ألمانيا واحدة من أكبر الدول المصدرة للسلاح. والحكومة عي التي تمتلك حق منح تراخيص تصدير الأسلحة، فيما تشح بالمعلومات بشأن هذه الصفقات عن البرلمان. ما دفع المعارضة إلى المطالبة بتزويدها بكل المعلومات بشأن مثل هذه الصفقات.
"بالطبع نحن على علم بصفقات السلاح التي وافقت عليها الحكومة البريطانية في الآونة الأخيرة"، على ما يقول السير جون ستانلي، العضو في البرلمان البريطاني". ويوضح ستانلي خلال مناقشة له في البرلمان الألماني، البوندستاغ، بأن أعضاء البرلمان البريطاني يحصلون كل ثلاثة أشهر على تقرير من الحكومة البريطانية يدرسونه جيدا ويطرحون بعدها أسئلة دقيقة بشأنه". السير جون ستانلي يترأس في لندن لجنة برلمانية لمراقبة تصدير الأسلحة. وهو لا يستطيع أن يشكو من قلة الشفافية في هذه المسألة، مثل نظرائه في البوندستاغ، فهم ينتظرون منذ بداية شهر أيلول/سبتمبر الحالي الحصول على تقرير صادرات الأسلحة لعام 2010. "حين نحصل على هذه المعلومات في نهاية الأمر، ستصبح دون أهمية سياسية"، كما يقول أحد أعضاء البرلمان الألماني منزعجا.
ألمانيا..وقضية الشفافية بشأن صفقات الأسلحة
في بريطانيا يبدو أن هناك إشراك أكبر في مسألة مراقبة صادرات الأسلحة البريطانية أكثر مما عليه الأمر في ألمانيا. السير جون ستانلي يؤكد أن الحكومة البريطانية سحبت منذ بداية الربيع العربي. 157 ترخيص لتصدير الأسلحة. ويعزو ستالني ذلك إلى التقديرات والتلميحات التي وجهها البرلمان إلى الحكومة البريطانية لإساءتها تصدير الأسلحة. أما السبب وراء وجود السير ستانلي في البرلمان الألماني فيرجع إلى نقص المعلومات، فالبرلمانيون الألمان عكس نظرائهم في السويد وبريطانيا وهولندا لا يعرفون شيئا عن صفقات الأسلحة التي عقدتها الحكومة الألمانية في الأشهر الماضية. الأمر الذي تأكد مرة أخرى حين تناقلت وسائل الإعلام الألمانية في شهر تموز/يوليو الماضي خبر عقد صفقة بيع مائتي دبابة من نوع ليوبارد إلى المملكة السعودية، صفقة مثيرة للجدل، إذا ما كانت هذه الدبابات ستستخدم ضد المتظاهرين في البحرين.
الحكومة الألمانية تصمت...
وقد سارع برلمانيون ألمان حين تداول خبر صفقة بيع دبابات ألمانية إلى السعودية إلى المطالبة بالحصول على تفاصيل هذه الصفقة. أما الحكومة الألمانية، التي هي الجهة الوحيدة التي يحق لها الموافقة على مثل هذه الصفقات، فلم تنف أو تؤكد المعلومات التي تناقلتها الصحف واكتفت بالقول إن البرلمان لا شأن له فيما يخص هذه الصفقات التي بررتها بأنها "سرية". إلا أن عددا من المختصين في القانون الدستوري يشككون في صحة مثل هذا التبرير، لافتين إلى أن انتهاج مبدأ "السرية"، كمبدأ عام يلغي الحق الدستوري للبرلمان كونه أداة لمراقبة أداء الحكومة.
من جانبه، يصف يان فان آكن، نائب البرلمان الألماني عن حزب اليسار المعارض، تبرير الحكومة الألمانية لصفقة الأسلحة مع السعودية بـالـ"السخيف "، مؤكدا بالقول: "وهذا يظهر إدراكها بأن قرارها كان خاطئا." ويطالب فان آكن الحكومة الألمانية بضرورة إعلام البرلمان الألماني بصفقات أسلحة بمثل هذا الحجم. ويوضح بأن البرلمان فقط حينها يمكنه ممارسة ضغوط على الحكومة إذا ما تم بيع هذه الأسلحة الألمانية إلى مناطق ودول تنتهك فيها حقوق الإنسان. هذه المبادئ الأساسية التي يطالب بها العضو البرلماني موجودة بالفعل في قواعد تصدير الأسلحة ولكن إلى أي مدى تلتزم بها الحكومة بالفعل، هذا يرجع إلى الحكومة نفسها. أما عضو البرلمان عن حزب الخضر كاتيا كويل فتطالب بوضع قوانين ملزمة لقواعد تصدير الأسلحة.
قانون يلزم الحكومة بإعلام البرلمان بكل صفقة أسلحة
وترى خبيرة مراقبة التسلح في معهد استكهولم للسلام سيبيلا باور أن البرلمان الألماني يحتاج إلى الحصول على المعلومات حول صفقات الأسلحة ليتمكن من إحداث تغيير.فـ"حين تعرف الحكومة الألمانية أنه يتعين عليها تبرير أي قرار أمام البرلمان والشعب، فإنها فستكون حذرة أكثر في اتخاذ أي قرارات أخرى"، كما تقول الخبيرة الألمانية.
يوجد منذ بضعة أعوام توجه عام في أوروبا يطالب الحكومات بمزيد من الشفافية بشأن صفقات الأسلحة حتى أن العديد من الدول ألزمت حكوماتها قانونيا بتزويد البرلمان بمعلومات حولها. إلا أنه يبدو أن ألمانيا مازالت أمامها طريق طويل، حتى تصل إلى هذه الخطوة. والمعارضة ترى أن سن مثل هذه القوانين غير ممكن في الوقت الحالي بالنظر إلى تشكيلة حكومة الائتلاف الحالية. لكن التجارب السابقة أثبتت أيضا أنه حتى مع تغير تشكيلة الحكومة فإنه سريعا ما يتم اللجوء إلى مبدأ السرية من جديد.
الخميس مارس 22, 2012 10:20 am من طرف الكنج