تعد مصر منطقة جذب لكثير من اللاجئين الوافدين من مختلف الأقطار المجاورة، ولم تكن خلال كل موجات الهجرة واللجوء منطقة عبور فقط، بل استضافت كثيراً من الجماعات اللاجئة للإقامة أو المؤقتة ممن عملوا فى الكثير من الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية.
تستضيف مصر لاجئين من أكثر من 36 دولة، يأتى العدد الأكبر منهم من جهة الشمال الشرقى وعادة ما يدخل منه الفلسطينيون والعراقيون، والجنوب الذى يفد منه لاجئو القارة الأفريقية، خاصة السودانيين والصوماليين والإثيوبيين والإريتريين، ومع شدة الحروب والصراعات السياسية وموجات الاضطهاد العرقى والكوارث الطبيعية والأزمات الاقتصادية فى الدول المجاورة يتزايد حجم نزوح اللاجئين إلى مصر هرباً من تردى أوضاع البلدان التى ينزحون عنها.. وهناك عوامل كثيرة تؤدى دوراً محورياً فى جذب اللاجئين إلى مصر أهمها الاستقرار والأمن ورخص تكاليف المعيشة والتوافق الاجتماعى والثقافى مع المجتمع المصرى، وتزايد أعداد اللاجئين عاماً بعد آخر يشكل عبئاً حقيقياً على الاقتصاد المصرى والخدمات الاجتماعية الموجهة للسكان المصريين عموماً، بالإضافة إلى عبء الخدمات المجانية المتاحة للفقراء وأصحاب الدخول المحدودة من المصريين.
ورغم كثرة الدراسات والأبحاث عن اللاجئين فى مصر عموماً، إلا أنها فى الغالب تمثل جهوداً فردية متناثرة، وأغلبها باللغة الإنجليزية، ولا توجد دراسات مقارنة حول أوضاع المجموعات اللاجئة فى مصر، لذلك أجرى برنامج القضايا الاجتماعية فى مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، دراسة حول اللاجئين فى مصر العام الماضى، للتعرف على أوضاع اللاجئين فى مصر وخصائصهم وظروف وملابسات لجوئهم والمشكلات التى يعانون منها، وتهدف إلى التعرف على الإطار القانونى المنظم لعملية اللجوء والسياسات الرسمية نحو اللاجئين بمختلف فئاتهم، من واقع البيانات التى توفرها الدراسات السابقة والإحصاءات الرسمية المتاحة، تكمن أهمية الدراسة فى بلورة صورة واضحة ومتكاملة أمام صناع القرار بشأن التدابير والإجراءات والسياسات الواجب اتخاذها بشأن تحسين أوضاع اللاجئين وفقاً لما تشير إليه القوانين والاتفاقيات الدولية، كما تفيد الدراسة فى اتخاذ تدابير وقائية وملائمة تحول دون تفاقم مشكلات اللاجئين والحيلولة دون نشوب الصراعات وأعمال الاحتجاج من جانب أى من الجماعات اللاجئة.
حجم اللاجئين
أكدت الدراسة وجود نقص شديد فى البيانات الدقيقة والحديثة بشأن حجم اللاجئين فى مصر، ورغم توفر بعض البيانات إلا أنها تعانى من تحديد حجم اللاجئين ككل، يرجع ذلك إلى 3 أسباب رئيسية، يتعلق الأول بعدم الاتفاق على تعريف موحد للاجئ يحدد من هو اللاجئ، ويمنع الخلط بينه وبين غيره من الفئات الأخرى كالمهاجر، أما السبب الثانى فيظهر فى تعدد الجهات المعنية بشئون اللاجئين، والتى تتفرع ما بين جهات حكومية وغير حكومية، وأخرى دولية ومحلية، وعادة ما تقتصر البيانات الصادرة على عدد اللاجئين المسجلين بها ويتلقون مساعداتها، ويرتبط السبب الثالث باختلاف المنهجية التى يمكن إجراؤها على جماعات اللاجئين لاعتبارات أمنية وسياسية.
اعتمدت الدراسة على تقدير حجم اللاجئين فى مصر وتطور عددهم على مدار السنوات العشر الماضية، بالاعتماد على مصدرين للبيانات، هما بيانات المسح العالمى اللاجئين وتقديرات المفوضية العليا لشئون اللاجئين.
وفقاً لتقديرات المسح العالمى للاجئين لعام 2009 يوجد على مستوى العالم ما يقرب من 13 مليوناً و599 ألفاً و900 لاجئ، تحتل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المركز الأول من حيث عدد اللاجئين، حيث يوجد بها ما يقرب من 46.6٪ من إجمالى اللاجئين على مستوى العالم، تستضيف اللاجئين القادمين من وأكثر من 36 دولة، بلغ عددهم فى مصر عام 2009، نحو 152.400 لاجئ أى 2.4٪ من إجمالى أعداد اللاجئين على مستوى الشرق الأوسط، إلى ذلك قطاع غزة بمليونين و66 ألفاً و100 لاجئ بنسبة 16.8٪، ثم إيران 993 ألفاً و600 لاجئ بنسبة 15.7٪، ثم الضفة الغربية المحتلة 762 ألف لاجئ بنسبة 12.01٪ ثم الأردن 621 ألفاً و600 لاجئ.
يسبق مصر من حيث الترتيب على المستوى الشرق أوسطى كل من سوريا التى تحتل المرتبة الأولى من حيث الدول المستضيفة للاجئين، فقد بلغ إجمالى عدد اللاجئين فيها نحو مليونين و763 ألفاً و900 لاجئ أى ما يعادل 27.81٪.
وبالنظر إلى تطور أعداد اللاجئين فى مصر على مدار 6 أعوام ماضية، يلاحظ أن الأعوام 2004، 2005، 2006 شهدت ثباتاً نسبياً فى إجمالى أعداد اللاجئين، كانت الزيادة شبه منتظمة وبصورة مقبولة، إلا أن عام 2007 شهد زيادة كبيرة فى عدد اللاجئين وصلت إلى حد الضعف.
يبدو أن هذه الزيادة قد ارتبطت فى جانب كبير منها ما شهدته مصر فى عام 2007 من موجات نزوح كبيرة للاجئين العراقيين نتيجة تصاعد أعمال العنف بشكل كبير داخل الأراضى العراقية وتزايد حدة التوترات الطائفية والسياسية وتدهور الأوضاع الاقتصادية فى العراق، مما أدى إلى نزوح الكثير من العراقيين إلى البلدان المجاورة وأهمها مصر.
