نشرت الصحيفة مقالا للمؤرخ والكاتب البريطانى "تيموثى جورتون إش" عن مصر بعد مضى أكثر من عام على ثورتها، وقال إن البلاد ممزقة بين جهاز أمن الدولة الراسخ والدهاء السياسى للإسلاميين والثوريين القلقين.
ويرى الكاتب أن هناك صورتين متناقضين للثورة المصرية، والربيع العربى من ورائها، فى الأذهان الغربية. الأولى صورة جميلة لشباب الفيس بوك وتوتير والنساء الثوريات يعبرون بلغة إنجليزية ممتازة عن أهدافهم العلمانية والليبرالية. أما الصورة الثانية فهى قاتمة لرجال باللحية الإسلامية يستغلون فترة وجيزة من شبه الديمقراطية ليفرضوا "قمعهم الدينى العنيف الكاره للنساء"، على حد وصفه.
ويمضى جورتون أش قائلاً: "كما هو الحال فى كثير من الأحيان، هناك شىء من الحقيقة فى كل صورة. فهناك نساء وشباب شجعان ومشرقون واجهوا أنواعا كثيرة من التخويف سواء برصاصات الشرطة أو التحرش الجنسى، ويستحقون من الغرب الدعم الكامل والتضامن غير المحدود. وهناك بالفعل بعض "الوحوش الإسلامية"، لكن تلك الصور النمطية تفتقر إلى حقائق أكبر وأكثر أهمية.
الأولى وهى أن العقبة الأكبر والأكثر إلحاحا فى مصر أمام الحرية اليوم هى أن القوة التى تحاول بنشاط دحر الثورة ليست الإخوان المسلمين ولكن أمن الدولة الذى يهيمن عليه الجيش والذى أدار مصر على مدار 60 عاما، فالمجلس الأعلى للقوات المسلحة، هو الذى قام مؤخرا ببناء جدران خرسانية عملاقة، تذكر بحائط برلين فى أيامه الأولى، لمنع الوصول إلى التحرير والمكاتب الحكومية.
فقد أرعب هذا المجلس العلمانيين والسلفيين والمسيحيين والناس العاديين على مدار عقود. ومؤخرا قام بمحاكمة مدونين لأنهم تجرؤوا وانتقدوه. كما أنه يسيطر على أجزاء كبيرة من الاقتصاد ما بين 10 إلى 40% .
والمجلس العسكرى هو من يختلف مع البرلمان المنتخب من أجل إبقاء وزارتى الدفاع والداخلية بعيدة عن التدقيق. ورغم أنه يتلقى مساعدات عسكرية من واشنطن تقدر بـ 1.3 مليار دولار، إلا أنه قام بمحاكمة نشطاء أمريكيين فى قضية المنظمات. باختصار، لا يزال هذا المجلس هو العقبة الأكبر فى طريق مصر نحو الحرية، فى حين أن العقبة الثانية تتمثل فى الإسلاميين الذين فازوا بأغلبية فى الانتخابات البرلمانية، وإن كان هذا الأمر ليس مدهشا فى مجتمع أغلبيته من المحافظين. ويعقد جزءاً من هؤلاء الإسلاميين ممثلين فى حزب الحرية والعدالة صفقات مع المجلس العسكرى لكنهم سيحاولون فى نفس الوقت قصقصة أجنحته.