ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن المعارضة السورية تعانى انقساما حادا، حول فكرة تسليح المقاتلين السوريين المترددين حتى يتسنى لهم الدفاع عن أنفسهم فى مواجهة القمع العنيف الذى يمارسه النظام السورى فى مواجهتهم، فى الوقت الذى تستعد فيه كافة الأطراف لانعقاد اجتماع دولى خلال الأيام القادمة لمناقشة كيف يمكن مساعدة المعارضة السورية فى صراعها ضد النظام البعثى.
وأضافت الصحيفة الأمريكية أن هناك فريقا من المعارضة السورية يسعى حاليا إلى إقناع الولايات المتحدة الأمريكية أنهم قادرون على التعامل مع ما قد يثير قلاقل المجتمع الدولى حول استخدام تلك الأسلحة من قبل المتشددين الإسلاميين، وهو ما قد يساهم بشدة فى تأجيج العنف الطائفى فى سوريا.
وأوضحت "نيويورك تايمز" أن المملكة العربية السعودية، والتى ستشارك فى مؤتمر أصدقاء سوريا، والمقرر عقده فى إسطنبول، قد أعربت عن دعمها لفكرة تسليح المعارضة السورية، وهو ما أكدته بعض التقارير الصحفية حول الضغوط التى تمارسها حاليا المملكة على الأردن للسماح بدخول الأسلحة إلى قوات المعارضة عبر الحدود الأردنية السورية.
وبالرغم من أن القيادة الأردنية قد أنكروا ما ورد بتلك التقارير الصحفية، إلا أن القلق الدولى يتزايد فيما يخص الوضع فى سوريا قبل ساعات من انطلاق المؤتمر غدا الأحد، وهو ما دفع وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون لزيارة السعودية للتشاور مع المسئولين هناك قبل أن تتوجه إلى تركيا للمشاركة فى فعاليات المؤتمر الدولى.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن خبراء قد أكدوا على أن أية محاولات لتسليح المعارضة فى سوريا، خاصة من جانب السعودية، سوف تدفع نحو اشتعال التوترات الإقليمية بمنطقة الشرق الأوسط، خاصة فى ظل التحالف السورى الإيرانى من ناحية والتنافس الإقليمى بين السعودية وإيران من ناحية أخرى، والذى قد يؤدى إلى اتساع نطاق الصراع ليشمل أطرافا أخرى فى المنطقة.
أضافت الصحيفة كذلك أن الاتجاه الدولى نحو تسليح المعارضة فى سوريا سوف يفتح الباب أمام النظام السورى للاستمرار فى ممارسة القمع العنيف ضد المعارضة، بحجة التدخل الأجنبى فى الشأن السورى الداخلى.
وأضافت نيويورك تايمز أن كلا من المؤيدين والمعارضين لفكرة تسليح المعارضة السورية يتفقان على أن المعارضة المسلحة ليست متمركزة على مجموعة من الجنود المنشقين عن الجيش السورى والمتطوعين الذين يناضلون للحصول على الأسلحة، وهو ما أثار قلق بعض المؤيدين لفكرة التسليح الذين أكدوا ضرورة إنشاء خط لإمداد المعارضة السورية بالسلاح خاصة فى ظل قيام بعض الحركات الإسلامية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين بتسليح بعض الفصائل فى سوريا.
وأكد الناشط المعارض عمار قربى أنه كلما تأخر المجتمع الدولى فى إمداد المعارضين السوريين بالسلاح للدفاع عن أنفسهم فى مواجهة العنف المفرط الذى تقوده قوات النظام البعثى بصددهم، كلما زادت الفوضى فى البلاد، معربا عن انتقاده الشديد للمجلس الوطنى السورى الذى فشل فى جلب دعم دولى مناسب للمعارضة السورية، فى ظل ما تعانيه حاليا من عنف متزايد.
على جانب آخر أعرب عقيل هاشم، والذى خدم كأحد كبار مسئولى القوات المسلحة السورية، ثم مستشارا عسكريا للمجلس الوطنى السورى بعد انشقاقه عن مؤسسة الجيش، عن إحباطه الشديد نتيجة عجز المجلس الوطنى فى سوريا عن حشد كافة الجماعات المعارضة المسلحة فى سوريا لتعمل تحت رايته وإشرافه.
وأكد هاشم أن المعضلة الحقيقية التى تواجه المجلس الآن هى أن جماعة الإخوان المسلمين تعمل على عرقلة الجهود الرامية إلى تمويل المعارضة السورية، لأنها تسعى فى الأساس إلى السيطرة الكاملة على الجيش السورى الحر المناوىء لنظام الأسد، والذى تحول الى تحالف للمجموعات المسلحة وليس كقوة موحدة.
وأضاف أن الجماعة تعمل من أجل تحقيق طموحاتها فى المستقبل والسيطرة على مقاليد الأمور فى سوريا على غرار ما حدث فى كلا من مصر وتونس، مشيرا إلى الانتخابات الأخيرة التى شهدتها البلدان مؤخرا والتى وضعت تيارات الإسلام السياسى على رأس السلطة فى أعقاب الثورات التى أطاحت بالأنظمة الحاكمة هناك.
وأعرب هاشم عن دعمه الكامل لفكرة تسليح المعارضة فى سوريا وكذلك التدخل العسكرى المباشر من قبل القوى الدولية لإسقاط النظام السورى الحالى، مؤكدا تفهمه للمخاوف الغربية من تداعيات تسليح المعارضة، خاصة فى ظل احتمالات وصول تلك الأسلحة للقاعدة وغيرها من المجموعات المتشددة، موضحا فى الوقت نفسه أن الدبلوماسية قد فشلت تماما فى سوريا.
وأضاف هاشم أن المعارضة السورية سوف تبذل قصارى جهدها خلال المرحلة المقبلة من أجل أن تمنع المتشددين من الوصول الى الأسلحة بعد إسقاط بشار ونظامه.
إلا أنه على الجانب الآخر أبدى العديد من المتابعين للمشهد السورى تشككهم حول هذا الطرح، معتبرين إياه غير واقعى.
وهنا أوضح هيثم البنا – أحد قادة المعارضة فى سوريا – أن إمداد المعارضة السورية بالسلاح سوف يكون خطيرا للغاية، موضحا أن من الصعب جدا التحكم فى الأسلحة بعد ذلك.
وانتقد البنا الموقف السعودى الداعم لتسليح المعارضة السورية، معتبرا أن مثل هذا الموقف يعد غير مسئول، موضحا أن المشهد السورى لا يخلو من العديد من الجماعات السلفية المتشددة، وهو ما يهدد استقرار وأمن الدولة السورية فى المستقبل.