أكد محللون وخبراء اقتصاد لصحيفة فايننشيال تايمز أن مصر فى حاجة لاتفاق عاجل مع صندوق النقد الدولى، لتجنب أزمة وشيكة فى العملة مع استنفاذ أكثر من نصف الاحتياطى الأجنبى لديها.
وقد أضعفت الاضطرابات السياسية فى البلاد الاقتصاد بشدة، حيث تقلصت السياحة كثيرا وفر المستثمرون مما حرم البلاد من المصادر الحيوية للدخل الأجنبى.
وقالت الصحيفة إنه حتى الآن كان البنك المركزى قادرا على درء حدوث انخفاض كبير فى قيمة الجنيه المصرى والذى انخفض بنسبة 4% مقابل الدولار، لكن التدخل لحماية العملة ساهم فى تآكل الاحتياطيات.
ورغم رفض الحكومة المصرية العام الماضى الاقتراض من صندوق النقد الدولى، لجأت مصر مؤخرا للصندوق مع التراجع الاقتصادى الخطير الذى تشهده، وقال محمد أبو باشا، الخبير الاقتصادى بمجموعة هيرمس المالية: "إن الوضع خطير للغاية، فالاتفاق مع صندوق النقد الدولى هو الأمل الرئيسى لتجنب إضعاف الجنيه".
كان تقرير صادر عن مركز بحوث مجموعة بلتون المالية أشار إلى أن تراجع احتياطى النقد الأجنبى المصرى فى شهر يناير الماضى يعود إلى الضغوط الهائلة على استخدامات الصرف الأجنبى والتى نتجت عن الفوائد النصف سنوية المستحقة على السندات العالمية بنحو 8.75% والتى تم إصدارها فى عام 2007 ويستحق سدادها فى شهرى يناير ويوليو من كل عام.
كما يتم سداد ديون نادى باريس فى الفترة نفسها من كل عام، وقد أعلن أن إجمالى الديون التى تم سدادها فى شهر يناير عام 2012، قد بلغت 657 مليون دولار أمريكى، هذا بالإضافة إلى ضغوط تتعلق بخروج مستثمرين أجانب من سوق أذون الخزانة المصرى بقيمة 625 مليون دولار أمريكى فى يناير عام 2012.
وتشير علياء مبيض، كبير الاقتصاديين بباركليز كابيتال إلى أنه مع تدهور مستوى الاحتياطيات إلى هذا الحد فإنه سيكون من الصعب على البنك المركزى الإبقاء على سعر الصرف كما هو، وأكدت على أن قرض النقد الدولى أمر حاسم جدا، إذ سيساعد على وضع برنامج قوى للإصلاح الاقتصادى والمالى لكسب مصداقية المستثمرين محليا ودوليا ودعم مصادر أخرى للاقتراض.
من جانبه أشار فاروق سوسة، كبير اقتصادى الشرق الأوسط بمجموعة سيتى بنك إلى أن مصر لازالت بعيدة عن التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد لحاجتها إلى ضمانات بشأن التزام البلاد ببرنامج اقتصادى متكامل يستلزم دعم مختلف الجهات السياسية المختلفة، بدءا من المجلس العسكرى حتى الأحزاب الإسلامية التى تسيطر على البرلمان.
وأشار سوسة إلى أن حملة الحكومة ضد المنظمات غير الحكومية الداعمة للديمقراطية والتى وصلت إلى حد تقديم 43 من موظفيها، بينهم 19 أمريكيا، للمحاكمة، من شأنها أن تجعل النقد الدولى أقل حماسا لإقراض مصر لأنه ما يعنى أن البيئة السياسية المتوترة على نحو متزايد لا يمكن التنبوء بها.
وتنقل الفايننشيال تايمز عن تصريحات سابقة، لرئيس البنك الدولى روبرت زوليك، أنه يتوقع "توترات" فى المفاوضات مع الحكومة المصرية حول الدعم المالى، وقال: "نريد أن نتأكد من تحقيق الشفافية لدى الحكومة المصرية، والتى تتعلق ببعض التغيرات التى يسعى إليها الشعب والمساءلة الاجتماعية الأوسع، وهو ما قد يكون سببا للتوترات".
كانت القاهرة قد طلبت من البنك الدولى مليار دولار لدعم الميزانية، إلا أن المفاوضات الأولية قبل عام تعثرت على إثر عدم التزام الحكومة المصرية بتحقيق الشفافية.