ولم تستمر الزيادة فى أعداد اللاجئين العراقيين، فسرعان ما تراجعت أعدادهم فى الأعوام التالية، يرجع ذلك إلى اتجاه العراقيين للعودة إلى الموطن الأصلى بعد استقرار الأوضاع الأمنية نسبياً فى العراق أو بسبب تعرضهم لصعوبات حالت دون تكيفهم للعيش فى البلد المضيف، مثل صعوبة الحصول على فرص عمل مناسبة تمكنهم من الوفاء باحتياجاتهم المعيشية بدلاً من الاعتماد على مدخراتهم الآخذة فى النضوب.
كما حدث ارتفاع فى أعداد اللاجئين الفلسطينيين عام 2009، حيث بلغ عددهم 70 ألف لاجئ بعد 61 ألفاً و700 لاجئ عام 2008، ويعد اللاجئون الفلسطينيون من الفئات التى تشهد تزايداً ملحوظاً وشبه متوازن بمرور الوقت.
ويعتبر اللاجئون السودانيون والصوماليون أكثر الجماعات اللاجئة حفاظاً على ثباتها النسبى، وإن بدأ يشهد تراجعاً لرغبة اللاجئين فى التوطين بالبلاد الغربية بدلاً من مصر التى يصعب فيها تحقيق طموحاتهم فى الحصول على حياة كريمة ومستقرة.
أوضحت الدراسة أن الجماعة اللاجئة تميل إلى التركز فى مناطق سكنية محددة تسمح بالتقارب فيما بينهم والتجانس والألفة والشعور بالأمان، يتركز غالبيتهم فى المناطق الحضرية دون غيرها، خاصة محافظات القاهرة والجيزة والسادس من أكتوبر والإسكندرية.
ووفقاً للمسح الذى أجراه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء حول أوضاع العراقيين فى مصر تعد محافظتا الجيزة والسادس من أكتوبر أكثر المناطق التى يقطنها اللاجئون العراقيون، بلغ إجمالى عدد الأسر العراقية المقيمة فى كلا المحافظتين 59.1٪ من إجمالى العينة يعكس ذلك الحالة المادية الميسرة التى يعيشها اللاجئون العراقيون التى مكنتهم من السكن فى الأحياء الراقية تكسب اللاجئين الآخرين.
منعت الأوضاع المادية المتدنية واللاجئين الأفارقة خاصة السودانيين من الإقامة فى الأحياء الراقية، من أكثر المناطق التى تتركز بها الجالية السودانية فى مصر منطقة الكيلو 4.5 وهى منطقة هامشية تفتقر إلى المقومات الأساسية للعيش من مياه وكهرباء ووسائل مواصلات، بالإضافة إلى ضيق الحيز المكانى للسكن، حيث يعيش كل 4 أفراد أو أكثر فى غرفة واحدة.
تعد الجالية الصومالية أحسن حالاً من السودانية، حيث يتركز الكثير من الصوماليين بمناطق أرض اللواء ومساكن مدينة نصر خاصة الحيين السابع والعاشر.
اللاجئون والعلاقات السياسية
ونتيجة للتوترات التى تحدث فى العلاقات السياسية بين مصر وفلسطين فى بعض الأوقات، والتى كان يترتب عليها إصدار بعض التشريعات التى تحد من عملية دخول الفلسطينيين لمصر أو إقصائهم من بعض المجالات الحياتية كما حدث فى عهد السادات، فضل أغلب اللاجئين الفلسطينيين الإقامة خارج محافظة القاهرة معقل الحكومة تجنباً للصدام مع الحكومة، ونجحوا فى إقامة نوع من العلاقات التضامنية مع سكان محافظتى الشرقية والقليوبية، يوضح الاتجاه العام لأعداد المسجلين لدى المفوضية ارتفاع نسبة الذكور عن نسبة الإناث بين جميع فئات اللاجئين المسجلين لديها، بلغت نسبة الذكورة 55.5٪ والإناث 44.5٪، وأكثر الجماعات اللاجئة التى ترتفع فيها الذكور اللاجئؤن السودانيون، ترتفع نسب الإناث بين اللاجئين الصوماليين والإريتريين والإثيوبيين حقق اللاجئون العراقيون توازناً نوعياً نسبياً.
تؤكد البيانات الواردة من المفوضية فى مارس 2010 بشأن التركيب العمرى للاجئين المسجلين ارتفاع نسبة من هم فى سن العمل، فمن بين 38.167 لاجئ مسجل يوجد 25.508 لاجئون تتراوح أعمارهم بين 18 و59 عاماً بنسبة 66.8٪ بما يعكس حاجتهم إلى فرص عمل تكفل لهم ولأسرهم حداً أدنى من الأمان المادى.
من أكثر الجماعات اللاجئة تركز فى سن العمل كانت جماعات اللاجئين الإثيوبيين والإريتريين والصوماليين فقد بلغت نسبة من هم فى سن العمل 98.9٪، 81.3٪، 71.4٪ على التوالى.
وتؤكد بيانات المفوضية ارتفاع معدل الأمية بين الجماعات اللاجئة عموماً نظراً لأن حصولهم على فرص تعليمية مناسبة من العمليات المعقدة، تؤكد البيانات أن نسبة الأميين بلغت نحو 49.7٪ من اللاجئين المسجلين، وأكدت المفوضية ارتفاع نسبة الأمية بين جماعات اللاجئين الأفارقة، وبخاصة السودانيين والصوماليين.
أدى انخفاض المستويات التعليمية للاجئين إلى تدنى قدراتهم البشرية ومن ثم انخفاض فرصهم فى سوق العمل بالقطاع الرسمى، وانخرط الكثيرين فى القطاع غير الرسمى الذى يفتقد فيه العمال إلى حماية التشريعات الاجتماعية.
مبررات اختيار مصر
من العوامل الجاذبة للاجئين فى مصر تمتعهم بحقوق قانونية ومدنية أفضل داخل مصر مقارنة بدول أخرى مثل اللاجئين السودانيين والفلسطينيين، فقد حظى السودانيون فى مصر ولفترة طويلة بوضع قريب للمصريين فى سياق مجموعة من الاتفاقيات الثنائية ومنها اتفاقية وادى النيل لعام 1976 سمح بموجبها بحرية الحركة للسلع والأفراد عبر الحدود المشتركة، بالإضافة إلى وجود برنامج لإعادة التوطين فى مصر، كما حظى الفلسطينيون بمعاملة مميزة، خاصة فى فترة الحكم الناصرى، حيث كان يعامل الفلسطينيين معاملة المصريين، ومازال الفلسطينيون يتمتعون ببعض هذه الحقوق، تؤثر تكلفة انتقال اللاجئ من الوطن الأم إلى البلاد الأخرى بشكل كبير على اختيار البلد المضيف للاجئين فرخص التكاليف وسهولة الانتقال بين مصر والسودان وفلسطين أسهم فى تدفق اللاجئين إلى مصر.
