نشرت الصحيفة تقريرا لمراسلتها لشئون الشرق الأوسط رولا خلف، تحدثت فيه عما أسمته بالمسلك الغريب لمصر بعد الثورة فيما يتعلق بسياستها الخارجية. وتقول خلف: كان منطقيا أن نفترض أن مصر ستتجه نحو جرأة جديدة فى سياستها الخارجية بعد الثورة، وأن تسعى لاستعادة دورها الإقليمى الذى تراجع فى عهد حسنى مبارك، فقد كان تبعية البلاد للقوى الغربية أحد مصادر الإحباط من نظام الرئيس المخلوع.
لكن الحكام العسكريين فى مصر لديهم فهم غريب لما تعنيه تلك الجرأة، فهم لا يقودون مثل سوريا على سبيل المثال بتبنى سياسة فى الجامعة العربية يصفون فيها نشطاء المعارضة بالغموض ما لم يكن الارتباك، لكنهم اختاروا افعال اشتباك مع الولايات المتحدة بما يعرض المساعدة العسكرية السنوية للخطر بسبب أزمة المنظمات غير الحكومية.
وتحدثت الصحيفة عن أزمة تلك المنظمات فيما يتعلق بتمويلها، وقالت إن الهدف من الحملة على تلك المنظمات هو إخضاعها على ما يبدو لسيطرة الحكومة. وتقود تلك الحملة وزيرة التعاون الدولى فايزة أبو النجا، والتى طالما كانت تؤيد السيطرة على تمويل تلك المنظمات، وهو الجدل الذى اكتسب شهرة إضافية بعدما بدأت الولايات المتحدة فى توزيع المنح مباشرة على المنظمات المسجلة وغير المسجلة فى أعقاب الثورة.
وتتساءل الصحيفة: لماذا سيتطور الاستمرار نحو هذا الهدف فى أزمة دبلوماسية، وتجيب قائلة إن هناك ثلاثة أنواع من النظريات المتداولة عن الأكاذيب التى تكمن وراء سلوك السلطات فى مصر.
وتتراوح تلك النظريات ما بين القول بأن الجيش مقتنع بأن المنظمات غير الحكومية تشجع الليبراليين من شباب الثورة على المطالبة بإنهاء حكم العسكر، وشكوك فى أن إشعال المشاعر المعادية لأمريكا ربما يحسن صورة المجلس العسكرى التى شوهتها عدم كفاءته فى إدارة المرحلة الانتقالية فى البلاد. بل إن هناك من يقول إن القضية برمتها محاولة من فلول النظام السابق لإثبات أن السلطات العسكرية لا تستطيع أن تحكم البلاد.
وترى فاينانشيال تايمز أن عبثية تلك القضية هو أن جنرالات المجلس العسكرى هم أكبر متلقى للمعونة الأمريكية فى مصر، ويضعون تلك المساعدات فى خطر بملاحقة مبالغ أصغر تنفق على ترويج الديمقراطية. وبذلك، فإن المجلس العسكرى لا يقوض فقط العلاقات المهمة للقاهرة مع واشنطن، ولكنه يلطخ أيضا صورة مصر الجديدة، والتى تبدو تعسفية مثل تلك القديمة مع استثناء عدم وجود قدرة كبيرة على التنبؤ بالأمور.
واعتبرت الصحيفة أن دعم البرلمان للحملة على المنظمات غير الحكومية أمر مثير للقلق، خاصة وأن بعض السلفيين يعتقدون على ما يبدو أن بإمكانهم الاستغناء عن الأسلحة الأمريكية من خلال حملة تبرعات.
وختمت الصحيفة تقريرها بالقول إن ما يجعل أزمة المنظمات غير الحكومية مثيرة للقلق هو أنها تأتى فى الوقت الذى يعانى فيه اقتصاد مصر من أزمة، بما يعنى أن مصر فى حاجة ماسة إلى الدعم المالى من صندوق النقد الدولى والمانحين الأجانب الآخرين.
وهؤلاء المانحون فى حاجة بدورهم لأن يروا استقراراً وقدرة على التنبؤ فى مصر، لكن قضية المنظمات أثبتت أن مصر بعد الثورة تفتقر إلى تلك السمات.