قوة اقتصادية ومعلماً سياسياً له شأنه.
وفي كانون الثاني 2007 ، عضوان جديدان، هما رومانيا وبلغاريا،، قدقد إنضما الى الاتحاد الاوروبي
أصبح هذا الاتحاد بعدد أعضائه السبعة والعشرين يشكل التكتل الثالث على صعيد الكرة الأرضية، بنسبة أراض عائمة تبلغ 3% وبنسبة 7,6 % من عدد السكان، و في حيازته ربع ثروات العالم.
فبفضل ناتج محلي خام وصل إلى 10.817 مليارات يورو، أصبح الاتحاد الأوروبي يفوق الولايات المتحدة الأمريكية وآسيا اقتصادياً.
الأمن الدولي
فيما يتعلق بالأمن، ألقت سنوات الحرب الباردة وفترة عدم الاستقرار التي تلتها، بمسئوليات جسام على كاهل الدول الديمقراطية كافة، ومنها فرنسا. وإلى جانب انضمامها لمنظمة حلف شمالي الأطلسي، فإن فرنسا عضو أيضاً في "منظمة الأمن والتعاون في أوروبا "OSCE وفي "الفيلق الأوروبي
وأخيراً، و بما أنها إحدى القوى النووية الخمس، إلى جانب المملكة المتحدة والولايات المتحدة وروسيا والصين، فإنها تعمل على الإبقاء على قوة الردع لديها، وعلى تكيفها مع الحقائق الاستراتيجية الجديدة، آخذة بعين الاعتبار البعد الأوروبي لسياستها الدفاعية، كما أنها تبذل جهداً في سبيل الحظر التام للتجارب النووية والالتزام لصالح التحكم في عمليات التسلح ونزع السلاح.
النشاط داخل منظمة الأمم المتحدة
تسير السياسة الخارجية الفرنسية في إطار احترام أهداف ومبادئ منظمة الأمم المتحدة. فهذه المبادئ والأهداف مطابقة للمثل التي يقوم عليها التقليد الجمهوري الفرنسي. ولم تكف فرنسا منذ عام 1945 عن الدفاع عن هذه المنظمة، فهي رابع ممول لها، حيث وصلت قيمة مشاركتها في الميزانية العادية للأمم المتحدة في عام 2005 إلى 81,36 مليون يورو، هذا بالإضافة إلى 79,89 مليون يورو تعهد بها إلى المؤسسات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة.
وبصفتها عضواً دائماً في مجلس الأمن، شاركت فرنسا بصورة مباشرة في العديد من عمليات حفظ السلام (في الشرق الأوسط وكمبوديا ويوغوسلافيا السابقة وجمهورية الكونغو الديمقراطية وبين أثيوبيا وإريتريا وفي سيراليون، وساحل العاج، وهايتي ، ولبنان…).
وفي عام 2006، وصلت المساهمات الفرنسية في عمليات حفظ السلام إلى 240 مليون يورو. وتساند فرنسا أيضاً العمل الذي تقوم به المنظمة في مجال المساعدات من أجل التنمية، خاصة من خلال مساهمات مالية وتقنية تقدمها للبرامج الرئيسية المكلفة بمكافحة الفقر (PNUD) وحماية الأطفال (UNICEF) ومكافحة الإدمان (PNUCID).
التعاون الدولي
تعتمد السياسة الفرنسية في مجال التعاون الدولي على اتجاهين رئيسيين: التأثير والتضامن.
تتولى الإدارة العامة للتعاون الدولي والتنمية (DGCID) تنفيذ هذه السياسة التي ترتكز على أربعة محاور رئيسية:
المساعدة على التنمية من خلال التعاون
تعتزم فرنسا الإبقاء على جهودها في سبيل التضامن إزاء الدول الأكثر فقراً، فخصصت 9,1 مليار يورو للمساعدات العامة من أجل التنمية في عام2007 . ويمثل هذا المبلغ نسبة 0,5% من الناتج المحلي الفرنسي الخام.
إن الحصة الأكبر من المخصصات الفرنسية الممنوحة للمساعدة من أجل التنمية تكرس للمساعدات الثنائية التي تقدم مباشرة للدول المستفيدة عبر الإدارات الفرنسية أو العاملين لديها في هذا المجال.
وفي عام 2007، ظلت التنمية في إفريقيا ضمن أولويات السياسية الخارجية الفرنسية، وحصة المساعدات الثنائية المخصصة لدول ما دون الصحراء الإفريقية قد بلغت نسبتها 53 %.
تشجيع المبادلات الثقافية واستخدام اللغة الفرنسية
تمتلك فرنسا 144 مؤسسة ثقافية فرنسية في الخارج، متمركزة في 90 دولة، وتمتلك شبكة قوامها 283 رابطة فرنسية Alliance Française.
وتصب سياسة الترويج للغة الفرنسية في صالح 110 مليون دارس لهذه اللغة في 130 دولة، وهي تعتمد على هيئة مكونة من 850 ألف مدرس. وتقوم الوكالة لتعليم الفرنسية في الخارج بتنسيق أنشطة 252 مؤسسة تعليمية فرنسية في العالم.
دعم التعاون العلمي والجامعي
تعتزم فرنسا أن تقدم في - آن واحد - دعماً لعملية تدويل الأبحاث الفرنسية وإعلاماً موسعاً يمتد ليشمل الأنظمة العلمية لشركائها من الدول.
ويعكف مرصد العلوم والتقنيات، إضافة إلى 28 مركزاً فرنسيا للأبحاث مستقرة في الخارج، على تحقيق هذه الأهداف.