كما يفضل البعض مصر لأن لديهم أصدقاء بها يمكن أن يساعدوهم على الإقامة فى مصر.
آثار اللجوء على مصر
تشير بعض الدراسات إلى أن تواجد اللاجئين فى مصر يعد مصدراً مهماً من مصادر دخول العملة الصعبة عن طريق التحويلات الخارجية، كما أن بعض أصحاب المشروعات التجارية مثل المطاعم والمقاهى يستخدمون اللاجئين للعمل فى هذه المشروعات، فمثلاً المطاعم الموجودة فى منطقة الكيلو 4.5 والتى تقدم الجبات الشعبية التقليدية للاجئين السودانيين تستعين باللاجئين لخبرتهم ودرايتهم بهذه الخدمات.
وتقل الدراسات التى تبرهن على القيمة المضافة للاجئين على الاقتصاد القومى، وكذلك الدراسات التى تؤكد العبء الواقع على كاهل الاقتصاد المصرى بسبب تدفق أعداد غفيرة من اللاجئين.
تنتهج المفوضية العليا لشئون اللاجئين سياسة رجعية فى تعاملها مع اللاجئين فى السنوات الأخيرة، فمعدل اعتراف المفوضية للاجئين يتناقص عاماً بعد الآخر، كما تناقصت المساعدات التى تقدمها المفوضية للاجئين، سواء كانت المساعدات المادية أو غيرها، كما أن طول وتعقد إجراءات حصول اللاجئين على الحق فى اللجوء والانخفاض الملحوظ فى معدل التوطين السنوى للاجئين فى الغرب وكثرة أعداد الملفات المغلقة فى السنوات الأخيرة، كل هذه العقبات التى تضعها المفوضية، فى طريق حصول اللاجئين على حق فى اللجوء فى المجتمع المصرى، أدت دوراً رئيسياً فى إعاقة عملية الاندماج المحلى لهؤلاء اللاجئين وأدت إلى ظهور كثير من المشكلات التى تواجههم فى مصر.
وفى دراسة أجريت على عينة من اللاجئين السودانيين أكدت أعداد كبيرة من اللاجئين الذين استاءوا من عدم عدالة المفوضية التى لا تعطيهم الاهتمام المماثل لأبناء أوغندا وكينيا، إلا أن المفوضية هى آخر من يسمعهم بما يشعر اللاجئون بالإهمال والتجاهل.
الإطار القانونى للاجئين
تشكل اتفاقية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين لعام 1951 حجر الزاوية فى تحديد القواعد الدولية الخاصة بكافة النواحى الجوهرية فى قضايا اللاجئين، إذ تم تبنى الاتفاقية فى مؤتمر الأمم المتحدة للمبعوثين السياسيين حول وضع اللاجئين الذى عقد خلال الفترة من 2 إلى 25 يوليو عام 1951 بجنيف، وذلك وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 429 (5) بتاريخ 14 ديسمبر عام 1950 وقد دخلت الاتفاقية حيز النفاذ فى 22 أبريل عام 1954.
تعد اتفاقية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين لعام 1951 أول اتفاقية دولية تتعرض بقدر كبير من التفصيل لجميع النواحى الجوهرية فى حياة اللاجئ بما فيها تعريف اللاجئ والفئات التى لا تنطبق عليها صفة اللجوء والتزاماته تجاه الدولة المضيفة والتزامات الأخيرة تجاه اللاجئ، بالإضافة إلى تحديد التزامات المجتمع الدولى تجاه اللاجئين.
انضمت مصر لاتفاقية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين والبرتوكول المكمل لها فى 22 مايو 1981، أكدت الاتفاقية ضرورة امتناع الدول الموقعة على الاتفاقية عن فرض جزاءات بسبب الدخول أو الوجود غير الشرعى على اللاجئين القادمين مباشرة من إقليم كانت فيه حياتهم أو حريتهم مهددة بشرط أن يتقدموا دون إبطاء إلى السلطات مبدين أسباباً وجيهة تبرر دخولهم أو وجودهم غير الشرعى، كما أكدت الاتفاقية امتناع الدول الموقعة على الاتفاقية عن طرد اللاجئ الموجود بصورة غير شرعية على أرضها إلا لأسباب تتعلق بالأمن الوطنى أو النظام العام، وفى هذه الحالة عليها منحه فترة زمنية تتيح له اللجوء إلى دولة ثالثة.
ونصت الاتفاقية على ضرورة ألا يكون طالب اللجوء قد قام بأحد الأسباب التى تقضى باستبعاده من دائرة اللجوء مثل ارتكاب جريمة حرب أو جريمة ضد السلام أو الإنسانية لذلك فإن مجرمى الحرب لا يصنفون ضمن اللاجئين وكذلك العسكريون.
وقد وضع القرار الرئاسى رقم 89 لسنة 1960، وهو ما يسمى بقانون الأجانب شروطاً على محاولات دخول طالبى اللجوء إلى مصر، وتنص على عدم السماح لأجنبى بالدخول دون جواز سفر، ويجب مغادرة الأجنبى مصر بمجرد انتهاء تصريح إقامته، كما يجب أن يبلغ الطيارون وقباطنة السفن السلطات المختصة عن أى شخص على طائرتهم أو سفنهم ليس معه جواز سفر صالح بينما يجب ألا يدخل أى أجنبى الحدود المصرية إلا من خلال المطارات والموانئ والمنافذ التى يحددها وزير الداخلية، وإذا دخل من غير تلك المنافذ يعاقب بالسجن لمدة لا تتعدى ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن 50 جنيهاً ولا تزيد على 200 جنيه، ويتم ترحيله بعدها، وأن يقوم الأجانب باعتماد جوازاتهم أو أوراق سفرهم وأن يقدموا معلومات عنهم بوزارة الداخلية وفروعها فى الوقت المحدد، مع إمكانية ترحيل الأجانب بقرار من وزير الداخلية.
