الـ14 من فبراير/شباط هو يوم سان- فالانتاين وعيد العشاق في العديد من البلدان، تراث خلّفه لنا الرومان. ينتهز العشاق هذه الفرصة لتبادل كلمات عذبة وهدايا عربون حب وهوى. هذا اليوم هو أيضا مناسبة لتعريف المعشوق على مدينة تدهش بروعتها، أو على منطقة تغمر بسحرها الأسطوري. والأراضي الفرنسية تعج بأماكن مدعاة للحلم بحيث يصح التكتم عنها. فهناك منطقة "لا لوار" البرية بين الشِعاب العميقة والأودية الشاسعة، ومنطقة "آردين" السرية، وكذلك جزيرة كورسيكا ذات الأضواء الساطعة، وسواحل "آرمور" المشرفة على المحيط، وغابة "بروسيلياند" الفاتنة. ولا ننسى طبعا "سارلا" رمز تراث فن الطعام، و"شامونيكس" الممتعة بالثلج والقمم، و"سان-ريمي-دي-بروفانس" المستحمة بعطر اللاوندة، وأيضا مدينة باريس رمز الرومانسية الخالدة.

لماذا تحول سان- فالانتاين، هذا القديس الشهيد من القرن الثالث إلى سيد العاشقين؟ لعله اعتقاد أوروبي يعود إلى القرون الوسطى، يمثل بداية موسم الحب عند الطيور في الـ14 من فبراير/شباط.

ارتبط سان-فالانتاين (فالانتين) في فرنسا بعاشقَي "بينيه" اللذين قاما بدورة حول العالم وأصبحا رمزا للحب الرومانسي. والرسام ريمون بينيه، مبتكر هذه المناسبة، لو كان حيّا لبلغ من العمر 100 عام في نوفمبر/تشرين الثاني 2008، وقد حظيت المناسبة بالعديد من المعارض.

سان-فالانتاين هو أيضا دعوة للسفر. فقد كتب الشاعر شارل بودلير عنه: "كل ما فيه نظام وروعة. ترف، هدوء ومتعة". وفي مجال العروض، تعج فرنسا بالعديد من الأماكن الرومانسية الملائمة تماما لرحلة عشق وسحر، نذكر وبشكل عرَضي بعضا من بين الكثير:

تقع قرية سان-ريمي-دو-بروفانس في قلب جبال الألب الجنوبية وهي واحدة من القرى الفرنسية الخلابة، تستحم بالعطور الرقيقة، وقد مثلت مناظرها وجودة أنوارها مصدر استلهام للعديد من الفنانين والكتاب والرسامين، كان من بين أشهرهم فانسان فان غوخ الذي رسم أكثر من 150 لوحة فيها. وتبقى القرية الكائنة فوق أقدم المواقع الأثرية في أوروبا، حريصة على تراثها في منظر بروفانسي نموذجي، نائية عن ضوضاء المدينة.

ترتبط غالبا أجمل الذكريات في حياة عاشقين بمناسبة إجازة أو اكتشاف آفاق جديدة، وكورسيكا أو "جزيرة الجمال" هي حقا أرض التناقضات الحقيقية، وتدرّج الألوان من الأخضر إلى الأزرق حيث تبزغ كامل تشكيلة من طبيعة محمية بين السماء والماء. انبثقت "جزيرة الروعة" من البحر الأبيض المتوسط على مسافة 200 كلم تقريبا جنوب-شرق الكوت دازور، وسحرت العديد بنعومة مناخها طوال العام.

وفي وسط فرنسا، هناك منطقة "لا لوار" البرية؛ تكمن قيمتها في حفاظها على أراضيها المصنفة كمنطقة محمية "ناتورا 2000". يمكن اكتشاف زهرها وحيوانها بين شِعاب عميقة وأودية شاسعة، سيرا على الأقدام أو على ظهر جواد، كما بوسع أي شخص أن يعيش شغفه والتمتع بقصور نهر لا لوار الأولى وبالشواطئ الرملية وبالقرى الجبلية.

