رصدت الصحيفة انتشار الفساد بين المسئولين فى مصر والذى يضع الثروة فى جيوب قلة قليلة، وقالت الصحيفة فى تقرير للكاتب المخضرم باتريك كوكبرون إنه أيا كان من سيحكم مصر، فإنه سيتعين عليه التعامل مع تركة الابتزاز فى الدولة التى يعانى التعليم والصحة فيها من حالة انهيار. فالمسئولون المصريون لن يصبحوا نزيهين أو يتمتعون بالكفاءة بين ليلة وضحاها، وربما لم تقترب بعد الأوقات السعيدة لكن الدولة البوليسية القديمة التى تعاملت مع مصر كما لو كانت بلداً محتلاً قد ولت إلى الأبد.
ومضت الصحيفة فى القول إن سخرية المصريين من جشع حكامهم لا تعرف الكثير من القيود، فمع انتشار مرض الحمى القلاعية فى البلاد، ألقى المزارعون بالمواشى النافقة خارج المبانى الحكومية احتجاجا على فشل الحكومة فى مساعدتهم. وفى القاهرة، توقف الناس عن أكل اللحوم وأصبحت متاجر الجزارين فارغة، وهؤلاء يلقون بالمسئولين السلطات ويقولون إن الحكومة روجت لمرض الحمى القلاعية حتى يستطيع المسئولون أن يجنوا الأموال من بيع السمك والدجاج. فى حين أن جزارين آخرين رجحوا أن رد الفعل الوحيد من جانب الدولة على هذه الأزمة سيكون محاولة الاستفادة منها.
وترى الصحيفة أن افتراض سوء النية فى المسئولين فى مصر مسبقا أمر واسع الانتشار، ففى إضراب سائقى النقل العام الأسبوع الماضى، قال أحدهم إن أحد أسباب عدم رغبة الدولة فى إجراء أى إصلاح هو أن مسئوليها يخشون من أن يحاسبوا على كيفية إنفاقهم لعائدات الشركة فى العقود الماضية، وأضاف أن المضربين لا يريدون فقط مزايا أفضل، لكننا نريد احتراما من رؤسائنا.
وتتابع الصحيفة: إن الفساد الرسمى لعب دورا مركزيا فى الثورات التى اكتسحت العالم العربى العام الماضى. ففى مصر، يتفاقم الخلل الوظيفى والعجز أكثر من أى مكان آخر، فعلى سبيل المثال ثلث الميزانية المصرية تنفق على الدعم، إلا أن ماجدة قنديل مدير المركز المصرى للدراسات الاقتصادية تقول إنها المصدر الأكبر لتحقيق العدالة الاجتماعية. وتشير الصحيفة إلا أن أموال الدعم المخصصة للمواد البترولية وزيت الطعام وغيره من المواد الغذائية تختفى فى جيوب "الوسطاء" فتظل أسعار الغاز مرتفعة. والخبز وعلى الرغم من رخص ثمنه إلا أنه غير صالح للأكل لأن الحكومة لا تقوم بالتفتيش على المخابز. ورغم أنه من الصعب أن يكون أى مكان أكثر فسادا من العراق، إلا أنه على الأقل يمتلك العراق 100 مليار دولار من عائدات النفط، ويمنح الجنود والمعلمين رواتب معقولة وإن كان قادتهم يسرقون.
لكن الفساد فى مصر ينتشر بسرعة فى مجالات جديدة ومربحة. فالسجائر يتم تهريبها من الخارج لتباع بأسعار زهيدة للغاية بما يكلف الدولة 633 مليون جنيه سنويا. وعلى الرغم من حظر تصدير الأرز إلا أن نصف المحصول السنوى بما يعادل 600 ألف طن يتم تهريبه خارج البلاد، والمستوردون من الخليج يقولون إنه لا يزال بإمكانهم شراء الأرز المصرى لكنه عليهم أن يتعاملوا مع رجال عصابات من أجل الحصول عليه.
وتتساءل الإندبندنت: هل يمكن أن يتم تفكيك نظام الصفقات الخاصة والمميزات والفساد أو حتى إصلاحه. هذا السؤال يذهب إلى قلب السياسة المصرية. فالمجلس الأعلى للقوات المسحة يريد أن يبقى على الامتيازات التى حصل عليها الجيش بعد تولى جمال عبد الناصر الحكم فى أعقاب ثورة يوليو عام 1952. وسيسمح له الإخوان المسلمين على الأرجح بذلك طالما أن الجيش سيفقد سيادته السياسية. وربما يحدث هذا، حيث يقول خالد فهمى أستاذ قسم التاريخ بالجماعة الأمريكية بالقاهرة إن نقطة ضعف المجلس العسكرى هو أن الجيش لا يوجد له شريك سياسى مثلما هو الحال فى الأنظمة العسكرية فى أمريكا الجنوبية حيث يتحالف الجيش مع كبار ملاك الأراضى أو كبار الرأسماليين، والجيش فى مصر فى حاجة إلى الإخوان أكثر مما يحتاج الإخوان الجيش.
السبت أبريل 07, 2012 1:53 am من طرف سحر ابرهيم