تتأثر أوضاع اللاجئين فى المجتمعات المضيفة تأثراً كبيراً بتطور الأحداث السياسية بين هذه المجتمعات والمجتمعات الأصلية للاجئين، فأى تطور فى العلاقات الدولية سواء بالسلب أو بالإيجاب تنعكس آثاره على اللاجئين، وقد كان لتطور العلاقات المصرية ـ الفلسطينية أكبر الأثر على السياسة التعليمية المتبعة فى التعامل مع اللاجئين الفلسطينيين، فمنذ عام 1945 فتحت الجامعات المصرية للطلبة الفلسطينيين وحتى عام 1978 تمتع الفلسطينيون بحق مساو للمصريين فى الالتحاق بالتعليم الحكومى بجميع مراحله مجاناً، إلا أن تطور الأحداث السياسية الذى جاء كنتيجة لضلوع بعض الفلسطينيين فى اغتيال وزير الثقافة يوسف السباعى عام 1978، وما تلا ذلك من انضمام منظمة التحرير الفلسطينية إلى جبهة الصمود والتصدى المعادية لمصر مع كل من جنوب اليمن والعراق وسوريا والجزائر فى القمة العربية بطرابلس، كما قام الفلسطينيون بأعمال شغب فى فترة حكم الرئيس السادات لمصر احتجاجاً منهم على سياسته مع إسرائيل، ففى يناير 1972 قام أعضاء نقابة الاتحاد العمالى الفلسطينى بالانضمام إلى الطلاب المصريين فى أعمال شغب واسعة النطاق احتجاجاً على سياسة الجمود التى يتبعها السادات لا حرب لا سلام مما أدى بالسادات إلى اعتقال الكثيرين منهم على اعتبار أنهم المحرضون على هذه المظاهرات، كما تظاهروا ضد اتفاقية سيناء الثانية فى سبتمبر 1975، والتى أدت إلى ترحيل عدد كبير من الطلاب الفلسطينيين وتقليص حاد لأنشطة الاتحاد العمالى الفلسطينى، بالإضافة إلى الكثير من الإجراءآت العقابية التى خفضت بشكل كبير من عدد الطلاب الفلسطينيين فى مصر، وفى نوفمبر 1977 أغلق الاتحاد العمالى أثناء زيارة السادات للقدس.
وأطلقت الحكومة المصرية حملة إعلامية مناهضة للوجود الفلسطينى ومجموعة قوانين جديدة أثرت على الفلسطينيين كقانونى 47 و48 اللذين ألغى بموجبها كل القوانين التى تساوى بين المصريين والفلسطينيين فى كثير من المجالات كان من أهمها التعليم.
وأصبح الطلاب الفلسطينيون فى مصر مطالبين بسداد الرسوم الجامعة بالجنيه الإسترلينى وحاول بعضهم التحايل على تلك المشكلة بدخول الامتحانات دون سداد الرسوم الدراسية إلا بعد الوصول للسنة النهائية أو الانتظار لصدور قرار عفو وزارى، واشترط القرار الوزارى الصادر عام 1978 على الطلبة الفلسطينيين الانتقال من المدارس الحكومية إلى المدارس الخاصة، وقد كان لكل هذه القرارات أثرها على انخفاض عدد الطلاب الفلسطينيين، بينما كان عدد الطلاب الجامعيين فى الفترة من 1965 ــ 1978 يصل إلى نحو 20 ألف طالب انخفض هذا العدد ليصل عام 1985 إلى 4500 طالب فقط.
وبالمثل فقد كان لتطور الأحداث السياسية بين مصر والسودان الأثر نفسه على وضع اللاجئين السودانيين فى مصر، فقد كان لضلوع بعض السودانيين فى محاولة اغتيال الرئيس المخلوع حسنى مبارك فى أديس أبابا عام 1995، أكبر الأثر على تدهور العلاقات المصرية السودانية، فقد كان للسودانيين قبل هذا التاريخ الحق فى دخول مصر بدون تأشيرة سفر ولكن منذ ذلك التاريخ حرم السودانيون من هذا الحق، وأصبح دخولهم إلى مصر يتطلب جواز سفر وأوراقاً رسمية وانعكست هذه الأحداث بعد ذلك فى سلسلة من القرارات لتنظيم عملية اللجوء من السودان إلى مصر.
كان من بينها القرارات الخاصة بتنظيم عملية حصول اللاجئين السودانيين على فرص العمل، التى بمقتضاها تم معاملة اللاجئين السودانيين معاملة الأجانب، وأصبح حصولهم على فرصة عمل فى مصر يتطلب حصولهم على تصريح عمل، وبعد ذلك توالت القرارات كان آخرها فى عام 2004 إذ غيرت الحكومة المصرية من شكل تأشيرة الدخول، وأضافت «ختم» غير مصرح بالعمل على تصاريح إقامة اللاجئين السودانيين المقبولين، ومن ثم تصبح أية محاولة من جانب اللاجئين السودانيين للحصول على فرصة عمل محاولة غير قانونية، وبعد عدة محاولات جادة لأكثر من عام نجحت المفوضية فى إقناع السلطات بإلغاء الختم الجديد فى مايو 2005 وحاول اللاجئون السودانيون الالتفاف حول هذه العقبات القانونية عن طريق حصولهم على أراض زراعية لاستصلاحها وزراعتها.
ويتمثل رد الفعل الطبيعى لفشل اللاجئين فى الالتحاق بسوق العمل الرسمى فى انخراط اللاجئين فى مزاولة الأنشطة غير الرسمية التى تتناسب مع قدراتهم ومؤهلاتهم، ولكن افتقاد هذه القطاعات إلى وسائل الحماية الكافية التى يتمتع بها القطاع الرسمى يمثل عقبة رئيسية أمام هؤلاء اللاجئين، ونظراً لحساسية وضعهم كلاجئين تجعلهم عرضة لاستغلال أرباب الأعمال الذين يجبرونهم على العمل لساعات أطول بأجر أقل مما يتقاضاه المصريون الذين يزاولون أعمالهم نفسها.
وتشير بعض الدراسات إلى تعرض اللاجئين السودانيين للمعاملة غير اللائقة من جانب أصحاب العمل للعاملين فى القطاع الخدمى ووفقاً لمنظمة العفو الدولية، فقد تجنب اللاجئون العراقيون عدم السماح لنسائهم بالعمل فى الخدمة المنزلية فى مصر بالرغم من حاجتهم الشديدة لهذا المصدر من الدخل تفادياً لإساءة المعاملة.
قصور الخدمات العلاجية
تنتشر بين أوساط الجماعات اللاجئة، مجموعة من الأمراض التى تعد فى حقيقتها انعكاساً للأوضاع أو الظروف المعيشية التى كانوا يعيشونها قبل الهجرة أو بعدها، فقد كان لظروف الاضطهاد والقهر وأعمال العنف التى يواجهها اللاجئون الأفارقة بفعل الحروب الأهلية أثراً كبيراً فى انتشار بعض الأمراض العضوية والنفسية والعصبية بين هذه الجماعات، كما كان للأوضاع المعيشية المتردية التى يعيشها هؤلاء بعد الهجرة أثر فى انتشار كثير من الأمراض، قد استطاعت بعض الدراسات تحديد أكثر الأمراض انتشاراً بين الجماعات اللاجئة.
