الاختلاف والتنوع سنة كونية من سنن المولى عز وجل التى لن تجد لها تحويلا ولن تجد لها تبديلاً وهذا التنوع والاختلاف يمتد لسائر العوالم المختلفة فى هذا الكون من الجماد والنبات والحيوان والإنسان حيث يقول جل شأنه فى كتابه الكريم : "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء ..." ـ النساء. "ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين" الروم: 22 "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين، إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم" ـ هود: 118، 119 فالإنسان الذى خلقه الله من نفس واحدة يتنوع ويختلف إلى شعوب وقبائل وأمم وأجناس وألوان، تستدعى التنوع والاختلاف فى الثقافات والحضارات والعادات والتقاليد والأعراف حتى داخل الأمة الواحدة والثقافة الواحدة. فيقول المولى سبحانه وتعالى " َ ياأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" . الحجرات 13 فهذا التنوع والاختلاف الممتد فى هذا الكون يستدعى التعارف والتحاور وليس التصادم والتنابذ الذى نجده فى الواقع الذى يبرز لنا حجم التنازع والتشاجر ورفض الآخر وإقصائه وإلغائه وتسفيه آرائه ومعتقداته فى محاولة لفرض أشكال وأطر محددة سواء في الدين او الفكر أو الثقافة او السياسة وكأننا لم نقرأ قوله تعالى لرسولنا الكريم " ولو شاء ربّك لآمن مَن في الارض كلهم جميعاً أفأنت تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين (يونس: 99). فهناك من يتصرف وكأنه يمتلك الحق المطلق الذى يعد ما دونه باطلا. يريد حرية يكون هو الوكيل الحصرى لها، يريد أن يصوغ المجتمع كله وفق أفكاره ورؤاه، يريد أن يضع شروط وحدود الحرية ...يريد حرية مفصلة وفق قناعاته ومعتقداته ولا يعرف معنى ان يكون الانسان مختلفا مع الآخرين، معنى ان يكون حرا في اختياره ، حرا في فكره ، وحرا في انتماءاته الحزبية والسياسية. فالآخر لديه دائما مشوه فمعانى الاختلاف والتعدد والتنوع التى تحدث عنها القرآن الكريم لا محل لها من الإعراب.... فالحرية لديه فى اتجاه واحد فقط.
الأحد أبريل 01, 2012 9:37 am من طرف الكنج