يحاول المبعوث الخاص للامم المتحدة والجامعة العربية تطبيق خطته للتسوية في سورية. وتلعب روسيا دور الوساطة في هذه التسوية. فماذا يمكن ان ننتظر من كوفي عنان؟ وما هي اهداف مهمته؟
تحدث الاكاديمي والمستشرق الروسي يفغيني بريماكوف وزير الخارجية الاسبق ورئيس الوزراء الاسبق في روسيا في هذا الموضوع يوم 9 ابريل/نيسان الى اذاعة "صوت روسيا".
السؤال الذي يتبادر فورا للاذهان: هل الجانبان المتناحران مستعدان لتنفيذ شروط الهدنة؟ - سيتضح هذا الامر يوم 10 ابريل/نيسان حين يصل الى موسكو وليد المعلم وزير الخارجية السوري. كما يصل الى روسيا من دمشق بعد اسبوع وفد من المعارضة السورية.
وقد ادلى يفغيني بريماكوف الذي يترأس في الوقت الراهن مركز الدراسات لدى اكاديمية العلوم الروسية ومنتدى "ميركوري" أدلى بحديث لاذاعة "صوت روسيا" تحدث فيه عن مستقبل الشرق الاوسط وسورية واليكم نص حديثه:
س - شكك الكثيرون بنجاج مهمة كوفي عنان. وبالرغم من ان بعثة الوساطة تواجه صعوبات، فقد احرزت بعض النجاحات... على سبيل المثال فقد تمكن من وضع خطة التسوية وحمل الحكومة السورية على اتباعها. هل لديكم ثقة بكوفي عنان؟
ج – أعرف كوفي عنان منذ مدة طويلة. البعض يعتبر انه لم ينجح في شيء ابدا؟ والامر ليس كذلك. انا اتذكر الجهود التي بذلها في بغداد حيث كنا نساعده عندما زار العراق. لقد اتصل بي مرة ليلا من بغداد وقال شكرا بالروسية مشيرا الى انه يشكر فيكتور بوسوفالوك السفير الروسي في بغداد والذي اصبح بعد ذلك نائب وزير الخارجية. لقد احبطت تلك الزيارة ضربة كانت الولايات المتحدة تخطط لتوجيهها الى العراق.
كوفي عنان رجل ذكي جدا ومتوازن. ولن يقف الى الجانب الذي تقف فيه الولايات المتحدة او الدول الاوروبية.انه يتخذ موقفا موضوعيا مما يحدث. وانا واثق من ذلك. ويعني هذا الامر بالنسبة الى سورية ان من الضروري تهيئة الظروف لوقف اطلاق النار من كلا الجانبين. وهنا لا يجوز اتهام الحكومة ومطالبتها باتخاذ خطوات احادية الجانب، في الوقت الذي يجري فيه تحريض المعارضة من وراء الكواليس وتسليحها وتهيئة خلفية اعلامية ملائمة لها.
لقد فهمت ان كوفي عنان لن يمارس هذا النهج، وهو اقترح بالفعل خطة وافقت عليها فيما بعد روسيا والصين وغيرها. وتنحصر المشكلة الآن في كيفية تنفيذها. وشرطها الاساسي كان وقف إطلاق النار من قبل الجانبين.
س- ألم توافق الحكومة السورية على ذلك؟
ج – نعم وافقت الحكومة السورية على ذلك، بل وحددت موعدا. لكن من يسمون باصدقاء سورية اجتمعوا مؤخرا كما تتذكرون وبحثوا مسألة تزويد المعارضة بالاسلحة... اين بعد ذلك الضمانات بان المعارضة لن تبدأ هجوما مسلحا على النظام بعد ان يسحب قواته من المدن؟ يجب الا يجري التعامل مع الحكومة السورية فقط فحسب، بل ومع المعارضة. واننا نقوم بهذا العمل مع الحكومة بالتعاون مع الصينيين. لكننا لا نشهد تعاملا مماثلا مع المعارضة. وعلى العكس يقوم هؤلاء الاصدقاء كثيرا بتحريض المعارضة ودعمها وتسليحها.
