تبايت المواقف حول تأثير هجمات تولوز على الانتخابات الرئاسية الفرنسية. فهناك من يعتقد أن الملف الأمني، بعدما كان غائبا، سيعود إلى الواجهة الانتخابية، في حين يرى البعض أن المواضيع الاقتصادية هي التي ستفرض نفسها في نهاية المطاف.
ما هي انعكاسات الاعتداء الذي استهدف المدرسة اليهودية في مدينة تولوز -جنوب غرب فرنسا- الاثنين الماضي على الحملة الانتخابية الفرنسية؟ هل سيغير نوايا التصويت لدى الناخبين الفرنسيين وطبيعة خطابات المرشحين في ما يتعلق بملف الأمن؟ من هو المرشح الذي سيستفيد أكثر من غيره من هذا الحادث؟
يرى ستيفان روزيس، رئيس مجلس التحليلات والتوقعات السياسية، أن أحزاب اليمين هي التي ستجني دون شك الأرباح السياسية من أحداث تولوز وأن ساركوزي، باعتباره الرئيس الحالي والرجل الذي تقع عليه مسؤولية حماية الفرنسيين، هو الذي سيستفيد أكثر من الاعتداءين وأن حملته الانتخابية ستشهد انتعاشا جديدا في الأيام القليلة المقبلة.
ويضيف المحلل كون المشتبه به في الهجومين برر أفعاله بقتل الجيش الإسرائيلي لأطفال فلسطينيين وكونه فرنسي من أصول مغاربية ستكون عناصر جديدة تستغلها أحزاب اليمين، لا سيما اليمين المتطرف بقيادة مارين لوبان التي تسعى دائما إلى طرح مواضيع أمنية أكثر من المواضيع الأخرى
نفس التحليل تقريبا قام به إريك بوني وهو مدير الدراسات في معهد "بي في أي" لاستطلاعات الرأي، إذ صرح في مقابلة هاتفية مع فرانس 24 أن في حال عادت مشكلة الأمن لتحتل طليعة اهتمامات الفرنسيين خلال هذه الحملة، فمن دون شك نيكولا ساركوزي ومارين لوبان سيستفيدان من ذلك. وأوضح بوني أن معهده في انتظار نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة لمعرفة مدى تأثير أحداث تولوز على الحملة الانتخابية وعلى نية التصويت لدى الناخبين الفرنسيين.
تجنب استغلال أحداث تولوز لأسباب انتخابية
ويقول إريك بوني: "في الحقيقة وخلافا عن انتخابات 2007، الفرنسيون لا يهتمون هذه المرة كثيرا بمشكلة الأمن، بل ما يهمهم هو تحسين أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية، منوها بأنه من الممكن جدا أن يعود ملف الأمن إلى الواجهة الانتخابية بسبب الصدمة الكبيرة التي نتجت عن أحداث تولوز. ويضيف بوني أن على المرشحين العشرة تجنب استغلال هذا الحادث لأسباب سياسية لأن المقترعين الفرنسيين لن يقبلوا باستغلال مأساة عائلية لأسباب سياسية، داعيا مرشح الحزب الاشتراكي فرانسوا هولاند إلى عدم تبديل استراتيجيته الانتخابية المبنية على الاعتدال والوحدة بين جميع الفرنسيين إذا أراد البقاء في طليعة السباق الرئاسي.
من جهته، يرى خطار أبو دياب وهو محلل سياسي وأستاذ في جامعة "باريس جنوب" أن أحداث تولوز جمدت الحملة الانتخابية، لكن ليس لمدة طويلة والدليل حسب تعبيره هو محاولة زعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبان استغلال هذه المأساة للقول أن الركيزة الأساسية لمعاداة السامية لا تأتي من اليمين المتطرف بل من الإسلام المتطرف
وأضاف أبو دياب أن الرئيس نيكولا ساركوزي هو الذي سيظهر بالرجل القادر على الحفاظ على الأمن في فرنسا، مشيرا أنه من المبكر جدا الحسم عما إذا كانت أحداث تولوز ستغير موازين القوى السياسية والانتخابية بين المرشحين أم لا.
"أحداث تولوز لن تحسم نتائج الانتخابات"
وقال أبو دياب: "طبعا في حال سلم القاتل المشتبه به اليوم نفسه إلى الشرطة، فهذا سيحسب دون شك لصالح نيكولا ساركوزي، مذكرا أيضا أن فرانسوا هولاند أثبت هو أيضا أنه رجل دولة وله قدرة كبيرة في مواكبة الأحداث".
وأضاف أبو دياب أن أحداث تولوز ليست هي التي ستحسم نتائج الانتخابات في مايو/أيار المقبل لأن الفرنسيين يعانون من مشاكل معقدة أخرى، أبرزها انخفاض قدرتهم الشرائية وتنامي البطالة والأزمة الاقتصادية. "طبعا أحداث تولوز ستقوم بخلط الأوراق السياسية والانتخابية من جديد، لكنها لن تحسم نتائج الانتخابات مئة بالمئة"
وكان فرانسوا بيرو أشار أمس الثلاثاء إلى وجود علاقة غير مباشرة بين المناخ السياسي الفرنسي العام وما حدث في مدينة تولوز. واتهم مرشح حزب الحركة الديمقراطية بعض السياسيين دون ذكر أسمائهم بخلق جو من العدائية والكره بين الجاليات المتعددة التي تعيش في فرنسا، وذلك من خلال تصريحاتهم الخطيرة أو مواقفهم السياسية الاستفزازية، داعيا إلى التحلي بروح المسؤولية وعدم تأجيج الوضع أكثر.
من ناحيته، وبالرغم من أنه اعترف أن أحداث تولوز ستعطي قوة أكبر لحزب الجبهة الوطنية، دعا برنار كول وهو رئيس منظمة "أقدام السود الشبان" إلى الوقوف بجانب العائلات والتضامن معها وإلى توحيد مواقف مرشحي الانتخابات الرئاسية إزاء ما اعتبره بمأساة وطنية، إضافة إلى التفكير في إعداد استراتيجيات أمنية جديدة وناجعة لحماية الفرنسيين من كل الأخطار
الخميس مارس 22, 2012 12:03 pm من طرف الكنج