أجري الحوار من طرف: جاكلين ريمي وبوريس ثيولي
لأسبوعية "الإكسبريس" الفرنسية
في بداية الثمانينيات، لم يكن إتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا الـUOIF سوى مجرد ملتقى لعدد قليل من الطلبة والناشطين الإسلاميين في المنفى ولكن ومنذ العام 2003 صارت هذه الفيدرالية المحاور المفضل لدى الدولة من أجل "تسيير" أفضل للإسلام في فرنسا فهي حاليا تشغل ثلث مقاعد المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية (CFCM) تلك الهيئة الرسمية التي أوجدها نيكولا ساركوزي لما كان وزيرا للداخلية في العام ذاته. كيف يمكننا إذن تفسير مثل هذا الصعود خلال عشريتين؟ ما هي النوايا الحقيقية لهذا الاتحاد وتنظيمه "الأم"، إتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا الواقع مقره في لندن؟ ما هو الوزن الفعلي لهذه الحركة التي تستقي مرجعيتها من مذهب الإخوان المسلمين؟
في تحقيق دقيق منشور لدى كالمان ليفي "الإسلام في فرنسا - الطموحات السرية للـUOIF" تسلط، المتخصصة في العلوم السياسية والمشاركة في تأسيس مجلة ProChoix فياميتا فينر، الضوء على الجوانب الخفية لهذا الاتحاد وعلاقاته الخطيرة.
النبش في الوثائق العمومية للـUOIF، بواسطة تتبع التصريحات الرسمية وملاحظة المواقف التي يبديها مسئولوه الرئيسيون وبالاعتماد على مقارنة خطابه الموجه للاستهلاك العام مع الجذور التاريخية والسياسية للإسلام الجهادي، كل هذا يؤدي إلى اكتشاف أنه حركة تحاول الاستحواذ ولا تمثل في حقيقتها سوى فئة قليلة جدا من المسلمين في فرنسا تسعى من خلال توظيف الدين لأجل تحقيق غايات سياسية في مواجهة اللائكية -العلمانية- والاندماج وتنبعث منها روائح معادية للسامية وتتلقى دعما ماليا مقلقا... في هذا الحوار، تتحدث الأخصائية السياسية حصرا للإكسبريس ولقد حاولنا أن نتصل بمسئولي الـUOIF إلا أنهم لم يرغبوا في أن يصرحوا لنا بأي شيء.
لماذا تولون مثل هذا الاهتمام بالـUOIF؟ هل تأثيره خطير إلى هذه الدرجة على المجتمع الفرنسي؟
منذ أن جعل منها محاورا للدولة في المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية في العام 2003، يعتقد نيكولا ساركوزي أنه يتعين دمج هذه الحركة بدل التغاضي عنها. أنا أقترح كسؤال ابتدائي: من سيخرج منتصرا من هذا المسار؟ الجمهورية أم الـUOIF؟ حينما يصفهم السيد ساركوزي بأنهم "مسلمون راشدون" -Orthodoxes- فإنه بهذا يقدم لنا نفس الهدية المسمومة التي قدمها لنا "ميتران" وأعني الجبهة الوطنية. إنه يفتح القنوات ويترك للمجتمع المدني كامل الحرية في أن يكون معاديا السلطة فالاتحاد (UOIF) لا يمثل حركة راشدة بقدر ما يمثل الإسلام الأصولي إذ أن هنالك فرقا بين الأصولية الدينية -التقليديون عند الكاثوليك، الأصوليون عند البروتستانت والأرثوذكس عند اليهود- وبين الأصولية السياسية: الأصولية الإسلامية. إن الأولى هي اختيار شخصي عند الفرد بحيث يقرر كيف شاء طريقة قيامه بما يعتقد بخلاف الأصولية السياسية التي يجب أن تكون محل نقاش ونحن نخلط بين المفهومين خصوصا فيما يتعلق بالإسلام. إن الاتحاد يمثل أصولية سياسية ولهذا فهي منظمة خطيرة، وهي كذلك لأنها تزعم أنها تمثل أكثرية المسلمين في أوروبا مثلما يرمز موقعها في المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية وهذا ما يعني أنه وعلى رقم الثلاثة ملايين ونصف المليون مسلم المفترض في فرنسا هنالك مليون أصولي، هذا كذب واضح..ليس هنالك مليون متعاطف مع الـUOIF.
