تنامي شعور الإقصاء والتهميش لدى المسلمين أبرز ما يمكن استخلاصه من ملتقى مسلمي فرنسا السنوي في باريس "لبورجيه"، الذي تختتم فعالياته اليوم الاثنين. اطلعوا على التحقيق.
الملتقى 29 لمسلمي فرنسا ينطلق وسط حملة اعتقالات في الأوساط الإسلامية
عندما سألنا الشاب سعيد عن وضع المسلمين في فرنسا، فكر قليلا ثم أجاب: "كأن في فرنسا مجتمعين، الفرنسيون من جهة والمسلمون من جهة أخرى، وبطبيعة الحال فإن المسلمين هم الأشرار". تعليق سعيد شهادة من بين عدة شهادات رصدناها خلال الملتقى 29 لمسلمي فرنسا في باريس لبورجيه، والذي ينظمه اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، فغالبية المشاركين يتأسفون ويتحسرون على تنامي شعور الإقصاء والتهميش لدى المسلمين.
"فرنسا دولة قانون ولكنها دولة قانون للجميع باستثناء المسلمين"
سعيد في العشرين من العمر، طالب في مدينة كان (جنوب شرق فرنسا) حضر لقصر المعارض في لبورجيه من أجل جمع تبرعات ومساعدات لجمعية "لايف" أي "الحياة"، التي تسعى لحفر آبار وبناء مدارس ومساجد في أفريقيا. وشدد على أن وضع المسلمين في فرنسا يزداد صعوبة، لاسيما بعد قضية محمد مراح، الشاب المسلم الذي قتل ثلاثة جنود وأربعة من الجالية اليهودية بينهم 3 أطفال في تولوز ومونتوبان، جنوب غرب البلاد، في آذار/مارس الماضي. ونفس الشعور لمسناه لدى جمال عفوف، وهو مسؤول وكالة "أريان للسفريات - رحلة إلى مكة" التي تتخذ من باريس مقرا لها، والمتخصصة في رحلات الحج والعمرة إلى مكة. جمال يقول: "صحيح أن فرنسا دولة قانون، ولكنها دولة قانون للجميع باستثناء المسلمين"، مضيفا أن هذا الوضع دفع عدد من الفرنسيين المسلمين للتفكير في هجرة بلدهم.
"هناك معركة ضد الإسلام في فرنسا"
جمال عفوف، وهو فرنسي في 41 من العمر، يتوقع أن يزداد وضع المسلمين تأزما وأن تزداد مظاهر العداء لدينهم مبررا ذلك "بالصورة المزيفة التي تعطى عن الإسلام والمسلمين والمتداولة في وسائل الإعلام ". وتذهب سعاد أبعد من ذلك بقولها إن "ثمة معركة ضد الإسلام في فرنسا ". سعاد التقيناها في قسم الشباب برفقة زميلتها كريمة، وكانت الشابتان يرتدين النقاب ولكنهما لا تلتزمان به في حياتهما اليومية، وحضرتا إلى لبورجيه بهذا الشكل "بسبب اختلاط الرجال والنساء في الملتقى". سعاد وكريمة طالبتان في مدينة تولوز، مستاءتان من كل ما يدور من حديث "سلبي" حول المسلمين، إلى درجة أن سعاد رأت في قضية مراح مؤامرة ضد الإسلام الهدف منها "إثارة الخوف لدى الفرنسيين وتسهيل إعادة انتخاب الرئيس [المنتهية ولايته] نيكولا ساركوزي".
وأشارت كريمة إلى أن فرنسا تعاني من مشاكل كثيرة، إلا أن الحديث "مركز على الإسلام والمسلمين بصورة رهيبة"، مؤكدة أنها "فرنسية مئة في المئة وأن عائلتها ولدت في فرنسا وتعيش فيها".
"المسلمون لا يعطون صورة جيدة عن دينهم"
ولكن بعض الذين حضروا إلى باريس لبورجيه لم يكن الشعور بتنامي الإقصاء والتهميش لدى المسلمين همهم الوحيد. إدريس، مثلا، أشار إلى أن المسلمين يخطئون إن اكتفوا بالحديث عن "مسؤولية غيرهم في تأزم وضعهم في فرنسا". إدريس -36 عاما- مهندس ورئيس جمعية تستعد لمشروع بناء مسجد في بوسي سان جورج، بالقرب من ديزني لاند باريس، يفتخر بأن جمعيته نالت جائزة أفضل مشروع بناء مسجد في الملتقى. وإذ أوضح أن المسجد يدخل في إطار مشروع جماعي يضم كنيسة ومعبد يهودي، وجه إدريس التهمة لمسلمي فرنسا بأنهم "قصروا في مهمتهم في تقديم وجه الإسلام الصحيح المشرف" داخل المجتمع الفرنسي.
بالنسبة إلى إدريس "الوضع صعب على جميع الفرنسيين، سواء كانوا مسلمين أم غير ذلك، وينبغي على المسلمين ترتيب أمورهم وأن يكونوا بأخلاقهم وتعاملهم في حسن ظن الآخرين". مضيفا: "علينا بالانفتاح على غيرنا"، مبررا تخوف الفرنسيين من المسلمين "كونهم لا يعرفوننا لأننا دائما نبدو منغلقين على أنفسنا". وهو ما يؤكده جمال عفوف بقوله: "المسلمون أنفسهم لا يعطون صورة جيدة عن دينهم، فكيف يدرك الآخر بأن الإسلام دين سلم ورحمة"؟
الثلاثاء أبريل 10, 2012 7:59 pm من طرف ALI