تعد ظاهرة "الخاطبات" من أكثر الظواهر المنتشرة في السعودية، وتؤكد بعض المصادر أن الخطابات تزوجن أكثر من 70 بالمئة من السعوديات.
ويرى البعض أن الشباب السعوديين الراغبين بالزواج يتعرضون عادة للاستغلال من قبل هؤلاء الخاطبات اللاتي يتقاضين مبالغ طائلة لقاء تأمين "شريك العمر".
وتنقل صحيفة "الرياض" عن بتول محمد (إحدى ضحايا الخاطبات) قولها "اضطررت لدفع 3500 ريال لإحدى الخطابات كي تجد لي عريسا مناسبا"، مشيرة إلى شعورها بالقلق لأن "ابن الحلال" لم يدق بابها بعد.
وتقول فاطمة وهي موظفة تزوجت في سن 35 عاما "إن الفتيات يصبن بقلق شديد كلما تقدمن في السن وهن لم يستطعن الزواج".
وتؤكد أن نظرة أهل البنت تتغير مع تقدمها في العمر "فتبدأ الضغوط عليها ولو بالتلميحات القاسية، كما أن الأخوان يدفعون الفتاة دفعا نحو البحث السري عن زوج مناسب لها".
وتضيف "إن مثل هذه السلوكيات التي تسبب الضغوط النفسية على الفتاة تجعلها تتجه للخطابات اللاتي يعرضن مواصفات الرجال عليها أو يعدنها بزوج يمثل لها فارس الأحلام، وهذه العروض لا تأتي من دون دفع المال للخطابة التي لا تكتفي بأخذ المال بعد إتمام عقد الزواج، بل لا بد من العربون الذي قد يتجاوز الـ 6500 ريال تجد البنت نفسها مضطرة لدفعها علما أنها قد لا تحصل على شيء".
وكانت إحدى الخاطبات السعوديات لجأت منذ مدة إلى وضع ملصقات دعائية للتعريف بخدماتها علي أجهزة الصراف الآلي المنتشرة في مدينتي الدمام والخبر بغرض جلب الزبائن ذوي الدخول المرتفعة.
وقالت الخاطبة "أم مشاري" لصحيفة "الوطن" السعودية إنها تقدم خدمتها بأساليب حديثة بدلا من الأساليب التقليدية التي تستخدمها أغلب الخطابات، مشيرة إلى إنها تعتقد أن الصراف يستخدم من قبل أصحاب الأموال الكثيرة خصوصا في الأحياء.
ويؤكد البعض أن الخاطبات يفضلن الفتيات اللاتي يعملن في شركات أو في القطاع الحكومي ضمن ميزات وظيفية متقدمة إذ يطلبن منهن أموالاً كثيرة.
وتقول بتول محمد "إن الموظفة عليها أن تستعد لدفع الكثير من المال"، ناصحة إياها بعدم البوح عن مهنتها للخطابة التي "ستقول لك ما مهنتك تحت مبرر أنها تريد المعلومات الصحيحة لتقديمها للزوج المستقبلي، والحقيقة هي أنها تريد أن تعرف مستوى دخلك لتحدد المال الذي تريده منك".
وتقول الخطابة أم محمد "لدي نحو 450 فتاة كلهن بمواصفات يتمناها الرجال، فهن متعلمات وبعضهن موظفات"، مستدركة "لا آخذ عليهن أي أجر إلا بعد أن يتم العقد وتتحقق الخطبة الشرعية".
وتؤكد أنها تسمع عن كثير من التجاوزات لدى زميلاتها الخطابات، الأمر الذي يفقد المهنة شرفها، حسب تعبيرها.
وتضيف "إن المخالفات الكامنة في أخذ المال من دون وجه حق يسيء لمهنتنا وشرفها، إذ أن أكثر شيء نسعى لتركيزه فيها هو الصدق".
وتشير تقارير عدة إلى أن بعض النوادي الرياضية في السعودية توفر بيئة خصبة لعمل الخاطبات باعتبارها ملتقى لتجمعات نسائية مختلفة من كافة شرائح المجتمع.
وتؤكد الخاطبة أم فهد لصحيفة "الوطن" أنها اشتركت في أحد النوادي كي تتمك من قضاء أوقات طويلة في مراقبة الفتيات للبحث عن زوجات لعرسان حسب طلبهم.
