فى مقال لها نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية، أكدت أهداف سويف أن المصريين فى البداية لم يريدوا سوى الإطاحة بالرئيس السابق حسنى مبارك ونظامه، إلا أن تلك المطالب قد تنامت حتى وصلت إلى حد المطالبة بإعدامه نتيجة ما عرفه بعد سقوطه من أسرار لم يكونوا يعرفونها من قبل إبان حكمه، إلا أن المجلس العسكرى الحاكم فى الوقت نفسه يصعب عليه أن يحقق مطالب شعبه فى هذا الصدد، خاصة وأن مبارك كان قائدهم الأعلى لثلاثة عقود من الزمان.
تساءلت سويف فى مقالها هل المشهد الذى ظهر عليه مبارك، على سرير طبى، داخل قاعة المحاكمة سيكون الأخير له فى ذاكرتنا بعد أن دام على كرسى الحكم فى مصر ما يقرب من ثلاثين عاما كاملة؟
وأوضحت الكاتبة المصرية أن المصريين الذين ثاروا فى ميدان التحرير لم يسعوا أبدا إلى محاكمات مفبركة، إنما أرادوا أن تكون هناك محاكمات شاملة وهم يدركون أن مثل هذه المحاكمات قد تأخذ بعضا من الوقت، مؤكدة أنه كلما طالت المحاكمة كلما اكتشف المصريون مزيدا من التدمير المنظم الذى تم تحت إشراف مبارك إبان حكمه وهو ما يتمثل فى الفساد الذى ضرب كافة أركان الدولة المصرية و الذى وصل الى حد تلويث المياه وتهريب التراث الأثرى، إلا أنه بالرغم من كل الفساد الذى مارسه نظام مبارك فإن رئيس تلك "المافيا" يستمتع بمزايا كبيرة كالإقامة فى المركز الطبى العالمى والانتقال من وإلى قاعة محاكمته بالطائرة، وغير ذلك من المزايا التى لم يتمتع بها غيره من المتهمين، وهنا أوضحت الكاتبة أن القوات المسلحة هى من تتحمل كل هذه التكاليف الباهظة، متساءلة كيف يمكن أن يكون هذا مقبولا؟
وأضافت الكاتبة أن مثل هذا الموقف يتناقض تماما مع الموقف الوطنى الذى يتبناه المصريون لمواجهة أزمتهم الاقتصادية الطاحنة، والتى تروج لها الحكومة دائما.
وأكدت سويف أن محاكمة مبارك تحولت الآن إلى مشهد جانبى، لا يتصدر الساحة المصرية حاليا، وإنما أصبح وسيلة لإلهاء الشعب عن مشكلات حقيقية تواجه المجتمع المصرى، موضحة أن تلك المحاكمة أصبحت تهدف فى المقام الأول إلى الترويج لما يتبناه حكام مصر الحاليين من أن الجرائم التى مازالت ترتكب فى الشارع المصرى هى ليست جرائمهم هم، وإنما هى جرائم ترتكبها شبكة كاملة مازالت نشطة تابعة للنظام السابق.
وأكدت الكاتبة أن مبارك كان يجب أن يحاكم بتهمة الخيانة العظمى باعتباره قد استغل منصبة لتحقيق منافع شخصية له بدلا من تحقيق المنفعة العامة لبلاده ومواطنيها. وأبرزت كذلك علاقته الوطيدة بإسرائيل ورموز حكومتها حتى أن رئيس الوزراء الإسرائيلى قد أرثى فقدان حليف مهم بعد سقوط مبارك فى فبراير 2011.
واختتمت مقالها بأن الشعب المصرى يريد تطبيق أقسى العقوبة على مبارك وهى الإعدام، إلا أنه من الصعب على جنرالات المجلس العسكرى أن يروا قائدهم لمدة ثلاثين عاما يلاقى العقوبة التى يستحقها، وتساءلت هل سيبقى مبارك حتى يحكم عليه القاضى أحمد رفعت فى أوائل يونيو القادم، كذلك تساءلت كيف ستتعامل مصر مع أموالها بالخارج ومشكلات ديونها؟