عندما تتجول في شوارع بعض المدن الألمانية يشد انتباهك حضور لافتات كتب عليها "نحن نتكلم عربي" على عدد من أبواب الصيدليات والعيادات الطبية والمحلات التجارية. فما سر هذا الإقبال على اللافتات المكتوبة بلغة الضاد؟
في شوارع وأزقة حي "باد غوديسبيرغ" في مدينة بون الألمانية يشعر الإنسان وكأنه في مدينة عربية، فالشارع لا يخلو من رجال ونساء عرب، البعض بلباس عصري يساير الموضة وآخرون بلباس تقليدي شرقي. لكن الملفت للانتباه هو وجود العديد من اللافتات والإعلانات باللغة العربية أمام عدد من المحلات التجارية والعيادات الطبية ووكالات الأسفار وأيضا المدارس الخصوصية والفنادق وغيرها. "أسواق بغداد"،"اتصالات الجزيرة"، "وكالة الأنصاري"، "نادي ومقهى صفد"، "حلاقة بابلون" وتسميات أخرى أصبحت من ملامح هذه المدينة.
نصائح وإرشادات طبية باللغة العربية
صادف تواجد دويتشه فيله بإحدى الصيدليات وجود زبناء عرب يتحدثون مع أحد مستخدمي الصيدلية باللغة العربية. وفي سؤال للمشرف عن الصيدلية، الدكتور شتيفان فرولين، عن توقيت البدء باستخدام اللغة العربية للتواصل مع الزبناء العرب يقول: "بدأنا ذلك منذ حوالي خمس سنوات، إذ كان ذلك باقتراح مع أحد مستخدمي الصيدلية ذو أصول عربية. ففي منطقة باد غوديسبيرغ في بون يعيش عدد لا بأس به من الجالية العربية أو السياح العرب". ويضيف بالقول: "هذا ما دفعنا أيضا إلى قبول طلبات عمل لمستخدمين ناطقين باللغة العربية". وأما إن كانت هذه الإستراتيجية فعالة وتساعد في رواج الصيدلية يضيف الدكتور فرولين: "العرب يأتون إلينا بين لحظة وأخرى ونقدم لهم نصائح بلغتهم الأم وهذا يدفع بهم إلى العودة إلينا عند الرغبة في شراء الأدوية، نفس الخدمة نقدمها أيضا للجالية الفرنسية أو الروسية أو غيرها. ذلك يساعد كثيرا على التواصل معهم".
تسهل التواصل أثناء العلاج
عبد السلام الطابولي، وهو سائح خليجي يقول في هذا السياق "هذا أكيد شيىء جميل وإيجابي ويفيد العرب المقيمين هنا أو الزائرين، أنا عشت تجربة وهي أنني لما أجريت عملية جراحية في الركبة طلبت من الممرضة شيئا وأعطوني شيئا آخر غير الذي طلبت، فعندما تكون مريضا يصعب عليك شرح آلامك بلغة أخرى، باللغة العربية يمكنني أن أوصل رسالتي بشكل أحسن".
وفي إحدى ساحات "باد غوديسبيرغ" يشد الانتباه لافتة مكتوبة باللغتين العربية والألمانية مثبتة فوق مدخل إحدى عيادات طب الأسنان. وعند تحدثنا مع الدكتورة كترين الخالدي اتي حول ذلك فأجابت قائلة: "لاحظت خلال تجربتي أن اللغة العربية مهمة جدا للتواصل مع المرضى خاصة الأطفال وحتى الناس الذين يتملكهم الخوف عندما يذهبون إلى عيادة طب الأسنان، فعندما أتحدث معهم وأشرح لهم الأشياء باللغة العربية يشعرون بالاطمئنان ويتم بناء ثقة بين الطبيب والمريض".
الخدمات باللغة العربية تشجع السياحة الطبية
وحول حضور لغة الضاد في العيادات الطبية في بون يقول قصي حمدان شباب ألماني عربي الأصل، اشتغل في مجال التجهيزات الطبية وكذلك كمترجم لدى شركات الخدمات الطبية: "قمنا بعملية ترويج سياحي لبون واستفدنا من السوق السياحة الطبية من خلال برامج سياحية ترفيهية، كما نقوم بالاتصال بالأطباء والمستشفيات وشرح كل حالة مرضية بشكل فردي". ويقيض في هذا السياق يضيف قائلا: "نرافق المرضى العرب منذ وصولهم إلى غاية تأمين الشقة المناسبة ونرافقهم كمترجمين. فكلما ارتفع مستوى الخدمات كلما كسبنا رضا الزبناء ونشجعهم للعودة إلى بون وهذا يزيد أيضا من مداخيل المدينة ماليا". الأمر الذي ساهم من ناحية أخرى في خلق فرص عمل لليد العاملة العادية والمتخصصة كالمترجمين ذوي الأصول العربية.
غير بعيد من الصيدلية يوجد صالون للحلاقة يعرض الأزمنة والخدمات باللغة العربية، كما يتوفر على جناح خاص بالمحجبات. في الجانب الأخر لصالون الحلاقة توجد مطاعم ومقاه وأكشاك لا تخلو من لافتات عربية وتمتلئ بزبائن عرب. حتى الفنادق ووكالات كراء الشقق انتبهت لأهمية اللغة في كسب الزبناء فبدأت في ترجمة إعلاناتها وعروضها باللغة العربية. يقول علي الأنصار من السودان وهو صاحب وكالة كراء المحلات والشقق المفروشة: "بون تعتبر قبلة مفضلة للسياح الخليجيين الذي يأتون إليها للتطبيب وإجراء عمليات جراحية أو للاستجمام. أغلبهم لا يتحدث إلا اللغة العربية وهم سعداء بهذه الخدمات."
الخميس مارس 22, 2012 10:27 am من طرف الكنج