لا تنحصر مشكلة الأشخاص ذوي الإعاقة بالأردن في صعوبة الحصول على وظيفة، بل "هم يعانون أيضا من إشكاليات تتعلق بالممارسات العملية، وتطبيق التشريعات. كما أن الوعي الاجتماعي بضرورة إدماج هذه الفئة من الناس ضعيف.
يواجه الأشخاص ذوو الإعاقة في الأردن صعوبات في الحصول على فرص عمل، مما دفع البعض منهم إلى إطلاق حملات عبر وسائل الاتصال الحديثة، وتوزيع منشورات ووضع ملصقات إضافة إلى تنظيم ورش تدريبية وندوات لكسب المناصرة والتأييد.
وتقول آسيا ياغي، رئيسة جمعية أنا إنسان لدويتشه فيله انه ومن خلال هذه الحملات والأنشطة تم الاعتراف بأن الأشخاص ذوي الإعاقة ليسوا فائضاً بشرياً، "فقد تم تشغيل العديد منهم، ولاسيما النساء اللواتي لم يحصلن في السابق على وظيفة بسبب الظروف الصعبة في بيئة القرية أو لقلة التدريب أو عدم المعرفة بالقوانين وغيرها من الأسباب المختلفة".
"على القطاع الخاص إعطاء الفرصة لذوي الإعاقة"
وتؤكد ياغي أن من أهم الأسباب التي تحول دون عثور الأشخاص ذوي الإعاقة على وظيفة هي المواقف السلبية لدى العديد من أصحاب العمل تجاه المعاقين، والافتراء بأن عطاءهم ضئيل، وقلة تواجد مراكز التأهيل في الأردن، وصعوبة المواصلات وعدم توفر الوسائط المعدة لتوظيف ذوي الإعاقة، إضافة إلى تدني الرواتب والأجور المدفوعة لهم، إذ أنها لا تكفي حتى لتغطية تكاليف الاحتياجات الضرورية للحياة اليومية.
وتشير ياغي إلى وجود تحفظ لدى بعض أولياء الأمور على الأعمال التي تقدمها مؤسسات التأهيل والتشغيل لأبنائهم، خاصة ذوي الإعاقة الذهنية، خوفاً عليهم من التعرض للاستغلال وسوء المعاملة، إضافة إلى رفض البعض منهم أيضاً للأعمال البسيطة التي لا تتناسب مع المستوى الاجتماعي لأولئك المعاقين.وتطلب ياغي من القطاع الخاص أن يعطي أصحاب الإعاقة الفرصة، كما تمنح لغير المعاقين، قائلة: "إننا لا نختلف عنهم أبدا "، وتشير إلى دراسة أمريكية كشفت أن المردودية في العمل للأشخاص الذين يعانون من إعاقة ما، وخصوصاً النساء هي ضعف مردودية الأشخاص غير المعاقين.
"نظرة قاصرة لا تتماشى مع مستوى التقدم في العالم"
من جهته يقول شامان المجالي، وهو كفيف حاصل على درجة الماجستير في القانون إنه حينما تقدم للعمل بوظيفة، تمت إحالته إلى اللجان الطبية الحكومية، وفور مقابلته أحد الأطباء، قال له الأخير: "أنت كفيف، لماذا أرسلوك إلى هنا؟ أنت غير لائق صحيا". ويبين المجالي أن السبب يكمن في أن الوظيفة الواردة في كتاب التعيين هي وظيفة كاتب، وبالتالي اضطرت المؤسسة إلى تعديل الكتاب لتصبح الوظيفة باحث قانوني. ويعتبر شامان المجالي في حوار مع دويتشه فيله أن "هذه نظرة قاصرة لا تتماشى مع مستوى التقدم العلمي الذي أحرزه العالم"، إذ أصبح الشخص الكفيف يستطيع الكتابة من خلال الآلة الطابعة ومن خلال جهاز الكمبيوتر، وبات بمقدوره أيضا استخدام التكنولوجيا الحديثة من خلال البرامج الناطقة التي يستطيع إدخالها على جهازه الشخصي، والدخول إلى شبكة الانترنت ومراجعة بريده الالكتروني. ويقول المجالي، وهو الناطق الرسمي لائتلاف المجتمع المدني العامل على رصد تطبيق اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في الأردن إن قانون الأشخاص المعاقين الأردني لسنة 2007 نظم مسألة العمل وحق الأشخاص ذوي الإعاقة في الحصول على وظيفة مناسبة، وألزم أصحاب العمل بتعيين ما نسبته 4 % من الأشخاص ذوي الإعاقة، إذا كان لديهم أكثر من خمسين عاملا، كما ألزم أصحاب العمل بتوفير الظروف والتسهيلات المطلوبة التي تمكن صاحب الإعاقة من مزاولة عمله في ظروف ملائمة.