يعانى اللاجئون السودانيون من أمراض مثل فقر الدم المزمن والصداع والأرق وارتفاع ضغط الدم واضطرابات المعدة، يعانى الصوماليون من الصداع المزمن والأرق وآلام المعدة، ويرجعون أسباب المرض لصراعهم ومحاولاتهم الدائمة للإقامة والاستقرار فى مصر، بالإضافة لإصابة بعضهم بجروح نتيجة للحروب الأهلية، ويعافى آخرون من مرض السكر ومشاكل فى الجهاز التنفسى والأمراض النفسية.
وقد كان للأوضاع المادية الميسرة التى يعيشها اللاجئون العراقيون أثر كبير فى اختفاء أمراض سوء التغذية بين أسر العراقيين، فلم تتعد نسبة من يعانون من أمراض مثل مرض الأنيميا والفشل الكلوى ومشكلات الكبد وهى أمراض تعد فى حقيقتها مؤشراً على نوعية الحياة، ورغم تعدد وسائل وطرق الحصول على الخدمة الصحية فى المجتمع المصرى ما بين قطاع صحى حكومى وآخر خاص ومدنى وتعدد أساليب العلاج.
يفتقر اللاجئون إلى الوعى الكافى بالمساعدات الطبية التى تقدمها المنظمات غير الحكومية، وقد يرجع ذلك إلى عدم إعلان المؤسسات عن نفسها، وعن الخدمة الصحية التى تقدمها للاجئون بشكل كافى، أو انخفاض المستويات التعليمية للاجئين بما لا يؤهلهم لمعرفة حقوقهم القانونية فى المجتمعات المضيفة والخدمات التى تقدمها لهم كثير من المؤسسات والمنظمات.
ويلجأ اللاجئون إلى الطب الشعبى أو إلى الصيادلة لتشخيص أمراضهم ووصف العلاج بسبب ضيق مواردهم المالية.
كما أن الأماكن التى توجد بها الجهات التى تقدم الرعاية الصحية للاجئين تكون بعيدة عن أماكن تجمع اللاجئين، فموقع مكتب منظمة أفريقيا والشرق الأوسط التى تقدم الخدمة الصحية بعيد إلى حد ما عن أماكن تجمع بعض الجماعات اللاجئة، مما يجعل اللاجئين يجدون صعوبة فى الوصول إليه وغالباً ما يكون على اللاجئ أن يأتى أكثر من مرة للحصول على الخدمة الطبية أمر صعب خاصة بالنسبة للاجئين الذين يعانون ظروفاً صحية سيئة، كما يجد اللاجئون المقيمون بصورة غير شرعية صعوبات عند الاقتراب من المكتب بسبب خوف هؤلاء اللاجئين من قوات الأمن الموجودة فى المنطقة.
كما تتطلب عملية حصول اللاجئين على الخدمة الصحية من المستشفيات الحكومية ومنظمات المجتمع المدنى قيام اللاجئين بمجموعة من الإجراءات الإدارية اللازمة للحصول على الخدمة تجعل المريض يحجم عن العلاج.
فقد أعربت الأسر العراقية عن شكواها بشأن الإجراءات المعقدة الكثيرة التى تعوق حصولهم على خدمة كاريتاس بالتحويل إلى أحد المستشفيات أو باسترجاع ما دفعوه فى العلاج الخاص، وقد دفع هذا بغالبية الأسر العراقية اللجوء إلى الخدمات الصحية الخاصة.
كا يشكو اللاجئون السودانيون من طول الإجراءات اللازمة للحصول على الخدمة الصحية من مؤسسة كاريتاس وكذلك من مكتب منظمة أفريقيا والشرق الأوسط لدعم اللاجئين.
شكاوى من أسعار العلاج
تتمثل الشكوى الرئيسية للاجئين فى ارتفاع أسعار الخدمة الطبية وارتفاع أسعار العلاج مما قد يدفع البعض منهم إلى الخروج من المستشفيات قبل الشفاء لعدم قدرتهم على الدفع، فقد أكد 90٪ من العراقيين أن المشكلة الحقيقية التى تعترض حصولهم على الخدمة الصحية فى المجتمع المصرى هى ارتفاع التكلفة العلاجية بينما يعانى الفلسطينيون من صعوبة الحصول على الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة، واضطرارهم إلى شراء الأدوية غير المدعمة ذات التكلفة العالية، وبالرغم من الخدمات العلاجية المدعمة التى تقدمها مؤسسة كاريتاس للاجئين تغطى 50٪ من مجموع النفقات الطبية، إلا أن الكثير من اللاجئين لا يستطيعون حتى دفع نصف القيمة ومن ثم يتعين على كاريتاس إما تحمل التكلفة كاملة أو يتخلى اللاجئ عن الرعاية الطبية.
كما أن المؤسسات التى تقدم الخدمة الصحية للاجئين تعانى من عدة صعوبات أبرزها العجز فى الميزانية بما يؤثر على الخدمة الطبية التى تقدمها، فمثلاً يعانى مستشفى فلسطين المسئول عن تقديم الرعاية الصحية للاجئين الفلسطينيين من عجز هائل فى موازنته، التى خضعت إلى عدة تخفيضات بسبب الأولوية التى أعطاها الصندوق الوطنى الفلسطينى عام 1955، إلى إنشاء المراكز الصحية فى غزة والضفة الغربية، وجاء على حساب الخدمة المقدمة للاجئين فى مصر، كما أن الرواتب التى كانت تقتطع من موظفى منظمة التحرير الفلسطينية، لم تكن ترسل إلى الهلال الأحمر مقابل الخدمات المقدمة لهم، وينطبق ذلك على المبالغ التى كان من المفترض أن تحولها السلطة الفلسطينية لدعم اللاجئين الفلسطينيين فى مصر.
اللاجئون والسكن
يعانى اللاجئون من مجموعة صعوبات أكدتها الدراسات التى تعرضت للمشكلات السكنية للاجئين فى المجتمع المصرى، تتركز المشكلات الرئيسية التى تواجه اللاجئين عند السكن فى الاستغلال المفرط من جانب ملاك العقارات للاجئين، والذى يظهر فى الزيادة المستمرة فى قيمة الإيجارات وعدم ثباتها فى ظل انخفاض دخول اللاجئين، التهديد المستمر بالطرد والإبعاد، صعوبة التقاضى أمام المحاكم، السكن فى الأحياء الهامشية والفقيرة.