بما أنها لا تمثل ما نتصوره وسط المسلمين، فيما يكمن خطرها إذن؟
بداية بما أنه يُمنح لها آليا حق تمثيل ثلث السكان المسلمين في فرنسا علما وأنها لا تشمل أكثر من مائة وخمسين ألف منخرط على أكثر تقدير ثم لأن وسائل الإعلام تضخم من شأنها فاجتماعاتها السنوية تقدم أرقام المشاركين فيها وفقا للأرقام التي تعلنها هي نفسها: 3000 آلاف مشارك في 1993 إلى 30000 في 1994 ثم 75000 في 2001 و130000 في 2004. أثناء تولية نيكولا ساركوزي على رأس حزبه في المؤتمر الذي عقد في ذات المكان تم تسجيل رقم 40000 مشارك، من خلال مقارنتنا للصور سنتأكد من أن اجتماعات هذه المنظمة لم تبلغ حشود المشاركين فيها أبدا رقم مؤتمر الـ UMP -حزب نيكولا ساركوزي- زيادة على أن الجريدة التي وُزعت مجانا على المشاركين في اجتماعها لم يتجاوز رقم سحبها سقف الخمس عشرة ألف نسخة وكل ما قلناه لحد الساعة لا يعدو أن يكون ظروفا، إنه حينما قرر دومينيك دوفيلبان (1) أن يفرض تكوينا تكميليا للألف وخمسمائة إمام في فرنسا، ظهر أنه سوف يعتمد في تكوين نصف هذا العدد على مسجد باريس - القليل النشاط في الحقيقة- وأما الـ 750 المتبقين فسوف يمرون على المدارس التي يملكها الاتحاد بما أن الشريك الرئيسي الثالث الآخر في المجلس الفرنسي لا يملك مدارس للتكوين . إنني أفضل ألف مرة إماما معربا جزائريا وقف في وجه الأصوليين هناك على إمام فرانكفوني كونه هذا الاتحاد لأن الـUOIF سوف تعادي كل حوار نظري بما أنها لن تعتمد سوى مرجعيتها المذهبية الإخوانية ولها بالمناسبة اليد العليا على المجلس الأوروبي للإفتاء - الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي للمنظمات الإسلامية (UOIE)- وهي ما يمكننا وصفه بالبيت الكبيرة وتقع في لندن ودورها هو إبداء الرأي في الطرق التي يتعين على المسلمين في أوروبا سلكها إلى جانب الفتاوى التي تنكر حقوق المرأة والإجهاض وتحلل العمليات الانتحارية.
لماذا يعلن الاتحاد أنه عصراني؟ أيتعلق الأمر بازدواجية في الخطاب، هادئ حينما يُوجه للسلطات العمومية والرأي العام وراديكالي حينما يقتصر على المتعاطفين؟
للتأكد من ذلك يجب العودة إلى خطاب أحمد جاب الله الذي هو أحد مؤسسيه: "الاتحاد صاروخ من طابقين، الطابق الأول ديمقراطي والثاني يقوم بوضع مجتمع إسلامي على المدار". مسيرو الـUOIF يملكون خطابا واضحا وإستراتيجية للتوغل ولهذا الاتحاد أهداف سياسية في البلدان العربية-الإسلامية فمنذ تأسيسه ظل يعمل على جعل فرنسا قاعدة خلفية، المكان الذي يستطيع المناضلون الإسلاميون اللجوء إليه والذي يمكن فيه أيضا أن تتم عملية تغيير وجهة نظر الرأي العام نحو بلدانهم الأصلية وهو أيضا يعمل على تجنيد المسلمين في فرنسا فبعض الجمعيات التي تملك ارتباطات مباشرة بهذا الاتحاد تستطيع الآن أن تصنف المسلمين بين جيد وسيء، أي كافر، وهذا ما يعني احتقار الفرد أو العائلة بأكملها وسط الطائفة برمتها والأمر المثير للفزع حقا هو أنه لا أحد من هؤلاء يمكننا وصفه بأنه منظر إذ لا أحد منهم يملك رصيدا تعليميا متقدما في هذا الشأن وهم يملكون نظرة جد ضيقة عن الإسلام مكتفين بتوظيف الدين لأجل أرباح سياسية ذات اثر ارتدادي، هذه هي الأصولية الإسلامية.
