تثير ظاهرة الطلاق عبر وسائل الاتصال الحديثة أو ما يعرف بالطلاق الالكتروني جدلا واسعا بين أساتذة الشرع والاجتماع في الاردن فالبعض يرى فيه استخفافا بقدسية العلاقة الزوجية فيما يعدّه اخرون تماشيا مع التقنيات الحديثة.
رغم ان نسب الطلاق الالكتروني في الاردن ليست بالاعلى بين نسب انواع الطلاق الاخرى الا ان الظاهرة آخذة في التنامي والازدياد وتثير هواجس لدى البعض من تعرض بيوت واسر للدمار بسبب هذا النواع من الطلاق الذي قد يكون فيه نوع من العبث.
ويقول الدكتور واصف البكري مفتش المحاكم الشرعية في دائرة قاضي القضاة الاردنية في حوار مع دويتشه فيله ان الشريعة الاسلامية قادرة على التعامل مع وسائل الاتصال الحديثة واعطاء احكام صالحة لكل زمان ومكان ويشير الى أن الطلاق الالكتروني يدخل في باب الطلاق بالكتابة وان قانون الاحوال الشخصية الاردني الجديد لعام 2010عالج هذه القضية من خلال المادة 83 التي تنص على ان الطلاق بالكتابة لا يقع الا بالنية.
"الطلاق الالكتروني يقع اذا كانت النية متوجة لانهاء العلاقة الزوجية"
وفي هذا الاطار يبين البكري ان الطلاق الالكتروني لا يقع الا اذا تثبت القاضي الشرعي من ان الزوج هو من ارسل الرسالة القصيرة اما باقرار الزوج او بالبينة الشرعية "فقد يكون هاتف الزوج قد وقع بيد احد العابثين فقام بتوجيه رسالة من هاتف الزوج، فمثل هذا النوع من العبث لا يقع به الطلاق" كما ان الطلاق الالكتروني لا يقع الا اذا كان الزوج عند كتابته لهذا الطلاق في الحالة المعتبرة شرعا "بمعنى ان لا يكون مكرها او خارج عن وعيه او مخمورا ...الخ"، وان تكون الكتابة مستبينة.
ويؤكد الدكتور البكري انه اذا ارسل شخص رسالة طلاق الكترونية الى زوجته بقصد المزاح او الهو او اللعب او باي قصد اخر فان الطلاق لا يقع الا اذا كانت النية متوجة لانهاء العلاقة الزوجية ولذلك "فلا يوجد مبرر لتخوف البعض من ان المراة اصبحت مهددة وانه يمكن ان تاتي لها رسالة بالخطأ وبالتالي تتدمر بيوت واسر بسبب هذا النوع من الطلاق الذي قد يكون فيه نوع من العبث".
"الزوجة ليست سلعة حتى يطلقها زوجها بالطرق الالكترونية"
من جهته يقول مدير عام المحاكم الشرعية في الاردن القاضي عصام عربيات في حوار مع دويتشه فيله ان اسلوب الطلاق عبر الوسائل الالكترونية منافيا للقاعدة الشرعية وهي المحافظة على قدسية العلاقة الزوجية "فالزوجة ليست سلعة حتى يطلقها زوجها بالطرق الالكترونية عبر رسالة قصيرة او عن طريق الايميل، هذا امر يعتبر انقاصا من كرامة الانسان".
ويضيف القاضي عربيات ان كثيرا من الاسر تهدمت نتيجة معلومة غير دقيقة "فيبادر الزوج الى ارسال رسالة طلاق الكترونية دون ان يذهب الى زوجته كما ذهب اليها اول مرة وسعى وارسل الجاهات وعمل الحفلات ودفع النفقات والمصاريف" ويدعو الى عدم اللجوء الى اسلوب الطلاق الالكتروني وان يتم الطلاق ،اذا كان لا بد منه، امام القاضي وبحضور الشهود وبعد اعطاء الزوجة جميع الحقوق.
