تحتفل جامعة ألكسندر فون هومبولد بمرور 200 عاما على تأسيسها. ففي سنة 1810 أطلق العالم الألماني ألكسندر فون هومبولد فكرة جامعة جديدة مبنية على استقلال البحث العلمي ودمجه مع الدراسة العادية، ما اعتبر ثورة تعليمية آنذاك.
يوليانة كوتشينسكي العاملة في جامعة هومبولد في برلين تنظم جولة استطلاعية في مبنى الجامعة لمجموعة من الطلاب والمدرسين القدامى. على الجدار الأحمر اللون توجد تسعة وعشرون لوحة رسم على كل واحدة منها صورة لأحد العلماء الذين حصلوا على جائزة نوبل والذين تخرجوا من هذه الجامعة أو درسوا فيها. من بينهم الطبيب المشهور فيرنر فورسمان الذي "حصل على جائزة نوبل للطب لأنه أول من استخدم قسطرة القلب في تجربة شخصية، حيث قام بتشريح ذراعه أولا ثم زرع القسطرة في القلب عبر الذراع"، كما توضح يوليانة كوتشينسكي.
من حرية الفكر إلى حرق الكتب
هذه العملية قام بها الطبيب الألماني سنة 1929 أربع أعوام فقط من تولي النازيين على للسلطة في ألمانيا. خلال فترة الحكم النازي انخرط هو الآخر في حزب هتلر، رغم ذلك حاز على جائزة نوبل للطب سنة 1956. وتعكس سيرة هذا الطبيب تاريخ جامعة هومبولد تماما كما تقول يوليانة كوتشينسكي. فمنذ تأسيس الجامعة قبل قرنين، عاشت هذه المؤسسة مراحل عديدة بين البحث العلمي الحر والتقلبات السياسية.
فبعد تأسيسها سنة 1810 شهدت الجامعة شهرة عالمية بسبب تطبيق أفكار هومبولد القاضية بتحرير الدراسة والبحث العلمي من قيود الرقابة السياسية ودمج البحث العلمي بالتدريس. في هذه الجامعة ألقى الفيلسوف جورج ويلهلم فريدريك هيغل محاضراته وكان من بين طلابه كارل ماركس. الأديب هاينرش هاينة والسياسي بيسمارك درسا هنا أيضاً، إضافة إلى ماكس بلانك وروبرت كوخ وألبرت آينشتاين. لكن هذه الحرية سرعان ما تبددت بعد تولي النازيين الحكم في ألمانيا سنة 1933، وبداية فترة الاضطهاد التي تعرض لها العلماء والطلاب اليهود والشيوعيون في محاولة من النازيين لإقصاء من يختلفون معهم فكرياً. مظاهر هذا الإقصاء بدأت بحرق كتب عديدة، كما تقول إنغريد غراوبنر العالمة التاريخية والتي تبحث في تاريخ الجامعة. أغلب من شارك في عمليات الحرق "كانوا من الطلاب النازيين، الذين صادروا كتبا من المكتبات الخاصة من أجل حرقها"، كما تقول إنغريد غراوبنر وتضيف: "لحسن الحظ لم يستطع هؤلاء الطلاب الحصول على كتب من مكتبة جامعة هومبولد". وترجع الباحثة ذلك لسبب بسيط وهو رفض موظفي الجامعة آنذاك لإعطاء الطلاب كتبا دون ترخيص.
التطلع إلى لقب "جامعة النخبة"
بعد الحرب العالمية الثانية وتقسيم برلين، أصبحت الجامعة تحت سيطرة ألمانيا الشرقية، التي قامت بـ"إصلاحين" جامعيين في خمسينيات وستينيات القرن الماضي بهدف إخضاع البحث العلمي والمؤسسات التعليمية لإيديولوجية النظام السياسي القائم آنذاك، رغم الأصوات المعارضة لتلك الخطوات والتي بقيت دون صدى يذكر.
أما الآن، وبعد عشرين عاما من وحدة ألمانيا، تعاني الجامعة من المشاكل المالية بالدرجة الأولى. ويدرس فيها حوالي 34.000 طالبا في أكثر من 250 تخصصا. وعدد الطلاب الأجانب يصل إلى 4.500 من أكثر من 100 دولة. إدارة الجامعة ستركز جهودها خلال الشهور المقبلة على الحصول على لقب جامعة متميزة وفقا لتصور هومبولد، كما كان الحال لحظة تأسيسها، كما يقول يان هندريك شولتس رئيس الجامعة، والذي يتمنى أن تصبح الجامعة وحدة حيوية بين "جامعة البحث العلمي وجامعة التدريس، حيث يتم تدريس العديد من التخصصات والمهن. فحين ننجح في تطوير آفاق البحث العلمي وحين نوفق في تدريسه، فسنصبح بلا شك جامعة متميزة."
الأربعاء مارس 21, 2012 1:45 am من طرف الكنج