على سبيل المثال، لقد تمت تنحية طارق أوبرو، كبير أئمة بوردو لأنه تجرأ على القول أن الحجاب لا يعدو أن يكون تقليدا أُكتسب بالتقادم وليس أمرا إلهيا وأن الحديث الوحيد لأسماء الذي يفرض على النساء لبس الحجاب ليس صحيحا. نستطيع أن نستنتج الشر والخير من الإسلام مثل كل الأديان الأخرى، ويبدو أن الـUOIF لم تختر الخير.. إن خيارها بعيد تماما عن هذا.
ما هي مرجعياتهم الروحية والمذهبية؟
هذه الحركة مشكوك في تاريخ تطورها، لقد تكون الاتحاد خلال العام 1983 من خلال انصهار تشكيلتين إسلاميتين: من جهة أنصار لراشد الغنوشي، مؤسس الجماعة الإسلامية في تونس والمسماة النهضة المرتبطة بالإخوان المسلمين وهو الذي كان قد لجأ للإقامة في لندن ابتداء من العام 1991 بعد منعه من البقاء في فرنسا ومن الجهة الأخرى، بعض أنصار فيصل مولوي اللبناني والذي هو أحد الإخوان المسلمين وكان قد عاش لفترة في فرنسا حيث شارك في تأسيس جمعية الطلبة الإسلاميين هنا (AEIF) وحاليا هو قائد "الجماعة الإسلامية" التي هي جماعة إرهابية في لبنان
من هي الشخصيات التي تدل على الرابطة الوثيقة بين الاتحاد والإخوان المسلمين؟
أولى مطبوعات الاتحاد باللغة الفرنسية كانت تأتي من مؤسسة ليشستر Leicester والتي توزع أساسا لثلاث مفكرين: حسن البنا ( الذي أسس تنظيم الإخوان في مصر خلال العشرينيات من القرن الماضي)، سيد قطب ( منظر الجهاد عند الإخوان والذي أُعدم شنقا في العام 1966 ) ثم المودودي ( المفكر الباكستاني الذي ناضل لتأسيس دولة إسلامية في شبه القارة الهندية ) وهنالك أيضا شخصية محورية أخرى هي مفتاح هذا الارتباط، إنها شخصية يوسف القرضاوي وهو مرشد الإخوان ورئيس المجلس الأوروبي للإفتاء ورئيس معهد الاتحاد لتكوين الأئمة وزيادة على هذا فإن ممثل اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا المدعو أحمد الراوي هو أيضا سفير الإخوان المسلمين في أوروبا. إننا حينما نتفحص الهيكل التنظيمي لهذا الاتحاد الأخير، سنلاحظ أن أغلب كوادره هم من الفرنسيين أي من الـUOIF نفسه. خلال أزمة الرهائن في العراق، شاهدنا تحقيقا على القناة التلفزيونية TF1 حول مبادرة الوساطة التي كان يقوم بها وفد عن المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية (CFCM) ولقد كان هذا التحقيق يحمل دلالة واضحة على ما أقوله، في أحد مساجد بغداد، رفض أحد المسئولين السلفيين هناك أن يقابل الوفد وتساءل : "لماذا تقوم فرنسا بإرسال الإخوان المسلمين إلينا؟".