وفي مجال التعاون الجامعي، تدير فرنسا 200 فرع فرنكوفوني للتعليم العالي في العالم، وتعزز بصفة خاصة علاقاتها مع شركاء لها، مثل ألمانيا والولايات المتحدة. ومن ناحية أخرى، يتزايد عدد الوافدين من الطلاب الأجانب للدراسة في فرنسا، حيث يصل عددهم حالياً إلى 250 ألف طالب.
كامبوس فرانس ،تحت إشراف وزارة الشؤون الخارجية والأوروبية ووزارة التربية الوطنية تهدف إلى ترويج التعليم العالي الفرنسي في الخارج، وتسهيل استقبال الطلاب والباحثين الأجانب في فرنسا و تنفيذ شراكات مع الجامعات الأجنبية.
تأمين حضور للغة الفرنسية في الإعلام المرئي والسمعي العالمي
يتعزز الحضور الفرنسي في المجال السمعي والمرئي بشكل متزايد في الخارج، في الوقت الذي باتت فيه الحكومة الفرنسية تعطيالأولويةلمساندة الفاعلين الرئيسيين في هذا المجال، مثل قناةTV5 الفرنكفونية أو إذاعة فرنسا الدولية RFI وفرنسا24.France 24 قد أطلقت فرنسا 24 في ديسمبر2006 وهي أول قناة التلفزيون الفرنسية تبث الأخبار بلا انقطاع و نشرها باللغات الفرنسية والإنجليزية والعربية. وهذه القناة يعالج أحداث العالم على أساس نظرة وحساسية فرنسية.
ومن ناحية أخرى، تدعم فرنسا نشر وتوزيع الأفلام السينمائية والوثائقية الفرنسية.
النشاطات في مجال المساعدات الإنسانية
تولي فرنسا مكانة خاصة للعمل الإنساني في سياستها الخارجية، مبدية بذلك وفاء للقيم التي كانت هي نفسها الملهمة لها. فقد لعبت فرنسا بالفعل دوراً رئيسياً في تطوير أعمال الإغاثة والقانون الإنساني الدولي.
وتنفذ المفوضية للنشاطات الإنسانية التابعة لوزارة الشؤون الخارجية والأوروبية قرارات الحكومة بشأن المساعدات الإنسانية في حالات الطوارئ في الخارج. بهذه الصفة تقوم بالتنسيق بين أنشطة شركائها من المؤسسات المختلفة ( الأمن المدني، الصحة، وزارة الدفاع ) ووتقود شراكة مع المنظمات غير الحكومية في حالات الطوارئ والشركات العاملة في مجال العمل الإنساني .
وقد وصلت الأموال المخصصة لهذه النشاطات إلى 8,8 مليون يورو في عام 2007 (أكثر من 10 مليون مع التسهيلات الإضافية) ومن أصل هذا المبلغ الإجمالي، يتم صرف نسبة قوامها 75% على شكل إعانات لمنظمات الإغاثة الفرنسية، غير الحكومية، العاملة في الخارج.
وفي هذا المجال، تساند فرنسا أيضاً الأنشطة التي تقوم بها المنظمات المتعددة الأطراف.
في عام 2006، تم تخصيص 50 مليون يورو لبرامج المنظمات الدولية وكالات الأمم المتحدة العاملة في المجال الإنساني: المفوضية العليا للاجئين (HCR)، صندوق الأمم المتحدة للطفولة (UNICEF)، والبرنامج الغذائي العالمي (PAM)، ومكتب الإغاثة والأشغال لصالح لاجئي فلسطين(UNRWA)، واللجنة الدولية للصليب الأحمر (CICR) ...
وأخيراً، تصل المساهمات الفرنسية في البرامج المنفذة في الإطار الأوروبي إلى ما يزيد عن 100 مليون يورو. فمن خلال الهيئة الإنسانية للمجموعة الأوروبية (ECHO) تقدم فرنسا مساعدات للشعوب المنكوبة التي تتعرض لكوارث طبيعية أو لأزمات سياسية.
المكافحة ضد الإرهاب
وبما أن فرنسا كانت ضحية للإرهاب الدولي، على أرضها كما في الخارج، فقد أظهرت منذ زمن بعيد تصميمها على مكافحة الإرهاب، أياً كان شكله وأياً كان منفذوه.
وتعتبر فرنسا أن مكافحة الإرهاب، دون هوادة، هو عمل يتوجب إتمامه مع الالتزام باحترام حقوق الإنسان والحريات العامة، وهي تملك تشريعاً خاصاً ومحدداً ضد الإرهاب.
إن القرارات الدولية التي اتخذت عقب اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 قد عززت التعاون الدولي ضد الإرهاب.
وتشارك فرنسا مشاركة نشطة في أعمال لجنة الأمم المتحدة للإرهاب المضاد (CCT).
الوجود الفرنسي في العالم
هناك هناك أكثر من مليوني فرنسي يعيشون في الخارج، ونصف هذا العدد من المقيمين وقتياً خارج البلاد (بمعدل إقامة لمدة أربع سنوات) وهم يتشكلون ء بصورة أساسية ء من كوادر وتقنيين يعملون لدى شركات فرنسية، أو موظفين حكوميين أو أعضاء في منظمات إنسانية. وهم موزعون جغرافياً كالتالي:
50،8% في أوروبا، 19،5% في أمريكا، 14،2% في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، 9،3% في الدول الواقعة جنوب الصحراء الإفريقية، 6،3% في آسيا وأوقيانيا،
أما النصف الباقي فيتكون من فرنسيين مقيمين في الخارج بشكل دائم، ويعد من بينهم الفرنسيون الحاملون لجنسية مزدوجة، الذين ازداد عددهم بنسبة 87% ما بين 1984 و2004.
الأربعاء مارس 21, 2012 2:17 am من طرف الكنج