يعيش بعض الشباب في ألمانيا المنحدرين من عائلات أجنبية بين ثقافتين مختلفتين. وبينما ينجح البعض في المحافظة على ثقافة بلدهم، يضيع آخرون هذه الميزة، ما دفع جامعة ريغنسبورغ الألمانية لإطلاق برنامج لهؤلاء الشباب.
"شعرت براحة وسرور، إذ تعرفت على الكثير من الأشخاص الطيبين الذين لم أعرفهم من ذي قبل، فزياراتي السابقة إلى المجر لم تكن طويلة ولم تسمح لي بالتعرف على عادات البلد وتقاليده"، هكذا وصفت الطالبة أليسا (25 ربيعا) شعورها عند عودتها إلى ألمانيا بعد إنهاء فصل دراسي كامل في موطن والديها الأصلي . فأليسا التي تبلغ من العمر 25 ربيعا وتتخصص في علوم الاقتصاد، ولدت في ألمانيا لعائلة من أصول مجرية. وتصف أليسا ارتباطها بموطن أهلها بالسطحية، وهو ما دفعها للمشاركة في برنامج " سيكوندوز" الذي تنظمه جامعة ريغنسبورغ الألمانية برعاية هيئة التبادل الأكاديمي DAAD.
ويهدف هذا البرنامج إلى مساعدة الشباب الذين ولدوا في ألمانيا وينتمون إلى عائلات من أصول أجنبية في التعرف على ثقافة بلدهم الأصلية وتعلم لغة آبائهم . ويتم ذلك من خلال التبادل الطلابي بين جامعة ريغنسبرغ والجامعات الشريكة في هذا المشروع، حسبما تؤكد منسقة هذا المشروع ليزا أونغر فيشر. وتضيف المنسقة قائلة: "يدعم برنامج سوكوندوز التعدد الثقافي الذي يتمتع به الطلبة الألمان الذين ينتمون إلى عائلات من أصول أجنبية". ويحصل الطلبة في نهاية الفترة الدراسية على شهادة خاصة تبين مدى إلمامهم بثقافة بلاد أهلهم الأصلية ومستواهم اللغوي على حد اعتبار ليزا. ولا تعني مشاركة الطلاب في مشروع التبادل الطلابي زيادة الفترة الدراسية، إذ ستأخذ جامعة ريغنسبورغ الألمانية المقررات التي يأخذها الطلاب خلال فترة التبادل بعين الاعتبار.
التعدد الثقافي...زيادة فرص العمل
وتحظى ميزة التعدد الثقافي التي يتمتع بها الشباب من عائلات ذات أصول أجنبية في ألمانيا، بقبول وترحيب كبيرين وخاصة لمن يريد العمل في المجال الاقتصادي. ولتفوز بذلك فكرة برنامج "سوكوندوز" بجائزة "أصحاب العمل الألمانية للتعليم" عام 2011، وهو ما دفع الكثيرين من الشباب الألمان للالتحاق بهذا البرنامج كالطالبة روزالي. فهي ولدت في ألمانيا لعائلة من أصول بولندية، وتؤكد روزالي على أنها تتكلم لغة والديها إلا أنها لا تستطيع القراءة والكتابة بشكل جيد وتستطرد قائلة: "أريد العمل في المجال الدولي، وأعتقد أنه بإمكاني تحقيق ما أطمح إليه، وخاصة إذا ما تمكنت من إتقان اللغة البولندية إلى جانب اللغة الألمانية".
"الحفاظ على الهوية الأصلية"
وتشاطر الطالبة يوليا الألمانية من أصل روسي زميلتها روزالي وتشرح السبب الذي دفعها للمشاركة في هذا البرنامج بالقول: "أريد أن أتعرف على بلد أهلي روسيا بطريقتي الخاصة؛ فأنا زرت روسيا في طفولتي وهذا غير كاف لأكوّن الانطباع الصحيح عنها". وتأمل يوليا أن تتمكن من إتقان اللغة الروسية بشكل ممتاز "أنا أستطيع أن أتكلم بطلاقة إلا أنني لا أفقه شيئا في علم قواعد اللغة الروسية وعلاوة على ذلك أعتقد أن اللغة الروسية مطلوبة جدا في سوق العمل الألمانية ما يجعلني متفائلة عندما أبحث عن عمل لي في المستقبل". أما الطالبة الألمانية المصرية هنّا التي تدرس علوم اللغات فتؤكد على أن مشاركتها في هذا البرنامج جعلها تعيد النظر في خططها المستقبلية.
وتضيف الطالبة الألمانية المصرية بالقول: "تجربتي في مصر كانت رائعة، ورغم الأزمة السياسة التي تعيشها مصر حالياً، إلا أنني أفكر في البحث عن عمل هناك بعد أن أنتهي من الدراسة". ورغم جميع المساعدات والخدمات التي يحصل عليها الطلبة المشاركون في هذا البرنامج، كتأمين مكان للسكن والطعام والمواصلات وغيرها، إلا أن هناك الكثيرين الذين لا يمتلكون جرأة كافية للمشاركة بهذا المشروع، كالشابة الألمانية ليديا، وهي من أصول كرواتية.
وتضيف ليديا قائلة: "لم أفكر إطلاقا أن أعيش خارج ألمانيا ما جعلني مترددة وخائفة إذ أنني لا أعرف أين أقيم هناك وهل أتمكن من تقديم الامتحانات باللغة الكرواتية". ودفع تشجيع أهل ليديا لها، إلى جانب الجهود المبذولة من قبل القائمين على هذا المشروع للمشاركة في هذا البرنامج. وهي سعيدة بقرارها الجريء في المشاركة، إذ ترى أنها من خلاله ستتقن لغة أهلها وتتعرف على ثقافتهم، لتتمكن بذلك التقرب من أقربائها وتفهم أرائهم بشكل جيد.
الجمعة فبراير 17, 2012 4:28 am من طرف ramadan yakout