"النظرة الطبية البحتة هي أساس الإشكالية"
لكن المجالي يؤكد أن الإشكالية التي تظهر في هذه التشريعات هي عدم وجود تعليمات أو أنظمة تنفيذية تبين ما هي التيسيرات والإجراءات التي يجب على صاحب العمل أن يوفرها. "فمثلا لو قام شخص ذو إعاقة في الحركة بالتواصل مع شركة أعلنت عن وظيفة، فإن صاحب العمل سيقول له ببساطة إن العمل بحاجة إلى صعود ونزول للدرج دون أن يفكر بأنه توجد إمكانية لتوفير مصاعد أو ممرات خاصة بالكرسي المتحرك".
ويضيف المجاليس أن النظرة الطبية البحتة للموضوع هي أساس الإشكالية، لأنه لا يتم التفكير في العوائق الأخرى التي تحول دون ممارسة الشخص ذي الإعاقة لحقه على قدم المساواة مع الآخرين، ويقول انه "حتى وان حصل الشخص ذو الإعاقة على وظيفة، فانه يواجه محاولات لإقصائه وعدم تكليفه بمهام، بحجة أنه غير قادر على تنفيذها، وبالتالي يتم فصله تعسفيا". وفي هذا السياق يقول الخبير في القانون والناشط في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة المحامي محمود أبو حمام في حوار مع دويتشه فيله انه ومن خلال بيانات الكشف عن حالة تطبيق اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة المعمول به منذ 13/1/2012، فإن الأشخاص ذوي الإعاقة يعانون في الأردن من مصاعب في مجال العمل والحصول على الوظيفة مرتبطة بالجانب القانوني وأخرى متعلقة بالممارسات العملية.
"ترتيبات التسهيل ضعيفة"
ويضيف المحامي محمود أبو حمام أن موضوع التسهيلات في العمل هي من أهم العقبات التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة في مواقع العمل، إذ أظهرت النتائج في البيانات المشار إليها آنفا أن الترتيبات التيسيرية ضعيفة جدا، ليس فقط في مجال العمل، ولكن في جميع مناحي الحياة التي يعيشها الأشخاص المعاقون لدرجة قد تكاد تكون منعدمة، وذلك لاعتبارات كثيرة من أهمها على سبيل المثال العائق المادي. ويؤكد أبو حمام أن من العوائق أيضا الفكرة السائدة بعدم الجدوى من توفير الترتيبات التيسيرية للأشخاص الذين يعانون من الإعاقة.
أما رئيس قسم التشغيل في وزارة العمل الأردنية حمد عبد الله الحيصة، فإنه يؤكد في حوار مع دويتشه فيله أن أهم المحاور الرئيسية القادرة على تخفيف حدة البطالة بين ذوي الإعاقة هي تأهيلهم وتدريبهم على مهن مطلوبة لسوق العمل وتحفيز أصحاب العمل من خلال دعمهم ضمن برامج تعتمد من أجل زيادة نسبة العاملين من الأشخاص ذوي الإعاقة في القطاع الخاص. ويضيف الحيصة أن وزارة العمل تقوم بتشغيل هذه الفئة، وإيجاد فرص العمل لهم في القطاع الخاص، كما تزود مديريات الميدان بأسماء الباحثين عن عمل من أصحاب الإعاقة، والتنسيق لغاية تشغيلهم.
الأربعاء مارس 21, 2012 12:11 pm من طرف الكنج