عام بكامله مر على قيام وحدة كوماندوس أمريكية بتصفية زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في باكستان، الحدث يحمل من الرمزية ما سمح للأمريكيين بطي صفحة مؤلمة في تاريخ أمريكا المعاصر. آن كيوديسيلي خبيرة في الإرهاب الدولي تجيب على أسئلة
يؤكد الخبراء أن التهديد الإرهابي لم تخف وطأته بموت زعيم القاعدة، بل إن التنظيم تمكن من الاستقواء خلال العام الذي مر على مقتل زعيمه أسامة بن لادن. "آن كيوديسيلي" الخبيرة في الإرهاب الدولي ومؤسسة مكتب "تيروريسك" المتخصص في الدراسات المتعلقة برصد التهديدات السياسية والأمنية، تجيب على أسئلة "فرانس 24".
هل قلص مقتل أسامة بن لادن من حدة التهديد الإرهابي؟
لا أحد يمكن أن يؤكد أن التهديد الإرهابي قد تقلص، وعلى أي حال فالدول الغربية بقيت حذرة جدا بخصوص هذا الموضوع
والحقيقة أن الشروط التي أحاطت بتصفية الولايات المتحدة لأسامة بن لادن، جعلت منه شهيدا في مماته، بعد أن كان أيقونة في حياته. والنتيجة هي أن المثل والنموذج الذي شكله أسامة بن لادن بالنسبة للبعض قد تعزز
فيما يخص تنظيم القاعدة يمكن القول إن موت بن لادن لم يؤد إلى إضعافه، لأنه لم يغير الكثير في نشاط التنظيم. فأسامة بن لادن لم يكن قبل موته مقررا في الميدان، والشبكة التنظيمية للقاعدة كانت تعمل بدونه، لأن عملية توزيع الأدوار داخل التنظيم قد تمت في حياة بن لادن، حيث عمل التنظيم على الدفع بعدد من القيادات الجديدة في إطار مسار يضمن نوع من التوزيع الجهوي لمصالحه في بعض المناطق كالساحل والجزيرة العربية
هل كان لاختفاء بن لادن تأثيرا على الاستراتيجية العامة للقاعدة؟
يجب التذكير بأن مقتل بن لادن كان في خضم الربيع العربي. وبعد مرور عام يمكن التأكيد أن الحراك الذي خلفته الثورات العربية كان له تأثير أكبر على القاعدة، أكبر مما خلفه مقتل بن لادن، على الرغم من الرمزية التي يشكلها بن لادن بالنسبة للتيارات الإسلامية.
ففي آخر المطاف استطاعت الشعوب العربية أن تحصل على ما طمح إليه تنظيم القاعدة وهو الإطاحة بالأنظمة السياسية التي اعتبرت قربية من الغربيين، وهنا يمكن أن أستحضر بلدا كمصر حيث ظل النظام الحاكم محتقرا من قبل القاعدة.
الثورات العربية استطاعت إذن أن تنتزع من تنظيم القاعدة أحد الأهداف الأساسية التي أسس من أجلها, والتنظيم وبعد فترة من الدهشة والحيرة.. قرر أن يتكيف ويعمل على الاستفادة من السياق.
ويمكن أن أشير هنا كذلك إلى بلد آخر كاليمن، الذي وجد فيه تمركز قوي للقاعدة. فالتنظيم استطاع أن يستفيد من الانتفاضة الشعبية ضد النظام الحاكم ليتمكن من التطور في ظل حالة الفوضى العارمة لتقوية قواعده في وقت كان فيه النظام منشغلا بقمع المظاهرات.
ماهو تأثير مقتل بن لادن على السياسة الأمريكية لمحاربة الإرهاب؟
على الرغم من أن التهديد الإرهابي مازال حاضرا، فبن لادن يرمز إلى عقد من الحرب خاضتها الولايات المتحدة. فمنذ 11 سبتمبر 2001 دخل الأمريكيون في حملة عسكرية مكلفة في العراق وفي أفغانستان باسم محاربة الإرهاب
كما أن بن لادن تحول إلى هدف يحمل أولوية ويحيط به نوع من الانفعال بالنسبة للرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، وكذلك بالنسبة للرئيس الحالي باراك أوباما الذي كان وعد بتصفية زعيم تنظيم القاعدة، خلال الحملة الانتخابية وبعد وصوله إلى الحكم. وأوباما يعتبر اليوم، خلال حملته الحالية أن تصفية بن لادن، تشكل إحدى أكبر نجاحات عهدته الرئاسية الأولى.
في الولايات المتحدة تم اعتبار موت بن لادن بمثابة انتصار، وسمح بتبرير تغيير الاستراتيجية الأمريكية من خلال الانسحاب من العراق وأفغانستان. إن استراتيجية إعادة الانتشار التي أرادها الرئيس أوباما ما كان لها أن تتم إن بقي بن لادن حيا.