أجرى الكاتب البريطانى المخضرم روبرت فيسك مقابلة مع زعيم حزب النهضة الإسلامى، أكبر الأحزاب السياسية فى تونس، دافع خلالها عن حزبه ضد الاتهامات الموجهة له بأنه يمثل تهديدا للعلمانية فى الدولة التى كانت مهدا للربيع العربى.
ويقول فيسك إن الغنوشى يمضى وقتا كبير فى هذه الأيام فى محاولة لإقناع خصومه أنه كزعيم ومؤسس أكبرحزب فى البلاد لا يريد أن يقيم دولة إسلامية فى تونس.
وتحدث الغنوشى عن الصراع الذى تشهده تونس حاليا، حيث يريد السلفيين فرض الشريعة فى الدستور فى الوقت الذى يرفض فيه العلمانيون تلك المساعى، وقال إن السلفيين نظموا مظاهرات كبيرة للمطالبة بتضمين الشريعة فى الدستور.. وفى الوقت نفسه، فإن النخب العلمانية شعرت بالتهديد بسبب هذه الدعوات. ونظرا للانقسامات الموجودة فى تونس حاليا، يقول الغنوشى إنه كان عليه أن يعمل بقوة، وقام بإجراء اجتماعات كثيرة مع السلفيينن، كان عليه إقاعهم بأ الطريقة التى يفهم بها الشعب الشريعة ليس واضحة جدا، و أن كلمة الشريعة مرتبطة بتطبيقات كثير خاطئة فى أفغانستان وأماكن أخرى.
ويمضى الغنوشى قائلا: "كنت خائفا من أن تفسر الشريعة على أنها ضد حقوق المرأة وضد حقوق الإنسان وضد المساواة وضد الحرية، وكنت أحاول إقناع السلفيين أن الدساتير لا تبنى على ما يختلف الناس حوله بل على ما يوحدهم. ولو كان هناك غيابا للوضوح فى قضية الشريعة، أو انقسام حولها، فيجب تركها"..
ويؤكد الغنوشى أنه كان يحاول إقناع السلفيين بأن الثورة قدمت لهم الحرية، فكانوا فى السجن لكنهم الآن لديهم حرية العمل فى المجتمع ومن خلال منظمات، فى المساجد وبإقامة جمعيات خيرية واتحادات.
ويشير الغنوشى إلى أنه ذكر السلفيين بتجربة الإسلاميين فى الجزائر عندما فازو بـ 80% من الأصوات لكنهم خسروا كل شىء لأنهم لم يستطيعوا قراءة توازن القوى بشكل صحيح.
وفى هذا السياق، قال الغنوشى إنه يفهم الديمقراطية ليس فقط كوسيلة للحكم ولكن أيضا للتعليم. وتحدث عن تجربته فى باريس عام 1968 حيث كانت أوقاتا ثورية فيها. وكان أحد القادة فى هذا الوقت هو كوهين بنديكيت الذى أصبح الآن فى البرلمان الأوروبى.. وكانت هناك نماذج لما يسمى بالمتطرفين فى أوروبا كالجيش الأحمر وغيره، ومن خلال الديمقراطية كانوا قادرين على أن يعاد تعليمهم. "فلماذا لا نتخيل أننا سنكبح الأطراف العنيفة.. فمن خلال الديمقراطية سيكونوا جزءا منها بشكل بطئ بدلا من تدميرها".
من ناحية أخرى، أعرب زعيم النهضة عن عدم اعتقاده أن الثورات العربية سترتد أو تتحرك فى الاتجاه المعاكس، على الرغم من أنه تحدث بطريقة قاتمة عن أصحاب الثورة المضادة فى تونس.. ووصف ما يحدث فى سوريا بالمأساة، إلا أن ذكر بأن الأوروبين لم يحصلوا على حرياتهم بين عشية وضحاها.
وختم الغنوشى مقابلته مع فيسك بالقول كانت هناك ثورات فى أوروبا وشعوب ضحت حتى تصبح حرة.. ألم تقطع رؤوس بعض الملوك فى أوروبا؟ أليس كذلك؟