قالت الصحيفة إنه على الرغم من أن الغضب الأمريكى من مصر بسبب اعتقالها 43 من العاملين بالمنظمات غير الحكومية وبينهم 16 أمريكيين على الأقل، مفهوم ومستحق، إلا أنه يكشف عن مفارقة غير معترف بها وهى أن الولايات المتحدة لم تكن أبدا للتسامح مع منظمات تعمل على بناء الديمقراطية فى أراضيها.
وتوضح الصحيفة أنه على الرغم من النوايا الحسنة للمنظمات الأمريكية العاملة فى مصر كالمعهدين الجمهورى والديمقراطى، إلا أن هذه المنظمات تقوم بعمل لم يكن ممكنا أن تتسامح معه أبدا الولايات المتحدة أو دول أوروبا الغربية، فالدعم الأجنبى للأحزاب السياسية والحملات الانتخابية يمكن أن يغضب ملايين الأمريكيين.
وترى الصحيفة أن المسئولين فى مصر تعاملوا فى قضية منظمات المجتع المدنى بشكل محتشم، فألمحوا فى البداية إلى أن إغلاق المنظمات مجرد سوء تفاهم ورفضوا منذ هذا الحين منحهم الإذن القانونى للعمل ودبروا حملة هجوم إعلامية ضدهم.
وتحدثت الصحيفة عن رودود الفعل فى أمريكا عندما أثيرت احتمالات تمويل أجنبى، وقالت إنه فى عام 1996، دارت شائعات عن أن السلطات الصينية تمول سراً اللجنة الوطنية الديمقراطية، وهو ما أثار ضجة على المستوى الوطنى فى أمريكا وبلغت ذروتها بسلسلة تحقيقات أجراها الكونجرس وإدانة 22 بالتزوير. وفى عام 2003 عندما طفت على السطح معلومات أن سويديين وكنديين يساهمون بالأموال فى حملة منظمة "موف إن" تم اتهام أجانب بالتخطيط لتقويض إعادة انتخاب جورج بوش، الرئيس الأمريكى السابق. وفى غضون أيام، قامت المنظمة المذكورة بخطوات لمنع الساهمات الأجنبية.
وتلفت ساينس مونيتور إلى أن بعض الدول الديمقراطية لديها قوانين تمنع الأجانب من تقديم تبرعات مادية للأحزاب السياسية فى الداخل نظرا لقدرتها على التأثير على إرادة الناس، ومن ثم فإن مثل هذه التبرعات يعتقد أن تتعارض مع العملية الديمقراطية.
لكن الصحيفة تعود لتقول إن كل ما سبق لا يقدم عذرا للسلطات المصرية فيما فعلته مع منظمات المجتمع المدنى ولا تزال تفعله والذى يعد خطأ. إلا أن واشنطن لا ينبغى أن تتفاجأ. فالمعاهد الحزبية، كالمعهدين الوطنى والديمقراطى وباعتبارها أدوات للسياسة الخارجية لا تعنى فقط بتعزيز الديقراطية ولكن أيضا بتعزيز المصالح الأجنبية، وهو ما يجب أن يثير تساؤلات فى كل مكان.