فى مقال له بجريدة الجارديان البريطانية، أكد الكاتب عمر خان أن ليبيا قد تمكنت من التخلص من الديكتاتورية التى عاشتها خلال الاثنين والأربعين عاما الماضية إبان عهد العقيد المقتول معمر القذافى وهو ما يعنى أن الليبيين قد تمكنوا من اتخاذ خطوات مهمة للأمام، وبالتالى فإن الحادث الأخير الذى قام فيه البعض بتدنيس القبور لا يعنى أن الليبيين يسيرون إلى الوراء. وطالب الكاتب المجتمع الدولى بالنظر إلى الإيجابيات التى تحققت خلال الأشهر الماضية فى المشهد الليبى رغم وجود تحديات صعبة.
وأوضح الكاتب أن العالم قد صدم مؤخرا بالمشهد الذى رأى فيه الملايين قيام بعض الشباب الليبى فى مدينة بنى غازى باقتحام قبور البريطانيين الذين قتلوا إبان الحرب العالمية الثانية، وهو ما أدى إلى انتقاد الدولة الليبية بأكملها بعنف شديد وتحمليها مسئولية أحداث لا تعبر إلا عن مرتكبيها حتى أن بعض الدول الغربية قد أعربت عن ندمها لمساعدة من أسمتهم "المتطرفين" فى إسقاط القذافى.
وأضاف خان فى مقاله أن المجلس الانتقالى الليبى قد لاقى إدانة دولية كبيرة نظرا للانتهاكات الإنسانية التى ترتكب فى العديد من القضايا من بينها احتجاز عدد من العمال الأفارقة، إلا أن حادث بنى غازى والتى يرى البعض أنها جاءت كرد فعل لحداثة حرق المصحف فى أفغانستان، قد غيرت تصورات المجتمع الدولى عن الليبيين.
وأضاف الكاتب أن احترام حقوق الإنسان لابد أن تكون أحد الاهتمامات الدولية فيما يخص الشأن الليبى، بالإضافة إلى قضايا أخرى لابد من التركيز عليها عند الحديث عن الأوضاع فى ليبيا، ولعل أهمها انتشار الاسلحة، والفساد، والنزاعات المسلحة والممارسات غير الديموقراطية. ويرى الكاتب أن تلك الأمور قد تثير تساؤلا مهما حول قدرة المجلس الانتقالى الليبى على التعامل مع مثل هذه التحديات.
وأثار خان المشكلات السياسية التى تشهدها ليبيا حاليا بين مختلف الفصائل هناك بالإضافة إلى اتساع نظاق الجرائم، بالإضافة إلى غياب شفافية المعلومات نتيجة عدم وجود بنية إعلامية جيده، وهو ما يفتح الباب أمام انتشار الشائعات والتى ليست لها أى علاقة بالواقع، مضيفا أن ليبيا سوف تكون على موعد مع أول انتخابات بعد الإطاحة بالقذافى دون أن تكون هناك خطة واضحة معلنة فى هذا الصدد، إلا أن الكاتب عاد ليؤكد أنه بالرغم من كل التحديات سالفة الذكر، إلا أنه لا يمكن إنكار ما حققه الليبيون خلال الستة أشهر الماضية من إنجاز لم يكن يتوقعه أحد، مؤكدا أنه مازال أمامهم طريقا طويلا عليهم أن يجتازوه حتى يحققوا أهداف ثورتهم التى أطاحت بالديكتاتور الذى ظل قابعا على سدة الحكم فى البلاد لأكثر من أربعة عقود من الزمان.
وأضاف الكاتب أن تكوين جيش وطنى ليبى يعد أهم الإنجازات التى حققها الليبيون خلال الفترة الماضية، من أجل حماية الحدود الليبية، موضحا أن الأمر قد يستغرق وقتا حتى يستطيع الجيش الوطنى فى ليبيا على التعامل مع مختلف المواقف، إلا أن الخطوات التى اتخذت فى هذا الصدد تعد خطوات مهمة على الطريق الصحيح. وأضاف أن عددا كبيرا من الثوار الليبيين يذهبون بشكل يومى للخدمة فى وزارتى الدفاع والداخلية فى ليبيا.
وبالرغم من الوضع الأمنى المتردى أكد خان أن الحكومة الانتقالية فى ليبيا تعمل حاليا على التنسيق مع المجتمع المدنى فى ليبيا من أجل اجراء انتخابات حرة ونزيهة، مشيدا فى الوقت نفسه بالانتخابات المحلية التى أجريت مؤخرا فى مدينة مصراتة الليبية.
أشاد الكاتب أيضا بالمجتمع المدنى فى ليبيا والذى تصاعد دوره بشكل ملحوظ خلال الأشهر الماضية رغم غيابه الكامل خلال 42 عاما هى مدة حكم القذافى، مشيدا بالدور الذى لعبه المجتمع المدنى فى ليبيا فى الإطاحة بالنظام الليبى السابق إبان الثورة الليبية.
وفى نهاية مقاله أوضح الكاتب أنه لا ينبغى أن نحكم على الأمور من خلال تقارير اعلامية متضاربة وإنما من خلال حقائق ظاهرة على الأرض، مؤكدا أن هناك تحديات وإحباطات إلا أنه أيضا يوجد أمل فى مستقبل أفضل لليبيا والليبيين.