وفى ظل المشكلات التى يواجهها اللاجئون فى حصولهم على عمل، وانخفاض المستوى العام للأجور يصعب على اللاجئين الارتقاء بنوعية حياتهم وتحسين أوضاعهم ومع استغلال ملاك العقارات الذين يتحكمون فى قيمة الإيجار مما يدفعهم إلى السكن فى الأحياء الهامشية والفقيرة التى تفتقر إلى مقومات العيش مثل الخدمات الأساسية والمرافق إضافة إلى ما يفقده اللاجئون من شعورهم بالأمن الاجتماعى الإنسانى الناتج عن غياب الرقابة فى بعض الأحياء.
يعيش الغالبية العظمى من اللاجئين فى تجمعات سكنية توجد على أطراف المدن وتبعد عن المراكز الحضرية وتفتقر إلى شبكة مواصلات كافية ترتبط بين هذه التجمعات وبين المراكز الحضارية، فأبناء الطبقة الدنيا من اللاجئين الفلسطينيين يقطنون الأحياء الفقيرة فى شبرا والعباسية وعين شمس، بالإضافة إلى العيش فى محافظة الشرقية فى مناطق محددة مثل أبوكبير والزقازيق وفاقوس وفى سيناء بمناطق رفح والعريش والشيخ زويد، أما اللاجئون السودانيون فيقطنون فى عدة أماكن بمصر، إلا أن جميعها من المناطق الهامشية الخالية من أية خدمات عامة، بالإضافة إلى ضيق الحيز المكانى وارتفاع عدد الأفراد الذين يسكنون بداخله فعلى سبيل المثال فى منطقة الكيلو 4.5 يعيش كل أربعة أفراد أو أكثر فى غرفة واحدة.
وتجدر الإشارة إلى أن سكنى اللاجئين فى الأماكن الهامشية والفقيرة يختلف باختلاف جماعات اللاجئين، بل وداخل الجماعة الواحدة باختلاف الوضع الطبقى للأفراد، فمثلاً لا يسكن العراقيون فى الأحياء الهامشية، بل على العكس فالغالبية العظمى منهم وفقاً لنتائج مسح العراقيين يقطنون الأحياء الراقية مثل السادس من أكتوبر والشيخ زايد، ويعيش بها نحو 49.2٪ من العراقيين ومدينة نصر التى يقطنها نحو 13.2 ومدينة الرحاب 9.4٪، ويعيش الأثرياء من اللاجئين الفلسطينيين فى القاهرة بأحياء مدينة نصر.
عجز الجمعيات الأهلية
تفتقد منظمات المجتمع المدنى المعنية بشئون اللاجئين والتى تتنوع ما بين منظمات دولية وجمعيات أهلية ومؤسسات دينية، إلى التنسيق فيما بينها وبين الحكومة تتركز كثير من تلك المؤسسات فى العاصمة.
بما يعيق اللاجئين المقيمين خارج القاهرة عن الحصول على الخدمة الصحية، وتضع بعض الجمعيات الأهلية شروطاً على حصول اللاجئين على خدماتها كالدين والعرق كما فى حالة اللاجئين السودانيين الذين ينشئون مجموعة من الجمعيات تفرق بين سكان الجنوب والشمال وبين المسلمين والمسيحيين عند تقديم خدماتها، كما أن لطبيعة النشاط الخدمى المزدوج الذى تقدمه بعض الجمعيات الأهلية التى تشمل مساعداتها المصريين واللاجئين أثر كبير على عزوف الكثير من اللاجئين عن طلب الخدمة من هذه الجمعيات، إذ عادة ما يشعر اللاجئون باستياء من معاملة هذه الجمعيات لهم وكأنهم طالبو خدمة من الدرجة الثانية، فعلى سبيل المثال دائماً ما يرجئ مركز الهداية الخيرى عملية الكشف الطبى على اللاجئين أصحاب الحالات غير الحرجة إلى الشهر التالى، خاصة عندما يزداد أعداد طالبى الخدمة الصحية.
افتقار معظم الجمعيات الأهلية للموارد المادية والثابتة اللازمة لتمويل المشروعات التي تتبناها الذي يؤدي الي انسحاب أعضاء الجمعيات من عضويتها أو الي العمل التطوعي بما يجعل الجمعيات أو المؤسسات تعجز عن تحقيق أهدافها توجد بعض الأسباب مرتبطة باللاجئين أنفسهم مثل تدني أوضاعهم المادية.
مفهوم اللاجئين
تعرف اتفاقية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين عام 1951 اللاجئ بأنه كل شخص يوجد نتيجة أحداث وقعت مثل الحروب أو الكوارث أو اضطرابات أو بسبب تعرضه لخوف ما يعرضه للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتماءه الي فئة اجتماعية معينة أو بسبب آرائه السياسية ولا يستطيع هو أو لا يريد بسبب ذلك الخوف أن يستظل بحماية بلده أو هو كل شخص لا يمتلك جنسية ويوجد خارج بلد إقامته ولا يستطيع أولا العودة اليها.
حددت الاتفاقية شروطا معينة لمن يدخل ضمن تعريف اللاجئ، وهي الإقامة أو الوجود الفعلي خارج حدود بلد المنشأ وجود خوف حقيقي له ما يبرره من الاضطهاد في دولة المنشأ بسبب العرق أو الانتماء القومي، وعدم امكانية العودة الي الوطن أو انعدام الرغبة في العودة الي الوطن لدي الشخص المعني وبالتالي لا تنطبق كلمة لاجئ علي من لم تتوفر فيه هذه الشروط.
ومع تفاقم مشكلة اللاجئين في مختلف أنحاء العالم جاء بروتوكول 1967 بهدف إزالة الحدود الزمنية والجغرافية التي حددتها اتفاقية 1951 في تحديدها لمن يستحق طلب اللجوء ومن يقع علي كاهل المفوضية الاهتمام بهم، ويوجد حتي الآن 141 دولة من بينها مصر موقعة علي الاتفاقية والبروتوكول بالإضافة الي 4 دول موقعة علي الاتفاقية فقط و3 دول علي البروتوكول فقط.
أما بالنسبة لاتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية التي تحكم المظاهر الخاصة بمشكلات اللاجئين في افريقيا 1969 فقد عرفت اللاجئ بأنه كل شخص يخشي حقا من أن يضطهد بسبب جنسه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه لمجموعة اجتماعية معينة أو بسبب معتقداته السياسية ويجد نفسه خارج البلد الذي يحمل جنسيته ولا يستطيع أو بسبب خوفه يخشي أن يعلن انتماءه لهذا البلد أو شخص لا يتمتع بجنسيته ويجد نفسه خارج البلد محل إقامته الاعتادية بسبب أحداث معينة ولا يستطيع العودة اليه كما ينطبق لفظ لاجئ علي كل شخص يجد نفسه مضطرا بسبب عدوان أو احتلال خارجي أو سيطرة أجنبية أو بسبب أحداث تهدد بشكل خطير الأمن العام في جزء من البلد الأصلي أو في أراضيه كلها أو البلد الذي يحمل جنسيته الي أن يترك محل إقامته العادية ليبحث عن ملاذ له في مكان آخر خارج بده الأصلي أو البلد الذي يحمل جنسيته.
