حي الضوء الأحمر في قلب أمستردام (حي بائعات الهوى) ليس مكانا نابضا بالحياة والألوان وموقع جذب سياحي بل هو بؤرة رثة للمتاجرة بالبشر حسب لودفيك اسشر عضو بلدية العاصمة أمستردام.
يخوض اسشر (37 عاما) منذ سنوات وبمفرده تقريبا حربا صليبية لا هوادة فيها ضد ما يسميه عالم الاستغلال وسوء المعاملة الذي يتخفى خلف نوافذ العاهرات في حي الضوء الخضر "علينا أن نتخلى عن نظرتنا الرومانسية لهذه المنطقة"
بالنسبة لمئات الآلاف من السياح تعتبر منطقة الضوء الأحمر يعتبر إلقاء نظرة على العاهرات المتبرجات اللواتي يعرضن خدماتهن خلف الأبواب الزجاجية (الفاترينات)، - يعتبر - وقفة طبيعية في جولتهم السياحية في أمستردام. بطريقة ما ترمز هذه المنطقة لما يمكن أن تجده في هولندا المعروفة بميلها للتسامح تجاه الكحول والمخدرات الخفيفة.
موقف متشدد
بوصفه عضوا في مجلس بلدية أمستردام، يعتبر لودفيك اسشر نفسه مسئولا سياسيا عن منطقة الضوء الأحمر وكثيرا ما يطلق تصريحات صحيفة يري البعض أنها لا تشبه الساسة الهولنديين. يعتقد اسشر أن هنالك وهم وطني هولندي يري في الدعارة جزءا من صورة الحرية والتسامح الهولندي، ويصر اسشر أن ذلك يقلل من خطورة المشكلات الكبيرة ذات الصلة بهذا الحي.
"هذه النوافذ الملونة تختبئ خلفها جرائم نكراء، حيث تتعرض النساء لاستغلال بشع ويبيعون أجسادهن لسداد ديون وهمية لقوادين جشعين، ويتعرضون للعنف الجسدي المباشر إذا لم له يجمعن ما يكفي من المال.
نشر لودفيك اسشر كتابا عام 2005 باسم "أمستردام الجديدة" دعا في لتبنى سياسة تحد من دعارة الفاترينات (الأبواب الزجاجية) والتصدي لظاهرة استغلال النساء في المدينة. وقد انتخب اسشر في مجلس بلدية أمستردام منذ خمس سنوات وأصبح سياسيا ذائع الصيت ويراه الكثيرون الزعيم القادم لحزب العمل الهولندي في البرلمان.
كعضو في المجلس البدي نشط لودفيك اسشر ضد الحي الأحمر واتخذ العديد من الإجراءات التي استهدفت الحد من عدد نوافذ الدعارة في المدينة وقد اشترت بلدية أمستردام الكثير من العقارات التي تستخدم في صناعة الجنس وحولتها لإغراض أخرى. في فبراير من هذا العام تحول اغلق 60 موقعا لصناعة الجنس وتعمل بلدية أمستردام على تنظيف المنطقة وتحويل المباغي لمطاعم ومقاهي ومتاجر عادية.
تقدر شرطة أمستردام أن 50 إلى 90 % من العاهرات يعملن خلف هذه النوافذ مكرهين، وينطبق ذلك حتى على بيوت الدعارة القانونية الحاصلة على ترخيص من البلدية لممارسة المهنة ويعلق اسشر قائلا إنها مشكلة يصعبن تعقبها واقتلاعها من الجذور:
"لا يمكن ملاحقة هذه المشكلة بفعالية كبيرة جدا وهذا أمر محبط للشرطة والمحاكم، والعقوبة القانونية غالبا ما تكون خفيفة جدا، ولا تواجه الدعارة بالغضب الشعبي اللازم. هذه الأيام نحاول أن نعالج مشكلة قواد اجبر أكثر من 110 شابة على احتراف الدعارة، المظهر الوحيد للغضب الشعبي لاحظناه عندما هرب الرجل من الشرطة."
الفرصة الأخيرة
خلال الأسابيع القليلة القادمة يبدأ مجلس الشيوخ الهولندي (الغرفة الأولي للبرلمان) ويتضمن مشروع القانون رفع الحد الداني لسن العاهرات المسجلات إلى 21 عاما بدلا عن 18 سنة كما هو الحال الآن. كما سيجرم القانون شراء خدمات العاهرات المقيمات بصفة غير قانونية في هولندا.
أما أن نحزم آمرنا الآن لتنظيم هذه الظاهرة والحد منها أو نعود لتجريم الدعارة بكاملها كما كانت سابقا يقول اسشر ويضيف:
"هذه فرصتنا الأخيرة، تم إنهاء تجريم الدعارة في هولندا منذ عشرة سنوات، علينا الآن أن نتدخل بقوة لمنع الاستغلال وسوء المعاملة. لقد أدى حظر الدعارة في السويد إلى انخفاض ملحوظ في جرائم تهريب البشر. لقد مضى عهد العبودية وتخلصت منها هولندا منذ وقت طويل."
الأربعاء مارس 14, 2012 12:10 pm من طرف الكنج