لماذا يرفض الاتحاد الإقرار بوجود علاقات مباشرة مع الإخوان؟
هذا يتعلق بالمكان. مطبوعاته تتحدث عن هذا الترابط، ففي وثيقة تحمل عنوان " نقد لمنظمة إسلامية"، يرفض الاتحاد الطروحات التي تنقص من قيمة كل من ( ابن تيمية، محمد بن عبد الوهاب، سيد قطب ويوسف القرضاوي) وهؤلاء الأربعة يشكلون مرجعياتهم الفكرية وهم في الحقيقة، يمكننا عدهم ضمن أكثر الإسلاميين راديكالية والأخيرَين منهم إخوان مسلمون. حينما نسأل الإخوان: "من يمثلكم في أوروبا؟" يجيبوننا: "المجلس الأوروبي للإفتاء". في إشارة أخرى لا تخلو من السذاجة، أو الصراحة، قال فريد عبد الكريم، المسئول السابق للشبان المسلمين في فرنسا، التنظيم المقرب من الاتحاد: " إن أول شيء درسته حينما انتسبت للاتحاد كان فكر حسن البنا" وفي مناسبات عديدة، يصرح قادة الـUOIF بشكل علني: "القرآن دستورنا"، إنه تكرار حرفي لمبادئ الإخوان
هل هذا الارتباط يتعلق بالدعم المالي أيضا؟
إن الـUOIF تمول وتدعم لجنة إغاثة ونجدة الفلسطينيين التي تجمع الأموال لفائدة "حماس"، المنظمة الفلسطينية المسلحة ذات المرجعية الإخوانية، ويمكننا أن نرى على الصور الفوتوغرافية قيادات الاتحاد وهم يقدمون الأموال على منصات كل المؤتمرات حيث توزع منشورات خاصة لهذا الغرض، والأموال، على حسبهم، توجه إلى عوائل وأيتام الفلسطينيين. لكن، كيف مات آباء هؤلاء الأيتام؟ إن اللجنة تساعد أبناء "الشهداء" الذين قتلوا أثناء العمليات الانتحارية.
ولكن اللجنة هذه تحظي بالشرعية، هي تمول المستشفيات والمدارس وحتى المشاريع الإنسانية
طيب، ولكن ليس لأن الجمعية معتمدة فهي لن تكون محل نقد، العديد من الجمعيات الأخرى تساند الفلسطينيين من دون أن تكون على ارتباط بحماس، مثلا منظمة الهلال الأحمر الدولية، أطباء بلا حدود، وأخريات من غير تلك التي بشرف عليها الاتحاد.
من هو يوسف القرضاوي ومن تعتقدونه برأيكم مرشد إتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا؟
إنه أحد أندر مفكري الإخوان في الوقت الحالي ولقد كان خصص أطروحته لموضوع الزكاة، الصدقة المفروضة في الإسلام، واستطاع أن يجد حل إسلاميا لمسألة القروض وهذا ما يجعل في مقدور سكان الخليج أن يباشروا الأعمال على الرغم من أن الإسلام، مثله مثل المسيحية في بداياتها، يمنع الربا، فبدلا من أن يقترض المسلم من أجل الحصول على منتوج ما، يقوم في المقابل بالطلب من البنك أن يشتري له هذا المنتوج ثم يبيعه له بثمن أغلى ولكن على أقساط شهرية وهو ما يوازي تقريبا الفوائد التي يسددها زبون آخر عند بنك غير إسلامي. القرضاوي الذي يقف على رأس ثروة ضخمة هو المستشار الأول عند أغلب البنوك الإسلامية على الصعيد العالمي وهو إلى جانب هذا يقوم بالدعوة التلفزيونية حيث يقدم على شاشة قناة الجزيرة خطابا إسلاميا صارما سياسيا وفي الوقت الحالي يشغل أيضا منصب رئيس المجلس الأوروبي للإفتاء إلى جانب أنه المرشد الروحي لكل من الـUOIF وطارق رمضان. إنه يعتبر نفسه في أوروبا كجندي في أرض يقوم بتنفيذ المهمات بها
ما هي علاقات الاتحاد باتحاد المنظمات الإسلامي في أوروبا؟
إنه المنزل الأم، الذي يحتاج له الـUOIF لأجل استصدار الفتاوى المتعلقة بالمسلمين الأوروبيين في فرنسا الذين يقعون تحت طائلة القوانين. إن الفتاوى هذه لا تعني غير المسلمين في أوروبا ولا يمكن الأخذ بها في البلاد الإسلامية الأخرى، بمعنى آخر، لا يمكن الاعتقاد أن المجلس الأوروبي للإفتاء هو بصدد تقديم فتاوى لأجل حياة أكثر حداثة لكل المسلمين، فعلى هذا المستوى يستطيع المفكرون أن يدلوا بآراء لا يستطيعون القول بها في بلدانهم الأصلية. لا من الأزهر ولا من فاس ( المغرب) ولا حتى من قم ( في إيران) لم تستطع أي واحدة من هؤلاء أن تصدر فتوى تبيح العمليات الانتحارية في فلسطين ورغم هذا، استطاع هذا المجلس أن يقوم بذلك حيث أصدر من ستوكهولم بتاريخ 28 تموز/يوليو 2003 ما يفيد هذا معتبرا كل "بني إسرائيل" - دون أن يميز إن كان يقصد الإسرائيليين أو كل اليهود في العالم- جنودا محارِبين ناهيا في نفس الوقت عن وصف ذلك بعمليات الانتحار لأنها، حسبه، "عمليات استشهادية"، الأمر لا يتعلق فقط بالدعم، لقد تجاوز هذا ليبلغ درجة الحض على الإرهاب.
