كشفت مصادر رفيعة المستوى داخل جماعة الإخوان المسلمين عن أن حكومات غربية تحث القوى السياسية الوليدة فى مصر على تقديم حصانة للمجلس العسكرى من المحاكمة، أو ما يسمى بالخروج الآمن من السلطة. ونقلت صحيفة الجارديان البريطانية عن عدد من كبار أعضاء حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين قولهم إن المجتمع الدولى يضغط عليهم سرا للتوصل إلى صفقة مع المجلس العسكرى لتقديم خروج آمن للجنرالات الذين يتولون الحكم منذ تنحى مبارك، وذلك مقابل انتقال سلس نحو الديمقراطية. وقال جهاد الحداد، أحد كبار مستشارى الجماعة إن السفارات الأجنبية دعت إلى هذا الأمر باعتباره حلا. وأضاف: "إنهم لا يطلبون منا النظر به، بل يقولون إنه ربما يكون المخرج الوحيد". وتوضح الصحيفة أنه على الرغم من الوعود المبكرة بانتقال سريع إلى الحكم المدنى، إلا أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة وقائده المشير حسين طنطاوى، تباطأ فى الإصلاح الديمقراطى وأطلق حملات دموية عديدة ضد المتظاهرين المطالبين بالتغيير أسفرت عن سقوط أكثر من مائة قتيل وألف مصاب. ويتابع الحداد قائلا إن الجنرالات على ما يبدو يشعرون أنهم مهددون لاحتمال محاكمتهم بمجرد خروجهم من السلطة، وأضاف أن الإخوان لا تنوى تقديم أى صفقة حصانة للمجلس العسكرى ما لم يكن هناك دعم شعبى لتلك الخطوة. وأوضح أنه كانت هناك خسائر بشرية وعائلات فقدت ذويهم وأحباءهم. و"هناك قانون يحمى الحياة الإنسانية يجب أن يتم سنه، ولو تمت إدانة أى أحد من خلال التحقيقات فيجب أن يخضع للعملية القانونية اللازمة، هذا هو المسار الصحيح ولا ننوى أن ننحرف عنه". وترى الجارديان أن هذا الكشف من شأنه أن يسبب إحراجا للحكومات الغربية التى تسعى جاهدة، بعد عقود من الدعم القوى الذى قدمته لمبارك وغيره من الأنظمة العربية المستبدة، إلى مواكبة المطالب الشعبية بتحقيق العدالة والتى تم التعبير عنها فى الثورات التى اكتسحت المنطقة خلال الأشهر الخمسة عشر الماضية. وأشارت الصحيفة إلى أن الخارجية البريطانية اعترفت بأن منافشات حول الخروج الآمن للعسكر قد أجريت مع الإخوان المسلمين، إلا أنها نفت حدوث دعوة من جانبها لتلك الفكرة. وقال متحدث باسم الخارجية البريطانية: "كجزء من مناقشات أوسع حول الموقف السياسى فى مصر، سألت بريطانيا الإخوان المسلمين عن موقفهم من حصانة الجيش". وتابع المتحدث قائلا: "ناقشنا تجارب الدول الأخرى وأهمية التعامل بشكل بناء مع الماضى، لكننا لم نضغط أبدا من أجل حصانة الجيش، فهذا شأن داخلى تماما يقرره المصريون". من جانبه قال الاتحاد الأوروبى إنه لا يعرف الدول الأعضاء به التى شاركت فى حديث عن حصانة المجلس العسكرى، وقال إن موقف الاتحاد هو أن أى شخص يتهم بأى جريمة يجب أن يقدم للعدالة. من جانبها، لم ترد السفارة الأمريكية فى القاهرة على سؤال من الصحيفة حول هذا الشأن. من ناحية أخرى، نقلت الجارديان عن حسام بهجت مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وهى منظمة حقوقية وثقت لحالات كثيرة من عنف الدولة ضد المدنيين تحت حكم المجلس العسكرى، قوله إذا كانت الدول الغربية قد دعت إلى هذا، فإنه يمثل مؤشرا على أنهم لم يتعلموا أى شىء من تاريخ التحولات أو التطورات الأخيرة فى القانون الجنائى الدولى التى توضح أنه لا يوجد سلام ممكن بدون عدالة. وأعرب بهجت عن دهشته من استمرار هذا النقاش القديم والمرهق عن المساءلة مقابل الاستقرار، مشيرا إلى أنه يدل على أن هذه الحكومات الغربية لم تتعلم شيئا من الأخطاء التى ارتكبوها فى حكم مبارك حينما كانت راغبة فى النظر فى الاتجاه الآخر وتدفع ضريبة كلامية فقط لحقوق الإنسان والمساءلة لصالح ما يعتقدون أنه استقرار. وتابع قائلا إن ما حدث لم يكن مجرد وحشية لا هوادة فيها ضد متظاهرين سلميين وقتل العشرات منهم بتواطؤ واضح وإذعان من ضباط الجيش، ولكن أيضا جهود مرتبة لحماية الجناة من العقاب على هذه الجرائم. "يريدون أن يتمتعوا بنوع من الحصانة لا تختلف عن تلك التى حظوا بها فى عهد مبارك. لكن هذا الأمر لن يُسمح بحدوثه. وسيواجهون ردا على انتهاكاتهم وأيضا جهودهم لمحاولة عرقلة العدالة".
الأحد أبريل 01, 2012 9:40 am من طرف الكنج