ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن جماعة الإخوان المسلمين فى مصر، والتى تعد نفسها فى هذه الآونة للسيطرة الكاملة على السلطة فى مصر، تسعى حاليا إلى توسيع علاقاتها مع كل من حركتى فتح وحماس الفسلطينيتين، فى إطار الجهود التى تهدف إلى وضع مزيد من الضغوط على إسرائيل لتحقيق حلم الدولة الفلسطينية المستقلة. وأضافت الصحيفة أن مسئولى الإخوان يمارسون ضغوطا كبيرة على حلفائهم فى حركة حماس، التى تسيطر حاليا على قطاع غزة، لإيجاد حلول يمكن من خلالها تحقيق التقارب مع حركة فتح المدعومة من جانب القوى الغربية والمؤيدة لعملية السلام مع إسرائيل، وبالتالى إنهاء الانقسام الفلسطينى الحالى. وترى النيويورك تايمز أن الجهود الحالية التى تبذلها جماعة الإخوان المسلمين فى مصر، لإيجاد دور بارز يمكن أن تلعبه فى حل القضية الفلسطينية – والتى تعد القضية المحورية فى منطقة الشرق الأوسط – هو مؤشر واضح لسعى الإخوان للسيطرة الكاملة على السلطة فى مصر بعد أن تمكنوا من السيطرة على أغلبية المقاعد البرلمانية خلال الانتخابات الأخيرة من خلال حزب الحرية والعدالة الذى يمثل الذراع السياسية للجماعة. وأوضحت الصحيفة أن الموقف الإخوانى من القضية يعكس أن هناك نية واضحة لدى قادة الجماعة فى أن يتبنوا موقفا أكثر اعتدالا، تجاه القضايا الخارجية، وبالتالى إعادة تشكيل الدور المصرى تجاه مختلف القضايا الدولية والإقليمية. وقد أعرب العديد من قيادات الإخوان عن نية الحركة فى تغيير سياساتها تجاه بعض القضايا المتعلقة بالشأن الفلسطينى، كالتخلى عن فكرة المقاومة المسلحة ضد إسرائيل، التى تتبناها حركة حماس، هو ما أرجعته الصحيفة لرغبة قادة الإخوان فى أن يبدأوا صفحة جديدة مع حركة فتح، خاصة أن الجماعة كثيرا ما انتقدت قيادات فتح لتعاونهم مع إسرائيل. وأضافت الصحيفة الأمريكية أن الإخوان المسلمين فى مصر قد أكدوا أنهم اذا ما تمكنوا من إقناع الفصائل الفلسطينية بالتوحد والعمل جنبا إلى جنب مع القيادات المصرية الجديدة، والتى ستتبنى سياسات مغايرة لتلك التى انتهجها النظام السابق، فإن ذلك سيؤدى إلى مزيد من الضغط على إسرائيل لتقدم مزيدا من التنازلات فى سبيل تأسيس الدولة الفلسطينية. وقال رضا فهمى، رئيس لجنة العلاقات العربية بمجلس الشورى والقيادى بالجماعة، فى تصريح أوردته النيويورك تايمز، إنه لابد أن "نصل إلى اتفاق بين كافة الفصائل الفلسطينية لتعمل كلها تحت مظلتنا، لذلك فيجب علينا أن نقف على مسافة متساوية منهم جميعا. وأضاف أنه لابد أن يكون هناك قدر من الاختلاف فى مواقف الجماعة عندما تصل إلى سدة الحكم. وأوضحت الصحيفة أن هذا التحول نحو مزيد من الحيادية الذى شهدته مواقف الجماعة مؤخرا تجاه حركتى فتح وحماس، قد يخفف من قلاقل الولايات المتحدة، والتى كثيرا ما أعربت عن انزعاجها من العلاقات الإخوانية الحمساوية، والتى اتسمت بقدر كبير من التحالف خلال المراحل السابقة. إلا أن التحول فى السياسات المصرية تجاه القضية الفلسطينية قد يربك الحسابات الإسرائيلية إلى حد كبير، خاصة أن تلك السياسات، سوف تشهد تغيرا كبيرا عن تلك التى تبناها الرئيس المصرى السابق حسنى مبارك والذى كان يعمل دائما على تقديم الدعم لحركة فتح والتزامه الكامل بعملية السلام، لذا فقد أعرب المسئولون الإسرائيليون عن رفضهم الكامل للتفاوض مع أى حكومة فلسطينية تشمل عناصر من حماس. وأكد فهمى أن الإخوان المسلمين فى مصر يثقون أن التوحد الفلسطينى سوف يكسر كافة الحواجز التى تعوق المحادثات مع إسرائيل، موضحا أن المفاوض الفلسطينى سوف يذهب إلى مائدة المفاوضات مع إسرائيل وهو يعلم أن الشعب الفلسطينى بأكمله سوف يؤيد خطواته فى هذا الاتجاه، مؤكدا أن مثل هذه الخطوة تعكس تغييرا كبيرا فى مسار القضية الفلسطينية. وأشارت الصحيفة إلى التصريحات التى خرجت من قادة الإخوان فى أكثر من مناسبة، معربين فيها عن احترامهم لمعاهدة السلام مع إسرائيل بعد عقود طويلة من العداء، لذا فإنهم يؤمنون بأن التعايش الإخوانى مع إسرائيل يجب أن يكون نموذجا يحتذى به من جانب الحمساويين. وهنا أشار فهمى إلى التصريحات التى خرجت عن بعض القادة الحمساويين والذين أعربوا عن استعدادهم الكامل للتعايش مع الدولة العبرية على حدود 1967، مضيفا أن الجماعة تدعم تماما هذا الطرح بشرط أن تكون الدولة الفلسطينية الوليدة ذات سيادة كاملة على أراضيها. وأضافت النيويورك تايمز أن المرشد الأعلى لجماعة الإخوان المسلمين قد طالب رئيس المكتب السياسى لحماس خالد مشعل بأن يبدى قدرا من المرونة، وهنا أشار فهمى إلى أن حماس بالفعل قد استجابت لهذا المطلب من خلال قبول الحركة للرئيس الفلسطينى محمود عباس ليكون رئيسا لحكومة الوحدة الفلسطينية حتى إجراء الانتخابات الفلسطينية القادمة.