ما فحوى خطاب الـUOIF بخصوص الحياة الاجتماعية في أوروبا؟
هنالك خطابان، بخصوص اللائكية، يصرح الاتحاد أنه مع القوانين بنسبة 100 في المائة، ولكن أعضاؤه كانوا يشغلون دور منظمي المظاهرات المناهضة لمنع الحجاب في المدارس وبلغوا حتى في خرجاتهم على شاشة الجزيرة أن قالوا أن النساء المسلمات حاليا يُمنعن من لبس الحجاب في شوارع باريس..باختصار: إنهم متفقون مع اللائكية بشرط أن يُسمح بلبس الحجاب في المدارس‼ هنالك أيضا ازدواجية خطاب فيما يتعلق بموضوع معاداة السامية، لقد وعد الـUOIF مثلا بأن يسحب من السوق الأشرطة التي يتحدث فيها أحد خطبائه المدعو حسان إيكيوسن مهاجما السامية ولكن بعد مرور ثمانية أشهر لم يحدث أي جديد وهذا الشريط يوزع حاليا عبر مكتباته، إن الخطباء من شاكلة إيكيوسن يهاجمون الاختلاط أيضا حتى على الويب: ممنوع على أي فتى أن يُحادث امرأة على الإنترنت وفي هذا الموضوع يقول إيكيوسن: " هل تعتقد أنك وحيد معها؟ لأن هذا الحوار يُجرى على مسافة 500 كيلومتر؟ إنكم في الحقيقة ثلاثة: أنتما ..و معكم الشيطان". خُطَب أخرى تحث المسلمين على عدم مخالطة غير المسلمين وأخرى تحذر من مغريات "الإندماج" لأنه خطيئة إلى جانب أن أشرطة أخرى تمنع الإجهاض على الرغم من أن الإسلام يبيحه في بعض الحالات. إنهم يلعبون دور المفكرين إلا أنهم في الحقيقة لا يعدون إلا يكونوا سياسيين لا رغبة لهم غير وضع المرأة تحت الوصاية.
الـUOIF الذي يوحد منظمات طلابية، شبابية وأخرى نسائية لا يملك حقا أي وزن اجتماعي؟
إن قيادييه لا يبحثون في الحقيقة إلا على أن يظهروا بمظهر الذي يتحكم في الميدان في أعين السلطات العمومية، كان هذا جليا على وجه الخصوص في 2003 قبيل انتخابات مجلس الديانة الإسلامية، وقتها كان الطلبة الإسلاميون ناشطين جدا من خلال توزيعهم للوجبات لفائدة طلاب الأحياء الجامعية ولما انتهى أمر الانتخاب زال أثر هؤلاء ولم يعد أحد يرى كرمهم. من جهتها، تنشر الرابطة الفرنسية للمرأة المسلمة جريدة "المسلم الصغير" le Petit Musulman وتُوزع على الأطفال في ساحات مدارس التعليم الديني التي لا تمثل غير الفكر الإخواني. إن أغلبية هذه الجمعيات لا تملك أي حضور فعلي وهي حينما تملك بعضه، لا تقوم إلا بنشر قيم لا تتوافق البتة مع مجتمع لائكي ديمقراطي.
ولكن يبدو أن الاتحاد يحاول تخليص الإسلام من بعض العادات المحلية...
إطلاقا. إنهم يحاولون العودة بالرسالة إلى الجذور الأولى. التطبيق التقليدي للإسلام -خصوصا في البلدان المغاربية- في الغالب أقل راديكالية مما يرنو الاتحاد إلى بلوغه، إنهم يحاولون "العودة بالإسلام إلى البداوة" -Bédouiniser- على حسب تعبير صهيب بن الشيخ (2).
