تعرض العديد من السياح الاجانب في مصر للاختطاف او القتل في صحراء سيناء وهناك من يوجه أصابع الاتهام للبدو بينما يتهم آخرون أتباع الرئيس السابق حسني مبارك بالوقوف وراء تلك الأحداث بهدف "زعزعة استقرار البلد".
بتاريخ 28 يناير/ كانون الثاني تعرضت سائحة فرنسية للقتل وتم جرح سائح ألماني بعد اقتحام ملثمين لمكتب صرف العملات في شرم الشيخ. بعد هذا الحادث توالت حوادث أخرى أغلب ضحاياها سياح غربيين وكان آخرها خطف رجال أعمال من الصين تم إطلاق سراحهم بمقابل مالي.
وتتباين القراءات لخلفيات هذه الأحداث ومن يقف وراءها، DW طرحت الموضوع على خبراء مصريين وأوروبيين يعيشون في مصر، حول هذه الظاهرة التي باتت تلقي بظلالها على عملية الانتقال السياسي في البلد بعد مرور أكثر من عام على ثورة 25 يناير.
البدويون في قفص الاتهام
يتم تنفيد أغلب العمليات من طرف رجال ملثمين يصعب التحقق من هويتهم. غير أن جل الروايات تدين البدو في سيناء. يقول الباحث المصري في التاريخ محمد باهر، في لقاء مع DW عربية " البدويون في سيناء كانوا دائما متمردين على السلطات المصرية. أغلبهم لا يعرف النشيد الوطني وليس لديهم ولاء للوطن الأم. لا يعرفون إلا مكان سكنهم ويعتمدون على أنفسهم في كسب قوت يومهم دون اللجوء إلى السلطة". وبسبب التهميش الاقتصادي الذي يتعرض له البدو يعيش أغلبهم من تجارة الأسلحة والمخدرات يضيف محمد باهر.
وبحسب رواية أحد سائقي الحافلات السياحية الذي يعرف البدو جيدا بحكم اشتغاله في المنطقة، فقد قال لـDW عربية "البدو أناس طيبون وقد تمت معاملتهم معاملة سيئة من طرف النظام السابق خصوصا وزير العدل السابق. فبمجرد وقوع حادث معين يتم إلقاء القبض على أحد البدو دون إجراء بحث تفصيلي في الموضوع". هذه الفكرة يؤيدها الصحافي الألماني المتخصص في الشرق الأوسط فلوريان بيغي الذي التقته DW عربية في مصر " عندما يقوم البدو بـأعمال الشغب فغالبا للاحتجاج. وقد بينت التجارب أن عمليات خطف السياح يأتي كرد فعل على اعتقال أحد البدو أو بسبب تصريحات سياسية تجرح كرامتهم" ويضيف الصحافي بيغي أن" تمرد البدو يمكن ان يكون ضد العسكر والشرطة، خصوصا أن سيناء طبقا لاتفاقية السلام مع إسرائيل بعد حرب 67 يجب أن تكون خالية من العسكر والشرطة وما يحصل هو العكس، إذ أن العسكر حاضر بكثافة هناك ويتحرش كثيرا بالبدو". ولا يستبعد الصحافي الألماني أن يكون أتباع النظام السابق وراء التحرشات والجرائم التي يتعرض لها السياح الأجانب وهو نفس الانطباع الذي يتداوله الكثيرون.
وتبلغ نسبة البدو في سيناء 60 بالمائة وكثيرا ما يتم تبادل إطلاق النار بينهم بين رجال الشرطة وكثيرا ما يتم وصفهم بالخارجين عن القانون، كما أن أنشطتهم تمتد إلى الحدود المصرية الإسرائيلية ويتم بين فينة وأخرى تسجيل اشتباكات بين البدو والقوات الاسرائيلية.
البلطجية يتخفون وراء البدو
لا تقتصر الاعتداءات في مصر على السياح والأجانب وحدهم مما يطرح علامات استفهام حول الجهات التي تقف وراءها. ويرى أحد النشطاء السياسيين المحليين أن فلول الحزب الديمقراطي الوطني(الحاكم في عهد الرئيس السابق) دفعت أموالا للخارجين عن القانون لإثارة الفوضى في البلد ويقومون بتنفيذ عملياتهم بأزياء البدو للتمويه. ويرى البعض أن الاشتباكات بين المسلمين والأقباط بدورها ربما يكون يكون للبلطجية يد فيها. وقد خرجت العديد من الصحف المحلية في الأيام الأخيرة بعناوين عريضة تتحدث عما تسميه "مصر تدخل عصر الاغتيالات السياسية".
وقد تم مؤخرا تسجيل العديد من الحوادث التي قامت بها مليشيات مسلحة أو ملثمين كحادثة اغتيال نرمين خليل موظفة الأمم المتحدة وحادث الاعتداء على المرشح المحتمل للرئاسة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وحادث الاعتداء على عمرو موسي. العديد من المصريين يصفون الوضع بأنه تسوده لغة البلطجة وتصفية الحسابات السياسية. لكن أصواتا أخرى لا تستثني المجلس العسكري من المسؤولية عن هذه الحوادث، خصوصا في حالة الدكتور أبو الفتوح الذي سبق أن صرح للصحافيين أن "المجلس العسكري ليس فوق القانون ويجب محاسبته على أخطائه".
"مصر بلد آمن"
وتثير هذه الانزلاقات الأمنية مخاوف العاملين في القطاع السياحي خصوصا في ظل الركود الاقتصادي الذي يعرفه البلد منذ الثورة. غير أن محمد السيد، مسؤول سياحي مصري، يقلل من أهمية تلك الحوادث ويقول لـ DW عربية" أنظر البلد آمن ويمكنك أن تذهب إلى أي مكان بحرية وبسلام. والحوادث التي وقعت هي حالات معزولة ونادرة".
وقد عاينت DW عربية وجود نقط للتفتيش والمراقبة الأمنية في مداخل المحافظات والمدن وبشكل أكبر في محيط الفنادق والمآثر السياحية. غير أن بعض النشطاء السياسيين الشباب يتخوفون من أن يستمر الوضع على ما هو عليه وتعود الدولة البوليسية إلى الواجهة بدعوى استتباب الأمن. ويعاتب المصريون الإعلام الغربي عما يسمونه "المبالغة في معالجة الوضع الأمني في مصر" لأن ذلك سيدفع إلى تخويف مواطنيهم من السفر إلى مصر لقضاء العطلة. ورغم حالة انعدام الاستقرار السياسي في مصر إلا أن العديد من الأوربيين يتوافدون عليها لقضاء العطلة وزيارة المآثر التاريخية وأخذ صور تذكارية في ساحة التحرير التي دشن فيها المصريون عهدا جديدا من تاريخهم.
الثلاثاء مارس 20, 2012 9:37 pm من طرف sherry