ألقت الصحيفة الضوء على الأوضاع فى مصر بعد مضى أكثر من عام على ثورتها، وقالت فى تقرير لمراسلها المخضرم باتريك كوكبرون تحت عنوان "الثمن الحقيقى لحرية مصر": إن مبارك قد رحل منذ فترة، لكن بدلا من الوحشية والمحسوبية حل الفقر والخوف من الجريمة.
وتحدث الكاتب عن ارتفاع وتيرة العنف والجريمة فى مصر بشكل ملحوظ وضرب مثلا على ذلك برجل ذهب إلى قسم الشرطة للإبلاغ عن اختطاف طفله، فقال له رجال الشرطة إن هناك 10 أطفال آخرين مختطفين مقابل فدية، كما أصبحت سرقة السيارات شائعة، ويقول الكثير من سائقى التاكسى إنهم لم يعودوا يجرأون على العمل ليلاً.
ويتابع كوكبرون قائلا إن الحكايات التى تروى عن غرق مصر فى الفوضى خادعة، فقد ارتفعت معدلات الجريمة فى القاهرة عما كانت عليه قبل الثورة لأن الشرطة فقدت مصداقيتها بسبب فسادها ووحشيتها. ولم تعد تستطيع الإفلات من العقاب ولذلك يرفض أغلب رجالها العمل. أما عن الفقر، فقد زاد فى مدينة العشرين مليون مواطن، فثلث سكانها يعيش فى أحياء فقيرة بالفعل، فى حين أن الكثيرين يضطرون إلى السرقة من أجل العيش.
وترى الإندبندنت أن المثير للدهشة الآن ليس وجود الكثير من العنف، ولكن فى وجود القليل منه. ففى منطقة مثل شبرا، ورغم وقوع حادث إطلاق نار قبل عدة أشهر قتل فيه شخصين أحدهما بطريق الخطأ، إلا أن نماذج العنف لا تزال غير شائعة فى تلك المنطقة التى يقطنها ما لا يقل عن ثلاثة ملايين مسلم وقبطى.
وتنقل الصحيفة عن ماجدة قنديل، المدير التنفيذى للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية قولها إن زيادة الخوف من الجريمة عامل نفسى جزئيا لأن المجتمع المصرى لم يعتاد عليها. وبينما توجد زيادة فى معدلات الجريمة، فإن أغلبها يتعلق بسرقة السيارات، فهناك حوالى 20 ألف سيارة تمت سرقتها. والمكان الوحيد الذى يوجد به انهيار عام للنظام هو فى شمال سيناء حيث ينفذ البدو المسلحون عمليات اختطاف وقتل.
وتتابع الصحيفة قائلة إن مصر مقارنة بدول الربيع العربى الآخرى كليبيا وسوريا واليمن كانت معتدلة فيما يتعلق بالعنف السياسى. ويقول خالد فهمى أستاذ التاريخ بالجامعة الأمريكية بالقاهرة إنه من الناحية التاريخية، فإن ثورة مصر لا تزال سلمية حتى الآن، فلم يكن هناك إراقة للدماء. لكنه يضيف قائلا إن المجلس العسكرى قد شجع على انعدام الأمن المبالغ فيه من أجل أن يلقى بمسئولية زيادة الجرائم وتعثر الاقتصاد على الثوار.
وهذه الأساليب، وفقا لما تراه الصحيفة، قد حققت بعض النجاح فى الشارع، فأصبحت عودة الشرطة أمرا مرحباً به. لكن على المدى الطويل، قد يكون من المستحيل للجيش والشرطة أن يستعيدوا احتكار السلطة مثلما كان عليه الحال فى النظام القديم. فالمصريون حافظوا على الهرمية، لكن السلطة تتفتت ولم تعد الدولة مطلقة. وتمتلأ القاهرة اليوم بدلالات على أن ثقافة القهر تتآكل. فالشوارع المؤدية لوزارة الداخلية مغلقة بأسلاك شائكة وتحاصرها الشرطة العسكرية والعربات المصفحة، لكنها شهدت تظاهرة من رجال الشرطة المقالين أبدوا فيها رغبتهم فى العودة للعمل وهتفوا "يا وزير الداخلية إحنا ولادك مش حرامية"، وفى ماسبيرو، أيضا المحاط بالأسلاك الشائكة كان هناك إضراب فى دوره الأرضى من جانب 600 مهندس يطالبون برفع أجورهم.
وتستطرد الإندبندنت قائلة: هناك سخرية عميقة بين معظم المصريين من الدوافع الحكومة وأفعالها. فعلى سبيل المثال، يرى الجزارون أن المسئولين يبالغون فى الحديث عن انتشار الحمى القلاعية لأنهم يجنون أموالا أكثر من ارتفاع أسعار الدجاج والأسماك. ويعلق فهمى على ذلك بالقول: "أعتقد أننا نرى ثورة ضد نظام الدولة المصرية المعاصرة والذى كان دائما ضد رفاهية المصريين".
من ناحية أخرى، ورغم أن آلة الدولة المصرية شاسعة إلا أن الخلل موجود فى كل المستويات، فى التعليم والصحة، كما أن ربع سكان مصر فقط يعيشون فى المدن، وثلث الميزانية يذهب إلى الدعم وبالأخص الوقود الذى يستفيد منه الميسورين.
وختمت الصحيفة تقريرها بالقول إن سلطة الجيش والشرطة فى مصر ستنحصر ما لم يحدث انقلابا وهو أمر غير مرجح. لكن حتى مع خروجهما من السلطة، فإن الأمر سيستغرق وقتا طويلا لإعادة بناء البلد التى أفسدوها على مدار 60 عاما.
الأحد أبريل 01, 2012 7:22 am من طرف الكنج