قال توماس فريدمان الكاتب الأمريكى الشهير إن الحكومة الانتقالية فى مصر "للأسف" مصممة على إطلاق النار على قدميها الاثنين بقرارها محاكمة الـ43 ناشطا وبينهم 16 مواطنا أمريكيا يوم الأحد المقبل، بتهمة جلب أموال إلى البلاد للترويج للديمقراطية دون ترخيص، وذهب إلى أن هذا القرار يعكس إلى أى مدى لم تكتمل "الثورة" المصرية وكيف تقاتل القوات المعادية للثورة بكامل قوتها.
ومضى فريدمان يقول فى مقاله المعنون: "خطوة مصر للوراء" بصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن مصر لديها كامل الحق فى التحكم بالمنظمات الدولية التى تعمل داخل حدودها، ولكن حقيقة الأمر عندما تقدمت هذه المنظمات قبل أعوام بأوراق التسجيل فى ظل استبداد الرئيس السابق، حسنى مبارك، أبلغوا أن أوراقهم صحيحة وأن الموافقة عليها معلقة، إلا أن الأوضاع فى مصر أصبحت مختلفة الآن، وأصبحت هذه المنظمات متهمة بالعمل بدون ترخيص وسيتم تقديمها للمحاكمة.
وأضاف فريدمان أنه برغم الظروف الصعبة التى تمر بها مصر عقب الثورة بسبب انخفاض عائداتها من العملات الأجنبية، وارتفاع معدلات التضخم والبطالة، إلا أن تقديم المسئولين فى هذه المنظمات التى تعمل على تعليم الشباب كيفية مراقبة الانتخابات ومساعدة الأحزاب على الانخراط فى الحياة السياسية للمحاكمة، جاء فى مقدمة الأولويات.
وتابع أن شباب مصر لديهم جميع الحقوق، بل يستحقون أن يجدوا مدارس ومراكز تعليمية متميزة وأفضل المعاهد والمؤسسات الحكومية، وأن مصر تعانى من أمرين فى غاية الخطورة هما الفقر والأمية، وأنه بعد 30 عاما من تولى مبارك الحكم و50 مليار دولار مساعدات أمريكية خلال هذه الفترة، لا يزال 56% من النساء و33% من الذكور لا يعرفون القراءة والكتابة.
واختم الكاتب قائلا: "إن توجه الرئيس السابق وأنصاره كشف عن أسباب تأخر مصر عن كوريا الجنوبية وتايوان وماليزيا والبرازيل والهند والصين، حيث كان اتجاهه يبحث عن الكرامة والتقدم فى أماكن خطأ بدلا من البحث عنها فى بناء قدرات شباب مصر ورعايتهم".
الإسرائيليون منقسمون بشأن الترحيب بسقوط الأسد والخوف من عواقب الفوضى فى سوريا
كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية النقاب عن تباين فى الرؤى بين الأوساط الإسرائيلية التى تراقب تطورات المواجهات الدامية فى سوريا بين نظام الرئيس بشار الأسد والمتظاهرين المناوئين له.
وأوضحت الصحيفة أن الداخل الإسرائيلى يشهد انقساما بين مرحب بفكرة سقوط نظام الأسد لما تحمله من دلالات لضربة موجعة تتلقاها إيران على إثر ذلك، فيما يخشى آخرون من أنه فى ظل غياب سلطة مركزية ستتحول سوريا إلى معقل للفوضى والإرهابيين على حدودها الشمالية - الشرقية مع إسرائيل.
وأضافت بعد مرور قرابة العام من عمر الثورة فى سوريا، لم يختلف الرأى السائد فى إسرائيل اليوم عن ذى قبل وهو ضرورة رحيل نظام الأسد نظرا لأنه يمثل "الدعامة الأساسية" لشبكة القوى الإيرانية الإقليمية المناهضة للدولة الإسرائيلية والتى تضم كلا من جماعة حزب الله فى لبنان وحركتى حماس والجهاد الإسلامى فى فلسطين.
وأشارت الصحيفة فى هذا الصدد إلى ما جاء على لسان وزير المخابرات الإسرائيلى دان مريدور أمس أول الاثنين حين قال: "إن إيران تعول كثيرا على محاولاتها لضمان بقاء نظام الأسد فى سدة الحكم فى بلاده، مشيرا إلى أنه فى حال تم كسر التحالف بين كل من إيران وسوريا وحزب الله فذلك من شأنه أن يؤتى ثمارا إيجابية".
من ناحية أخرى، رجح بعض المحللين فى الحكومة الإسرائيلية وجهاز المخابرات الإسرائيلى "الموساد" - حسبما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" - أن الصراع الدائر سيفضى فى نهاية الأمر إلى حالة من الفوضى العارمة، معولين فى ذلك على أربعة اعتبارات هامة يتمثل أولهما فيما رآه المحللون الولاء الذى تبديه القوات الأمنية فى سوريا لنظام الأسد وانعدام المؤشرات حول إمكانية تغيير موقفهم هذا فى القريب العاجل إلى جانب المعونات الاقتصادية السخية التى لا تزال طهران ترسلها والتى تساعد النظام على المضى قدما فضلا عن أن مشاركة السوريين فى كبرى المدن السورية مثل العاصمة دمشق ومدينة حلب فى التظاهرات لم تصل للنسبة المرجوة بعد، وأن أفاق تدخل أمريكى أو أوروبى عسكرى فى سوريا تكاد تكون معدومة تماما.
ولفتت الصحيفة إلى أنه وفقا للمعطيات السابقة، تعترى بعض المسئولين الإسرائيليين والمحللين الاستخباراتيين مخاوف حيال تنامى وجود تنظيم القاعدة فى سوريا وإمكانية أن تقع ترسانة سوريا من الأسلحة فى نهاية المطاف فى يد عناصر من حزب الله وجماعات أخرى مناهضة للكيان الإسرائيلى، مشيرة إلى ما قاله وزير الدفاع الإسرائيلى أيهود باراك فى كلمته أمام المؤتمر السنوى حول الأمن الإسرائيلى "هرتزيليا" المنعقد منذ ثلاثة أسابيع "ما نراقبه على وجه التحديد هو إمكانية وصول أسلحة متطورة إلى جماعة حزب الله".
وحذرت الصحيفة الأمريكية، فى ختام تعليقها، أنه فى حال حدث ذلك ستبادر إسرائيل من جانبها بضرب القافلة التى تحمل تلك الأسلحة فى تحرك قد يثير استفزاز حكومة الأسد ليشعل فتيل اشتباك مباشر مع إسرائيل، ومن ثم تحويل الأنظار بعيدا عن النزعات الداخلية فى سوريا وفقا لما قاله الخبراء.