وهناك مصطلح آخر قد يتداخل مع مصطلح لاجئ وهو مصطلح عديم الجنسية ويتم تعريفه طبقا للاتفاقية الدولية بشأن وضع الأشخاص عديمي الجنسية فإن المادة (1) تتناول تعريفه بأنه الشخص الذي لا تعتبره أي دولة مواطنا فيها بمقتضي تسريحها.
وبشكل عام إن مصر ليس لديها إجراءات وترتيبات خاصة بها لضمان حق اللجوء وبدلا من ذلك وفي ضوء الاتفاق الموقع بين مصر والمفوضية حتي تتم تسوية أوضاعهم القانونية حيث تنظر المفوضية في أمر هؤلاء الأفراد لتحديد من هم طالبو اللجوء الذين يمكنهم تلقي الحماية والمساعدة من الأمم المتحدة كلاجئين فعليا وبناء علي ذلك يصبح اللاجئ وطالب اللجوء غير الحاصل علي تصريح إقامة عرضة للاعتقال والترحيل من قبل السلطات المصرية.
وفي عام 1984 صدقت مصر علي الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب الذي إجازه مجلس الرؤساء الأفارقة في نيروبي بكينيا عام 1981. نصت المادة 12 من الميثاق علي حق كل شخص في اللجوء في حالة الاضطهاد وعدم جواز طرد الأجنبي الذي دخل بصفة قانونية الي أراضي دولة ما طرفا في الميثاق إلا بقرار مطابق للقانون بالإضافة الي تجريم الطرد الجماعي للأجانب.
نصت الاتفاقية علي ضرورة توفير التشريعات المناسبة بقبول اللاجئين والعمل علي توفير الإقامة لمن لا يستطيع منهم وعدم جواز اخضاع أي شخص لإجراءات ما تضطره الي العودة أو البقاء في أراض تتعرض حياته أو كيانه الجسدي أو حريته لأي خطر، وإذا واجهت إحدي الدول الأعضاء أي صعاب لا تسمح باستمرار منح حق اللجوء للاجئين يجوز بها التوجه بالنداء الي الدول الأعضاء الأخري أما بالنسبة للترحيل فقد نصت الاتفاقية أنه في كل الحالات يجب احترام رغبة اللاجئ فيما يتعلق بالعودة الي وطنه ولا يجوز ترحيل لاجئ الي وطنه رغم إرادته وعلي البلد المضيف أن يتخذ بالتعاون مع البلد الأصلي لحل الإجراءات المناسبة لضمان عودة اللاجئين الذين يطلبون العودة الي أوطانهم سالمين وأنه علي البلد الأصلي الذي يقبل اللاجئين العائدين اليه تسهيل إعادة توطينهم وأن يمنحهم كافة الحقوق والامتيازات الممنوحة لمواطنيه وأن يخضعهم لنفس الالتزامات.
وضع القرار الرئاسي رقم 89 لسنة 1960 وهو ما يسمي بقانون الأجانب شروطا علي محاولات دخول طالبي اللجوء الي مصر حيث نص علي عدم السماح لأجنبي بالدخول دون جواز سفر ويجب أن يغادر الأجنبي مصر بمجرد انتهاء تصريح إقامته. كما يجب أن يبلغ الطيارون وقباطنة السفن السلطات المختصة عن أي شخص علي طائراتهم أو سفنهم ليس معه جواز سفر صالح ولا يجب أن يدخل أي أجنبي الحدود المصرية إلا من خلال المطارات والموانئ والمنافذ التي يحددها وزير الداخلية وإذا دخل من غير تلك المنافذ يعاقب بالسجن لمدة لا تتعدي 3 أشهر وبغرامة لا تقل عن 50 جنيها ولا تزيد علي 200 جنيه ويتم ترحيله بعدها. يقوم الأجانب باعتماد جوازاتهم أوأوراق سفرهم أن يقدموا معلومات عنهم لوزارة الداخلية وفروعها ويمكن لوزير الداخلية الاعتقال الفوري لأي شخص قرر مقاومة إجراءات الترحيل ولا يسمح بعودة الأجنبي الذي سبق ترحيله الي الأراضي المصرية إلا بقرار وزير الداخلية.
لم ينظم القانون المصري تسليم السلطات للأجانب أو اللاجئين بطاقات هوية وإنما طبقا للاتفاقية بين الحكومة المصرية ومكتب الأمم المتحدة لشئون اللاجئين تقوم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين بالقاهرة إصدار بطاقة صفراء تحمل موافقة الحكومة المصرية وتعتبر بمثابة الدليل علي أن حاملها تقدم بطلب للحصول علي وضع اللاجئ الي المفوضية. قد منع قانون رقم 15 الصادر عام 1963 الأجانب من تملك الأرض إلا أن المادة رقم (1) استثنت منه الفلسطينيين الي أن يتم تحرير المناطق الفلسطينية ويتمكن الفلسطينيون من العودة الي وطنهم. كما منع القانون رقم 8 لعام 8791 الأجانب من تملك المباني والأراضي في بعض الحالات الاستثنائية بناء علي إذن خاص من مجلس الوزراء بشرط الامتلاك لغايات السكن الخاص أو العمل الخاص ويتم تسديد قيمة العقار بالعملة الأجنبية علي أن تكون هذه الملكية بالشراكة مع مصري.
كما منع القانون المصري لعام 1985 الأجانب أشخاصا وشركات من امتلاك الممتلكات الزراعية أو الأراضي الخصبة أو الصحراوية في مصر كان ذلك مطبقا حتي عام 1997 عندما تمت المصادقة علي قانون الضمانات والحوافز الاستثمارية الذي يمنح الأجانب الحق في تملك الأعمال الكبيرة من خلال السماح بالشراكة.
لا يوجد في القانون المصري أي آلية واضحة للتحقيق في ادعاءات طالبي اللجوء السياسي سبب تعرضهم أو خشية تعرضهم لاضطهاد بسب الدفاع عن مصالح الشعوب أو حقوق الإنسان أو السلام أو العدالة وفقا لما تنص عليه المادة 53 من الدستور المصري 1971 وعلي الرغم من إعطاء اتفاقية حق الطعن أمام المحكمة المختصة للاجئين أصحاب الإقامة المؤقتة، إلا أنه لا توجد آلية لتطبيق حق الطعن في قرار الطرد.
