اتفق محللون وخبراء أن السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط بعد فوز الرئيس الامريكي اوباما في ولاية ثانية ستراوح مكانها دون تغيير كبير، وأن الملفات كافة ستعالج بشكل منفصل تبعاً للاحداث التي ستمر بها المنطقة.
تمارس الولايات المتحدة الامريكية نفوذاً وتأثيراً كبيرين في الاحداث بمنطقة الشرق الأوسط، من خلال علاقات سياسية واستراتيجية قوية مع معظم بلدان العالم العربي، فيما غزا جيشها في السنوات الماضية افغانستان والعراق، وتقوم اساطيل تابعة لها باعمال دورية في مياه الخليج العربي، وتشن في احيان عدة هجمات جوية فوق اليمن، وكذلك شاركت في الحرب على ليبيا بعد انطلاق الثورة من اجل اسقاط نظام القذافي.
سياسة خارجية دون مفاجآت
في حديث مع DW رأى بول سالم، مدير مركز كارنيغي للشرق الاوسط أن فوز اوباما لولاية ثانية يعني استمرار السياسة الخارجية الامريكية بنفس الوتيرة، ما يعني بأنه لن يكون هناك حراك على صعيد الملفات العربية سواء فيما يتعلق بعملية السلام في الشرق الاوسط، او العلاقة مع دول الربيع العربي. أما العلاقة مع إيران فقد تشهد تواصلاً دبلوماسياً لمنع وصولها إلى تنفيذ برنامج نووي عسكري.
وأوضح سالم أن اوباما في بداية دورته الثانية سيكون منشغلاً في الشئون الداخلية الامريكية خاصة الوضع الاقتصادي، ولن يلتفت كثيراً تجاه القضايا الخارجية باستثناء علاقة بلاده مع روسيا التي ستشهد مفاوضات للوصول إلى قواسم مشتركة فيما يتعلق بالعلاقة بين الطرفين.
وتعتبر الولايات المتحدة الامريكية اللاعب الابرز في سياسة الشرق الاوسط، من خلال رعايتها لعملية السلام المجمدة حالياً بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية، وكذلك دعمها للربيع العربي في تونس ومصر واليمن، وأحداثه الدائرة حالياً في سوريا بشكل ساهم كثيراً في تغيير قيادات عدد من الدول العربية.
الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي.. تباين في الآراء
واتفق المحللون السياسيون أن السياسة الامريكية لن تبذل جهوداً مضنية لحل القضية الفلسطينية وانهاء النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي بشكل كبير، لاسيما بعد فشل اوباما في بداية ولايته الاولى بالدفع نحو حل سياسي وإقامة دولة فلسطينية جنباً إلى جنب مع اسرائيل.
وقال اللواء د. محمود خلف عضو المجلس المصري للشئون الخارجية لـ DW أن هناك ضبابية في مسألة تحريك عملية السلام لاسيما في ظل الحكومة الاسرائيلية اليمينية والتحالف ما بين بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي الحالي، ورئيس حزب اسرائيل بيتنا اليميني المتشدد افيغدور ليبرمان، مشيراً إلى أن السياسة الخارجية الامريكية ثابته باتجاه هذا الملف سواء من الجمهورين أو الديمقراطيين.
واضاف أن السياسة الامريكية لن تحدث اي اختراق كبير في منطقة الشرق الاوسط الا في حال تغيرت المعطيات القائمة حالياً، سواء بقيام انتفاضة فلسطينية ثالثة أو تحرك عربي مختلف عن النحو السائر حالياً.
من جانبه توقع د. جورج جقمان المحلل السياسي الفلسطيني والاستاذ في جامعة بيرزيت في رام الله لـ DW ، أن يكون التدخل الامريكي في الشأن الفلسطيني – الاسرائيلي اكبر في ظل انتخاب اوباما لولاية ثانية لان الادارة الامريكية تدرك أن استمرار الوضع على ما هو عليه لن يدوم، وان السلطة الفلسطينية على حافة الانهيار وهذا لن يكون في صالح احد، مما قد يدفع إلى اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة.
وتقاطع رأي سالم مع د. جقمان بضرورة تدخل الولايات المتحدة في عملية السلام، خوفاً من ظهور عوامل جديدة بعد الثورات العربية، وامكانية تدخل الجمهور العربي لاسيما المصري في المواجهة الدائرة مع الفلسطينيين.
استبعاد الحرب مع إيران
رأي بول سالم أن ادارة اوباما الجديدة ستولي اهمية كبرى للملف النووي الايراني لمنع حدوث اي مواجهة عسكرية مع طهران، وذلك من خلال تدخل دبلوماسي كبير، في ظل إعلان القيادة الإيرانية بأنها غير راغبة في صنع قنبلة نووية، وان إنتاجها النووي قطع الكثير من الخطوط الحمر التي وضعتها إسرائيل.
وأشار د. محمود خلف إلى أن الحرب مع ايران مستبعدة تماماً نظراً للتجربة الامريكية الباهظة الثمن خلال حربها في أفغانستان أو العراق، وان فلسفة اوباما كانت الخروج من المستنقع العراقي وليس الدخول في حروب جديدة غير مضمونة النتائج.
ويشهد الملف النووي الايراني اهتماماً بالغاً لدى الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوروبي وروسيا وكذلك لدى إسرائيل، لخشية الدول العظمي من وصول ايران للسلاح النووي مما يشكل تهديداً استراتيجياً على حليف الولايات المتحدة في الشرق الاوسط، أي إسرائيل، وكذلك على الدول الخليجية التي ترى في وصول إيران للسلاح النووي خطراً على مصالحها وامتداداً للمنهج الشيعي.
مواجهة محتملة مع السلفيين
وشهدت المنطقة العربية خلال السنتين الماضيتين ثورات شعبية أطاحت بزعماء كانوا حلفاء مقربين للولايات المتحدة الامريكية في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن، فيما تستمر انتفاضة مسلحة في سوريا احد أبرز حلفاء إيران في المنطقة.
واوضح اللواء خلف ان امريكا ستتعامل مع دول الربيع العربي كما تعاملت معها منذ البداية، لقد تقبلت وصول الاسلاميين إلى الحكم، وستكون العلاقات بناء على استمرار المعطيات الحالية في المنطقة، وفي ظل استقرار العلاقات الاقتصادية بين امريكا والدول العربية لاسيما مصر، ومع حفاظ مصر على معاهدة السلام سيستمر الوضع على ما هو عليه دون تغيير كبير.
اما بول سالم فيرى أنه لا سبب لوجود اي صدام مع الاسلاميين، ولكن قد تكون المواجهة مع السلفيين الجهاديين، حيث أن سياسة الاخوان لا تتعارض مع فلسفة الولايات المتحدة في المنطقة، واستمرت الزيارات بين الجانبين، وكانت زيارة الرئيس المصري الاولى هي للحليف الاكبر للولايات المتحدة في العالم العربي وهي السعودية مما يشير إلى طمأنينة في واشنطن.