ولو أردنا الإستمتاع بلحظة من السحر في شمال غرب فرنسا، فلا بد من اكتشاف غابة "بروسيلياند" إطار العديد من الخرافات من مقاطعة بريتاني بالقرب من مدينة رين، فهناك فرسان الطاولة المستديرة يجولون في هذه الغابة الأسطورية بحثا عن قصر خفي. ويمكن التعرف على طابع قرية "بامبون" التي شيدت بالقرب من حوض مرآة الجنّيات، كما على مقر ميرلان أو أيضا على آثار مطحنة الوادي "وادي اللاعودة". ومن هناك يمكن انتهاز الفرصة والقيام بنزهة رومانسية حتى شواطئ الفينيستير في أقصى الشمال الغربي من أجل رحلة إلى عرض البحر.
في مقاطعة الألزاس شمال شرق فرنسا، لا بد من زيارة مدينة كولمار الجذابة مع حيها "فينيسيا الصغيرة" التي تثير الحمية بتاريخها المجيد المطبوع بالثقافة.
وللإنطلاق في جولة حب وعشق، هناك العديد من المكاتب التي تعرض زيارة أماكن مدعاة للحلم. ثمة مكتب جديد على شبكة إنترنت مكرس للأزواج تحت شعار الحب، يعرض واحات حقيقية ليستمتع العشاق بنعومتها. من قصر "أفيان رويال ريسورت" الذي يشرف على المدينة والبحيرة، وحتى مطحنة هوتريف في منطقة بورغوني، مطحنة حقيقية تقع على مقربة من كروم العنب في جنوب شرق فرنسا، مرورا بقصر "بريندو" الذي أصبح مرجعا بالقرب من بياريتز هناك الفندق الشهير "أوتيل لا ريفيير" الكائن عند مصب نهري لوت وترويير في أفيرون، كما هناك فندقية بومري في منطقة آردين مقابل حصن غودفروا دو بويون أو أيضا مرينا دي كافو في خليج بونيفاسيو جنوب كورسيكا. تتعدد العروض وتتنوع، فهناك حوالي ثلاثين فندقا من فئة نجمتين وحتى "البالاس". تنتظر الزوار في إطار ناعم يتميز بسحره، باقة من الورد في كل غرفة مع زجاجة شمبانيا وعلبة شوكولا مصنّعة حِرفيا. إنها فرصة سانحة أيضا لتعريف الحبيب على فن الأطعمة الفرنسية التي يعرضها كبار الطهاة في جو من رفاه الدور الكبيرة.
لمفاجأة الحبيب أيضا، تعرض باريس الرومانسية دائما وأبدا أجواءها الإستثنائية، فهناك الحفلات الإستعراضية المتنوعة والغنية بعروضها الثقافية المكثفة. وفيها أماكن ساحرة تقدم عروضا لشخصين، لمدة ليلتين، مع خدمات متنوعة مثل "أوتيل دي أكاديمي و دي آرت" الكائن بجوار حديقة لكسمبور، وفندق "لو فير غالان" ملتقى الكتاب الرومانسيين بجوار البانتيون مع طاولاته ذات الطابع الباسكي، وأوتيل "جو دو بوم" الإستثنائي الحميم واللطيف أيقونة حي "إيل سان لوي". لتمضية النهار يمكن تناول الغداء في مطعم "تْران بلو" (القطار الأزرق) في محطة ليون للغوص في عالم فخم يعود إلى بداية القرن التاسع عشر. وفي ختام الرحلة تصريح بالعشق على جسر "بون نوف" أو على ضفاف نهر السين لتتحول الإقامة إلى سعادة حقيقية!

أنِّيك بيانكيني/ Annik Bianchini

موقع إنترنت: www.franceguide.com