الحكومة المصرية واللاجئون
شهدت السنوات الأخيرة بروز قضية اللاجئين علي الصعيد الدولي فقد زادت أعداد البلدان الطاردة للاجئين نتيجة الاضطرابات السياسية والاقتصادية مما فرض تحديا خطيرا علي كل الأطراف المعنية سواء كانت بلدانا مرسلة أو مستقبلة أو حتي منظمات دولية معنية بالتعامل مع القضية وهناك 3 أنماط من السياسات للتعامل مع مشكلة اللاجئين وهي الدمج المحلي في المجتمع المضيف والتوطين في بلد ثالث والترحيل للبلد الأم.
تشمل عملية صنع السياسة بالنسبة للاجئين التفاعلات الدولية بين مصر والدول الأخري والمنظمات الدولية المعنية بالقضية وأخيرا قدرة السياسة العامة علي التعامل مع المتغيرات الدولية والمحلية والاقليمية والتواكب مع هذه المتغيرات بما يحقق أقصي نفع ممكن لكل الأطراف.
تعد مصر من أكبر البلدان الأفريقية التي تستقبل أنواعا مختلفة من الهجرة شرعية أو غير شرعية موثقة وغير موثقة خاصة مند مطلع التسعينيات فقد ارتبط تدفق اللاجئين الأفارقة الي مصر بعدم الاستقرار السياسي والصراعات والحروب الأهلية في منطقة القرن الافريقي خاصة السودان وأثيوبيا واريتريا والصومال ثم جاء الغزو الأمريكي للعراق ليضيف العراقيين الي فصائل اللاجئين المختلفين وقد أدي هذا التدفق الكبير للاجئين وطالبي اللجوء الي مصر والذي لم يسبق له مثيل الي جعل مكتب المفوضية العليا لشئون اللاجئين في مصر من أكثر مكاتب منطقة الشرق الأوسط تلقيا لطلبات منح اللجوء.
يذكر أن أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل مصر جهة مرغوب اللجوء اليها فضلا عن القرب الجغرافي بينها وبين الدول الطاردة أنها توفر فرصا كثيرة للتوطين في بلد ثالث إما من خلال برامج التوطين التي تتيحها المفوضية أو البرامج الخاصة ببعض البلدان من خلال سفاراتها مثل كندا واستراليا والولايات المتحدة وفنلندا.
يعد خيار التوطين في بلد ثالث حقيقة خيار مرغوب فيه من قبل الحكومة المصرية واللاجئين علي حد سواء فبالنسبة للاجئين فن صعوبة اندماج بعض اللاجئين في المجتمع المصري من ناحية واستحالة العودة لبلدانهم بسبب استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي من ناحية أخري تجعلهم أمام خيار لا مفر منه وهو التوطين في بلد ثالث سواء من خلال المفوضية أو من خلال برامج التوطين التي تقدمها بعض السفارات في مصر ولكن المشكلة الأساسية في الوقت الراهن خاصة بعد أحداث سبتمبر هي انحسار فرص التوطين مما يجعل هؤلاء اللاجئين مجبرون علي البقاء في مصر في مرحلة عبور قد تصل الي سنوات طويلة دون القدرة علي تجاوزها.
ولابد أن تعترف المفوضية بهم كلاجئين وبالتالي نحن أمام أعداد أكبر من طالبي اللجوء الذين رفضتهم المفوضية وذلك يتحولون الي مهاجرين غير شرعيين حيث إن الحكومة المصرية لا تتبني بديلا لدمج اللاجئين في المجتمع المصري وبالتالي فوجودهم في مصر يعتبر أمرا مرحليا أو مؤقتا وربما هذا يفسر إصرار الحكومة المصرية علي تحميل مسئولية تحديد من هو اللاجئ للمفوضية العليا لشئون اللاجئين والتزام مصر بالاتفاقيات الدولية يجعلها لا تطبق مبدأ الترحيل لأي لاجئ تتعرض حياته أو حريته للخطر. فمصر تسمح لطالبي اللجوء واللاجئين المعترف بهم أن يدخلوا البلاد ويظلوا فيها كما أن حماية اللاجئين من الترحيل حقيقة مرتبطة بعدالة تقرير الحالة الذي تقدمه المفوضية العليا لشئون اللاجئين.
وعلي صعيد التعامل غير المباشر مع قضايا اللاجئين في مصر فإن الحكومة المصرية لم تمنع المفوضية العليا لشئون اللاجئين من إقامة شراكات مع مؤسسات مختلفة سواء كنائس أو جمعيات أهلية لتقديم الدعم المادي والرعاية الصحية والتعليمية للاجئين مثل كاريتاس وهيئة الإغاثة الكاثوليكية.
توصيات
وطالبت دراسة مركز المعلومات بمجلس الوزراء بضرورة النظر نظرة واسعة ومتعمقة لقضية الهجرة العابرة التي تحولت من مشكلة مؤقتة لدول العبور الي مشكلة طويلة الأمد عندما يجد اللاجئون أنفسهم مكدسين في دولة العبور لسنوات طويلة دون رغبة في العودة الي البلد وهذا الوضع يؤثر سلبا علي دول العبور واللاجئين مما يستدعي إعادة النظر في السياسات التي تتعامل مع هذه القضية وتضمين البعد الدولي في صياغة هذه السياسات.
وأن أي سياسة للتعامل مع اللاجئين ولا تنوي دمجهم لابد أن تراعي تشريعا يجسد هدفين: الأول الحد من التفاعلات الصراعية في المجتمع بين اللاجئين والمواطنين وهذا لن يتحقق إلا بضمان الكرامة الشخصية للاجئين الشرعيين من خلال منحهم الحقوق الكاملة للاجئ حتي يخرج من البلاد والثاني هو إعطاء اللاجئ غير الشرعي الحقوق الأساسية التي لا تهدر آدميته كإنسان.
أما الأمر الثاني الذي يجب مراعاته هو أن اختيار الدول المضيفة لسياسة الدمج المحلي للاجئين له شروطه القانونية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بمعني توفير كافة الفرص التي تتيح الحياة الكريمة للاجئين في سياق اقتصادي يسمح لهم بالاعتماد علي أنفسهم وإطار قانوني متكامل وإطار ثقافي يقبل التنوع، كما يتمثل بعض من هذه الشروط في تبني الحكومة المضيفة لهذه السياسة وجود إطار كفء وفعال وعادل للتعاون بين الدول المضيفة ودول الشمال تمهيدا لهجرتهم الي البلد الثالث وفقا لخطط المفوضية.
السبت مارس 17, 2012 2:21 am من طرف الكنج