س- يعني ذلك ان هدف الغرب هو تغيير نظام الاسد في سورية؟
ج- الغرب يرغب في تغيير نظام الاسد. وترغب في ذلك ايضا بعض الدول العربية .. قطر والسعودية على سبيل المثال. ولكلّ واحد منهم سببه لذلك. لكن الاهم من ذلك هو انها لا تريد تشكيل طوق شيعي. والمقصود بالامر هو ايران والعراق حيث يشكل اهل الشيعة غالبية السكان وسورية ولبنان حيث يحظى اهل الشيعة بمواقع قوية. وتخشى ذلك اكثر من اي احد الدول الخليجية حيث توجد اقليات شيعية.
س- ما رأيكم في احتمال نشوب الحرب الاهلية في سورية؟
ج- الحرب الاهلية قد بدأت بالفعل وستزداد أبعادها في حال استمر غياب الاتفاق. وهناك خطر من ان تحمل الحرب صبغة دينية وتتحول الى صدام طائفي بين العلويين القريبين من اهل الشيعة من جهة والسنة. وفي هذه الحال ستكون الحرب دامية جدا.
س – اذن هناك هدف آخر هو إضعاف ايران او حتى التهيؤ لتغيير النظام في ايران؟
ج- الامر كذلك الى درجة ما. من المعروف ان دمشق وطهران تقاربتا لسبب واضح، اذ ان السوريين يخشون مواجهة اسرائيل بمفردهم ويحتاجون الى من يقف وراءهم ويدعمهم. وهو ايران.
س- التقيتم بشار الاسد. فما هي انطباعاتكم عن هذا اللقاء؟
ج- التقيت بشار الاسد اكثر من مرة. ولا انتمي الى الذين يعتبرون انه يتخذ موقفا عدوانيا. كلا ابدا. الامر ليس كذلك حتى من وجهة النظر المهنية.
س- نعم، مهنته هي طب العيون أليس كذلك؟
ج- بالتأكيد، وهو ليس من الذين يريدون فقأ عين أحد.
س- سيصل وفد للمعارضة السورية الى موسكو في الاسبوع القادم. وستكون هذه المرة معارضة من دمشق. هل تحتاج روسيا الى التواصل مع المعارضة؟
ج - بالطبع. من الضروري ان نبين للجميع اننا لا ننشد اهدافا انانية، بل نريد احلال السلام في سورية وعدم اللجوء لمنطق القوة من قبل اي طرف.
س – تكتبون في كتابكم "الشرق الاوسط.. على الخشبة ووراء الكواليس" الذي صدرت نسخة جديدة منه، ان الربيع العربي في تونس ومصر نضج في داخل هذين البلدين ، وهناك اسباب اجتماعية واقتصادية لذلك. اما بالنسبة الى ليبيا وسورية فترى ان هناك تأثيرا خارجيا الى درجة اكبر. إلام يستند هذا الاستنتاج؟
ج- لم تكن الولايات المتحدة بادئ الأمر الجهة التي نظمت انتشار الربيع العربي في سورية وليبيا. وقد لعبت التلفزة والانترنت والهواتف الخلوية هنا دورها. لكن اذا لم تتحول الصدمة التي واجهها السياسيون الامريكيون في تونس ومصر الى رغبة في بسط السيطرة على الوضع فان ليبيا كما نرى شهدت بادئ ذي بدء استخدام الاسلحة ضد النظام. ألا يعني ذلك شيئا؟
س- ما هي رؤيتكم لمنطقة الشرق الاوسط في المستقبل القريب. هل هناك أمل بحلول استقرار هناك؟
ج- سيشهد الشرق الاوسط كما قلت عصرا جديدا وبالتأكيد بالنسبة الى مصر. وسيلعب توازن القوى بين الاسلاميين المعتدلين والراديكاليين دورا هاما. ولا يمكن إسقاط دور الجيش من الحساب ايضا.
س- واذا تحدثنا عن المنطقة ككل؟
ج- لا يجب ان تكون نظرتنا الى هذه المنطقة عمومية. هناك بلدان مختلفة وانظمة مختلفة بما في ذلك من حيث استقلاليتها. فيجب ان ننظر الى كل منها على حدة.
س – هل ستشهد المنطقة معاناة كبيرة؟
ج - بالطبع
المصدر : يلينا سوبونينا رئيسة مركز وسط آسيا والشرق الاوسط لدى المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية ، اذاعة "صوت روسيا"
الجمعة أبريل 13, 2012 1:50 am من طرف M.ELHENDY