دعا الكاتب الأميركي توماس فريدمان واشنطن إلى إعادة النظر في سياساتها الخارجية وخاصة تلك التي تتعلق بالشرق الأوسط الذي يحتاج فقط إلى المدارس الحديثة والحقائق المرة والكف عما وصفه بمهرجان الكذب.
ويستهل الكاتب مقاله بصحيفة نيويورك تايمز بما كتبه المؤرخ العسكري والمحلل السياسي فيكتور ديفيس هانسون الذي كتب عن مختلف السبل التي طرقتها أميركا مع العراق وإيران وليبيا وسوريا ومصر وباكستان وأفغانستان، ووجد أن جميعها لم تؤت أكلها.
ومما قاله هانسون "لنراجع خيارات السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط خلال العقود الأخيرة"، ويضيف أن "المساعدات العسكرية والتدخل العقابي دون المتابعة فشلت في معظمها، وأن المحاولة في مساعدة المحتجين في الإطاحة بالحكام المستبدين لم تضمن حالا أفضل، كما أن دعم الحكام المستبدين بالمساعدات العسكرية بغيض وينطوي على نتائج عكسية".
ويخلص هانسون إلى أن القبلية والنفط والتطرف الإسلامي خليط سيئ يجعل الأميركيين يسأمون من الشرق الأوسط، سواء إذا ما حاولوا الانخراط فيه أو حتى النأي بأنفسهم عنه.
ويتفق فريدمان مع هانسون في ذلك قائلا إن ذلك الخليط يتسبب في تآكل متطلبات المجتمع الذي يتطلع إلى الأمام حيث المؤسسات التي تنجب حكومات مناسبة وسياسات توافقية تضمن تبادل السلطة، وحقوق المرأة والتعددية التي توفر الحماية للأقليات وتسمح بالتعليم الحديث.
أوجه العجز وكان تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية في العالم العربي الذي نشر في 2002 قال شيئا شبيها بذلك: ما يعانيه العالم العربي هو العجز في الحرية والعجز في التعليم الحديث والعجز في تمكين المرأة. لذلك -والكلام لفريدمان- فإن السياسة الأميركية يجب أن تتعاطى مع أوجه العجز المذكورة، مشيرا إلى أن أكثر من نصف النساء في مصر وربع الرجال لا يقرؤون، وأن الشباب المصريين الذين يقودون الثورة يتوقون إلى الأدوات التعليمية والحرية لتحقيق النجاح في العالم الحديث. ويقول إن "ردّنا (نحن الأميركيين) يجب أن ينطوي على تحويل المساعدات المالية من الطابع العسكري إلى بناء المدارس العلمية والتكنولوجية الحديثة في جميع أرجاء مصر". ويسخر الكاتب من المسؤولين الأميركيين عندما يتحدثون عن ضرورة تدريب الأفغان على القتال، قائلا "هل الأفغان بحاجة إلى تدريب؟ لقد هزموا البريطانيين والسوفيات!". ويتابع فريدمان "في باكستان، أميركا تدفع للجيش الباكستاني حتى يصبح بوجهين، كي لا ينقلب عليها. وفي البحرين، ننظر بطريقة مختلفة عندما تسحق الحكومة الحركة الديمقراطية التي تطالب بالمشاركة في السلطة، ونراقب بصمت حليفتنا إسرائيل وهي تشيد المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية التي نعرف أنها كارثة بالنسبة للديمقراطية اليهودية". ويمضي بالقول "إننا لا نبلغ باكستان بالحقيقة لأنها تملك أسلحة نووية، ولا نقول للسعودية الحقيقة لأننا مدمنون على نفطهم، ولا نقول الحقيقة للبحرين لأننا بحاجة إلى القاعدة البحرية، أما مصر فنخشى أن تتخلى عن معاهدة كامب ديفد، ولا نقول الحقيقة لإسرائيل لأننا بحاجة إلى أصواتها (في الداخل)". ويختم فريدمان مقاله بأنه لا يمكن بناء شيء جيد على تربة غنية بالأكاذيب من جانبنا، وغنية جدا بالطائفية والقبلية والتطرف من جانبهم.
الإثنين مارس 26, 2012 6:28 am من طرف الزعيم