تمكن العلماء من إجراء تجارب مبتكرة على المادة التي تحتوي على جسيمات مضادة للمادة العادية للكون، وهو ما من شأنه أن يعزز أبحاثا استمرت عقودا من الزمن على نظريات علمية، ويقدم إجابة عن أسئلة جوهرية من قبيل تلك التي تبحث في سبب وجود الكون. وذكرت صحيفة ديلي تلغراف أن باحثين بريطانيين وزملاءهما العاملين بمختبر سيرن بسويسرا أعلنوا أنهم تمكنوا من معالجة ذرة مضادة للهيدروجين للمرة الأولى.
وكان من نتائج التجربة أن وثبت الذرات المضادة المراوغة -التي اصطادها العلماء بعد جهد جهيد الواحدة تلو الأخرى وفحصوها بموجات كهرومغناطيسية قصيرة جدا- "وثبة" بالغة الصغر.
وتعتبر التجربة -التي نشرت نتائجها مجلة "نيتشر" الطبيعة- أول تفاعل ناجح مع ذرة مضادة للمادة، وتشيع الأمل في أن يتمكن العلماء من معرفة المزيد عن خواصها.
ووفقا للنظريات العلمية فإن أي نوع من أنواع المادة بالكون وُجد بعد الانفجار العظيم يجب أن يصاحبه عدد مماثل من المادة المضادة مطابق لها في البنية، ومعاكس لها في الخواص المباشرة.
وتكمن مشكلة النظرية في أن ذرات المادة حينما تتصادم مع نظيراتها من المادة المضادة، فإن الفريقين يقضيان على بعضهما البعض في الحال، وهو ما يجعل السبب في قدرة الأشياء على الوجود بهذا الكون لغزا محيرا.
ويكمن الجواب بنظر العلماء في وجود فوارق دقيقة بين حالتي المادة، والتي جعلت المادة العادية التي تُشكل هذا الكون تفوق المادة المضادة عددا وقدرة على الاستمرار وتُبيدها.
ولأن المادة المضادة أُبيدت مباشرة بعد خلقها لاصطدامها بالمادة العادية، تعين على العلماء اصطيادها في فراغ -وهو ما استطاعوا فعله أول مرة الصيف الماضي- لكي يتمكنوا من دراستها لدقائق معدودة.
ويأمل العلماء بذلك تسليط الضوء على الاختلافات التي تجعل من وجود الكون ممكنا بالشكل الذي عليه حاليا.
وقال المتحدث باسم فريق العلماء جيفري هنغست "أثبتنا أننا قادرون على دراسة البنية الداخلية للذرة المضادة للهيدروجين، ونحن متحمسون جدا. إننا ندرك الآن أن بالإمكان إجراء تجارب لتحديد قياسات مفصلة للذرات المضادة".
وأضاف "الهيدروجين هو أكثر العناصر وفرة بالكون، ونحن نعرف بنيتها تمام المعرفة. وبمقدورنا الآن أن نشرع في استخلاص الحقيقة من الذرة المضادة للهيدروجين. فهل هي مختلفة؟ يمكننا القول بكل ثقة إن الزمن كفيل بإعطاء الجواب".
المصدر ..الجزيرة نت