كيف يُموَّل الاتحاد؟
في البداية، كان يشرف عليه الشيخ زايد (الرئيس السابق لمجلس رئاسة دولة الإمارات العربية المتحدة) وحاليا تُُموله على وجه الخصوص مؤسسة آل مكتوم، على لقب أمير دبي، وأما مساجدها فتُبنى أساسا بفضل هبات أثرياء الخليج رغم أن قيادييه يصرون على أن ما يتلقونه من الخارج لا يتجاوز نسبة 30% من الميزانية الكلية ولكن يجب التذكير أيضا أنه لما يقوم أحد الأمراء بتقديم مبلغ عشرة آلاف دولار في باريس فإن هذا سوف يعتبر هبة فرنسية، وحينما يطلب القرضاوي من أحد تلامذته القدامى أي مبلغ من المال فسيكون بين يديه دون أن يجرؤ أحد على طلب معرفة وجهة الأموال فالأثرياء الخليجيون عادة لا يهمهم مصير أعطياتهم، كل ما يعنيهم هو أن يقوموا بدفع نسبة 10% لكي يكونوا على توافق مع ما يقرره الشرع الإسلامي وحسب.
فيم تخصص هذه الأموال؟
الـUOIF تدعم أساسا المحامين الذين يترافعون لصالح الفتيات المتمدرسات المحجبات اللواتي يهاجمن الدولة قضائيا لأجل رفع القانون الذي يمنعهنّ من ذلك، إلا أن أهم نشاط يتم فيه صرف المال هو عمليات شراء وبناء المزيد من المراكز لأجل كسب مزيد من الاهتمام لأن انتخابات المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية تعتمد أساسا على مساحة مساجد كل منظمة أو فيدرالية للمسلمين في فرنسا لأنه كلما زاد عدد الأمتار المربعة التي تملكها كلما زاد عدد الناخبين لك وبالتالي كلما زادت أهميتك السياسية.
هذا يعني أن المجلس يعتمد على منظمة راديكالية لا تمثل غير أقلية وسط المسلمين مما قد يمنحها مكانة مغالى فيها؟
لقد اشترطت الجمهورية من خلال المجلس أنه يتعين على المسلمين الليبراليين أن يذهبوا مرة كل أسبوع ويشربوا الشاي مع المسلمين الراديكاليين، إن الاتحاد لم يتراجع في أي مرة عن مبادئه وفي المقابل، لقد طُلب من دليل بوبكر (3) رئيس المجلس أن يقرأ بنفسه في كل مرة التقارير التي يتم إصدارها بالتنسيق مع الاتحاد. في الحقيقة هذه المنظمة حازت منذ البداية على قيادة مجلس الديانة الإسلامية حتى صار في الإمكان أن يتولى أمينها العام فؤاد علاوي منصب نائب الرئيس. إننا وفي النهاية ضحينا بثلاثة ملايين ونصف المليون مسلم في سبيل طموحات الجهة الأكثر راديكالية سياسيا ومثلما أن طريقة انتخاب المجلس لم تتغير، فإن الاتحاد سوف يكون المستفيد الأول من الاقتراع القادم لأنه استطاع أن يواصل عملية كسب مزيد من الأمتار المربعة، من هو الرابح أخيرا: الجمهورية أم اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا.
من بين الواحد والأربعين مقعدا التي يضمها المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية الذي أعلن عنه في نيسان/أبريل 2003 من خلال تصويت 4042 من الناخبين الكبار فقط، نال الاتحاد 13 مقعدا وهذا ما يضعه في المرتبة الثانية بعد الفيدرالية الوطنية لمسلمي فرنسا (المقربة من المغرب) بستة عشر مقعد وقبل "مسجد باريس" (الواقع تحت النفوذ الجزائري) بستة مقاعد فيما تقاسم الأتراك والمستقلون وذوو الأصول من جزيرة "لاريونيون" المقاعد الستة المتبقية.
من إضافة المترجم
(1) دوفيلبان كان وزيرا للداخلية في حكومة رافاران المستقيلة حديثا وهو الآن على رأس الحكومة.
(2) صهيب بن الشيخ هو مفتي مرسيليا.
(3) دليل بوبكر هو عميد مسجد باريس
الجمعة مارس 16, 2012 11:44 am من طرف الكنج