صوت مجلس الشيوخ الفرنسي (الغرفة العليا بالبرلمان الفرنسي) بالأغلبية الساحقة على مشروع قانون تقدم به اليمين الحاكم ويهدف إلى تجريم إهانة "الحركى" وهم الجزائريون الذين خدموا فرنسا خلال حرب التحرير الجزائرية، والذي يعتبر من الملفات الحساسة العالقة بين البلدين بعد 50 عاما على حصول الجزائريين على استقلالهم.
تبنى مجلس الشيوخ الفرنسي أمس الخميس مشروع قانون يجرم إهانة "الحركى" وهم الجزائريون الذي خدموا الجيش الفرنسي ووقفوا ضد مواطنيهم خلال حرب التحرير الجزائرية.
وصوت النواب بالأغلبية الساحقة – باستثناء الشيوعيين الذين غابوا عن الجلسة - على هذا المشروع الذي يشمل كذلك الجمعيات المدافعة عن الحركى بفرنسا – وكان المشروع قد تقدم به حزب الرئيس الفرنسي الحاكم "الاتحاد من أجل حركة شعبية" على أن يعرض لاحقا على الجمعية العامة (الغرفة السفلى بالبرلمان الفرنسي) ليدخل حيز التنفيذ في حال تم التصويت عليه نهائيا.
ويبقى ملف الحركى من الملفات الحساسة سواء في الجزائر التي تركوها مرغمين غداة اتفاقيات إفيان التي أبرمت في 18 آذار/مارس 1962 أو في فرنسا التي يعيش فيها نحو 500 ألف منهم.
ومع غياب قانون يضمن حقوقهم، خاصة أنهم عرضة لاعتداءات وإهانات حتى من قبل شخصيات رسمية في أعلى هرم السلطة، كالرئيس السابق لمنطقة لانغيدوك روسيون بجنوب شرق فرنسا جورج فريش الذي نعتهم علانية في 11 شباط/فبراير 2006 بـ"أشباه الرجال" وأفلت مع ذلك من القضاء الفرنسي رغم رفع جمعيات حقوق الإنسان وأخرى خاصة بالحركى دعاوى ضده بتهم "الإهانة والحث على الكراهية".
ورحبت العديد من الجمعيات المدافعة عن حقوق الحركى بنص هذا القانون الذي من شأنه أن يرد "الاعتبار للحركى الذين ينظر إليهم دوما باحتقار وعلى أنهم خونة" حسب قول رئيس جمعية تنسيقية الحركى بفرنسا حسان عرفي في اتصال مع فرانس24، والذي يضيف "لا يمكننا إنكار محاسن هذا القانون لكننا كنا ننتظر أكثر من نيكولا ساركوزي الذي وعدنا في 2007 بالاعتراف بمسؤولية بلاده في إهمال الحركى والمجازر التي ارتكبت في حقهم في حال أصبح رئيسا".
وعد يريد اليمين الحاكم تداركه قبل أقل من أربعة أشهر من الانتخابات الرئاسية، كما تقول رئيسة جمعية الحركى وحقوق الإنسان فطيمة بسنانسي "الحركى وأهاليهم ينتظرون هذا القانون منذ سنوات ويجب عليهم الانتظار أكثر حتى مصادقة الجمعية العامة عليه نهائيا". وتأسف للصيغة التي جاء بها نص هذا القانون والتي لم تعدل كثيرا عما كانت عليه في 2005، والتي "بفضلها تمكن جورج فريش من الإفلات من العقاب".
وتتساءل السيدة بسنانسي عن أسباب طرح هذا القانون في هذا الوقت بالذات قبل أقل من أربعة أشهر من الانتخابات الرئاسية، وتعتبر أنه من "الفضيحة أن يستغل ساركوزي وحزبه الحركى لأغراض انتخابية".
ويبقى مناخ العلاقات الفرنسية - الجزائرية متوترا بسبب ملف الاستعمار حيث يتمسك الجزائريون الذين يحيون هذا العام الذكرى الخمسين لاستقلالهم بمطلب الاعتذار من مستعمرهم القديم – بينما ترفض فرنسا ذلك وتتمسك هي الأخرى بقانونها في 23 فبراير 2005 الممجد للاستعمار ولإيجابياته.