وتقول أم فهد "ما دفعني للاشتراك هو وجود العديد من العائلات التي تبحث عن طرق ومنافذ جديدة لزواج بناتهن وأبنائهم. حتى لو أدى ذلك إلى الاستعانة بخاطبات لهذا الغرض".
وتضيف "أرص على المجيء إلى النوادي الرياضية بشكل يومي، وأبدأ في البحث عن فتيات رشيقات، وحسب الطلب. حيث أن معظم الطلبات التي أتلقاها من الأمهات والرجال أنفسهم يصعب إيجادها إلا في النوادي الرياضية وصالونات التجميل".
وتشير إلى أنها قامت بتزويج ما يقارب 20 فتاة عن طريق اشتراكها بأكثر من ناد رياضي، مع حرصها الشديد على الاشتراك بالنوادي الراقية لأنها تجمع العديد من الفتيات الرشيقات والباحثات عن الرشاقة والجاذبية، حسب تعبيرها.
وتؤكد بعض الفتيات أن الخاطبات يلجأن أحيانا لاستخدام وسائل "احتيال" لإقناع الفتيات بالزواج من كبار السن.
وتقول فاطمة "إن صديقتي أوشكت على الزواج من رجل ثمانيني، علما أن عمرها لم يتجاوز ال 27 عاما"، مشيرة إلى أن إقناعها بالزواج من الرجل العجوز جاء بعد جلسات عدة مع الخطابة التي التقت بها في مناسبات زواج.
وتضيف "كانت تجلس معها طوال حفلة الزواج وتعطيها أملا مستقبليا بزوج يفهمها وليس من شرط أن يكبرها ببضع سنين فجمالها لن يتأثر طالما أن معها رجلا يحميها، كما توضح الخطابة أن لدى الفتاة مشكلة تكمن في تقدمها في السن، إذ كانت تقول لها إن الفتاة التي تتعدى 25 عاما يصعب أن تتزوج بشاب لأن الشباب يفضلون الفتاة الصغيرة التي تبلغ 20 عاماً أو أقل قليلاً".
وتقول الدكتورة رويدة نهاد أدريس استشارية التغذية بنادي جولدز جيم النسائي بجدة إن "النوادي النسائية الصحية أصبحت بمثابة صالونات تجارية، وليست نوادي رياضية، والسبب يعود للجوء بعض السيدات للترويج لمهن معينة، وبعض الأعمال المختلفة كالأشغال اليدوية، وعناوين المراكز التجارية داخل هذه النوادي حتى أصبح من المألوف من يتردد على النوادي النسائية يجد العديد من لوحات الدعاية والإعلان. بالإضافة للعروض عن أعمال مختلفة من الأشغال اليدوية النسائية التي تباع داخل النوادي الصحية".
وتؤكد أن معظم السيدات والفيتات اللاتي يتراوح أعمارهن من 35-46 وما فوق يرتدن النوادي الصحية باعتبارها ملتقى للتعارف ولقاء الصديقات وقضاء وقت الفراغ "متجاهلات الهدف الرئيسي من هذه النوادي".
ويقول الدكتور سعد عبدالله المشوح أستاذ الصحة النفسية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية إن "هناك إشكالية في نمو الذات لدى الانسان، وخاصة لدى الفتيات اللاتي يتم زواجهن عن طريق النوادي النسائية بعد اختيارهن من قبل الخاطبات ممن يترددن على هذه النوادي لاصطياد الفتيات وتزويجهن".
ويوضح أن الصورة التي تعكسها الفتاة لطريقة قبولها بالزواج عن طريق خاطبة شاهدتها بإحدى النوادي النسائية تبقى عالقة في ذهنها "لأنها صورة غير مقبولة في المجتمع، فهناك شق داخلي تعاني منه الفتاة والآخر نظرة المجتمع لها وللكيفية التي تم تزويج الفتاة بها، فتعاني الفتاة من ازدواجية تؤدي لعدم التوافق الاجتماعي والنفسي".
ويضيف أن "الشاب الذي يتزوج عن طريق خاطبة تصبح لديه إشكالية والسبب في ذلك عدم وصول المجتمع السعودي للنمو المعرفي لقبول مثل هذه الظواهر، وقد يؤدي هذا الزواج إلى المشكلات الزوجية ومعايرة الزوجة بزواجها عن طريق خاطبة وناد نسائي وهذه تؤدي لعملية تعرف في علم النفس بـ"العزو".
السبت مارس 17, 2012 2:28 am من طرف الكنج