ويؤكد مدير عام المحاكم الشرعية في الاردن ان القاضي الشرعي عندما تعرض عليه قضية طلاق الكترونية فانه ينصح بالذهاب الى مفتي المملكة الذي بدوره يتحقق من واقعة الطلاق ثم يرسل كتابا الى القاضي الذي يقوم بالتحقق مرة اخرى قبل ان يقرر ثبوت الطلاق من عدمه ويكون قرار القاضي ملزما ويشير الى ان نسب الطلاق الالكتروني في الاردن ليست بالاعلى من نسب اساليب الطلاق الاخرى.
"الطلاق الالكتروني قد يكون ملاذا امنا من مواجهة الزوجة الشرسة"
ويتساءل كثيرون عن سبب لجوء الزوج الى الطلاق الالكتروني وفي هذا السياق يقول الدكتور دياب البداينة رئيس مركز ابن خلدون للدراسات والأبحاث في حوار مع دويتشه فيله أن الإقدام على الطلاق الالكتروني يتيح للرجل خاصة حرية اتخاذ القرار بعيدا عن ضغوط الأهل والصغار وبقية أفراد الأسرة، خاصة وان للطلاق مضامين وصم اجتماعي سلبية عند الأنثى وبقية أفراد الأسرة.
ويرى البداينة ان الطلاق الالكتروني من الممكن ان يكون ملاذاً آمناً بعيداً عن تأثيرات الزوجة إذا كانت من "النوع الشرس" أو المهيمن وتمتع بقوة تفوق قوة الرجل في البيت، كما انه قد يكون بسبب التباعد المكاني بين الإطراف المعنية، "فمثلما نقبل أن نتزوج عن بعد ومن خلال مواقع الزواج الالكتروني ومن خلال قنوات التعارف علينا أن نقبل الطلاق الالكتروني".
"الأسرة ليست صفقة تجارية يمكن شطبها وإغلاقها كمؤسسة برسالة قصيرة"
ويقول رئيس مركز ابن خلدون للدراسات والأبحاث ان ظاهرة الطلاق الالكتروني يجب ان تؤخد ضمن فهم خصائص المجتمع التخيلي ويبين ان الناس يتفاعلون تخيليا من خلال النت والجوال والايميل، وكافة وسائط الاتصال الالكترونية الحديثة ويشير الى أن التفاعل التخيلي قد طغى على التفاعل وجهاً لوجه "فالنت أصبحت سوقا اقتصادية كبيرة ووصلت خدماتها إلى القضايا الاجتماعية، ويؤكد ان المراة في المجتمعات التقليدية اصبح بامكانها التسوق الحر والتفاعل الحر مع الآخرين، ويوضح ان الطلاق الالكتروني تغير اجتماعي في أنماط القيم والسلوكيات الاجتماعية وأسلوب تأقلم اجتماعي يتماشى مع البنى الاجتماعية ذات الأساس التقني.
ويضيف الدكتور البداينة ان الأسرة ليست صفقة تجارية يمكن شطبها وإغلاقها كمؤسسة برسالة قصيرة ولكن استنفاذ الحلول وزيادة الضغوط قد توصل الى الطلاق الالكتروني ويؤكد وجود زيادة في معدلات الطلاق عامة والطلاق قبل الزفاف خاصة في الاردن لاسباب تعود في مجملها إلى الضغوط التي يعاني منها الشباب، وارتفاع معدلات البطالة اضافة الى ان "مبررات تكون الأسرة للحصول على الجنس في الإطار المقبول اجتماعيا لم تشكل دافعاً قوياً عند الشباب بسبب توفر ذلك بطرق غير شرعية".
وتفيد بعض الاحصاءات غير الرسمية بان الاردن يشهد سنويا قرابة 450 حالة طلاق الكتروني معظمها يتم من خلال الاتصالات الخلوية والرسائل النصية SMS .
الجمعة مارس 16, 2012 12:27 pm من طرف الكنج