يحتفل متحف أورسي بـ 25 عاماً على تدشينه. وعشية هذه الذكرى كان لابد من تغييره بشكل تام. فلقد طالت التغييرات المهمة مساحة وأضواء فضاءات المعارض. وبالإجمال، وكانت سنتان من الأشغال ضروريتين.
أصبح تحديث المتحف لا غنى عنه بسبب الارتياد المتزايد لمجموعات المنتخبات الفنية، وضرورة إقامة أفضل توزيع لتدفق الزوار الذين يبلغون أكثر من 3 ملايين سنوياً. إذاً كان يجب إيجاد السلاسة والتناسق المطلوب. وإن أهمية الأشغال المنجزة أدت إلى إمكان التفكر الذي لا بد منه حول عرض الآثار الفنية في مجملها، ومنطق سير الزوار.
فمجرى السير يستند لاسيما إلى الفصل الأكثر وضوحاً بين الانطباعيين وما بعد الانطباعيين. كان هدف أشغال التحديث لاسيما عرض آخر تقدم في تاريخ الفن، واقتراح صِلات مشتركة مستحدثة، وإضفاء أصوات متعددة على المتحف بين التيارات والتقنيات والفنون المتنوعة التي كانت في قلب رسالتها الأولى. والأمر يعني أيضاً تعزيز الحوار بين الرسم والنحت، من خلال إعطاء مكانة كاملة للفنون التخطيطية بتناسق مع كل مجموعات المتحف. وحررت "صالة الأعمدة" القديمة، التي فُككت بالكامل، خشبة للمسرح تقدر مساحتها بنحو 500 متر مربع يمكن أن تحتضن من الآن فصاعداً معرضين أو ثلاثة من الحجم الوسط سنوياً. ولقد أُعِدت على جانبي هذه الصالة الكبرى مساحات أكثر حميمية، مؤاتية لتقديم مجموعة من أعمال الفن التخطيطي التابعة للمتحف أو مخصصة لتوسيع نطاق المعارض المؤقتة.
الإضاءة المتقدمة
إن واحدة من الابتكارات الرئيسية في عرض الأعمال الفنية، هي تثبيت إضاءة من آخر طراز، تستنسخ إلى حد كبير من الإتقان الإضاءة الطبيعية لكن بشكل توجيهي. وتسمح النتيجة بتقدير غنى اللون في هذه الأعمال الفنية على نحو مستحدث كلياً. وهذا يسمح بإعادة اكتشاف الأعمال الفنية كما هو الحال عندما ظهرت تصفيفات شعر فتيات مدينة آرل لفان غوغ في صالة الرقص زرقاء غامقة، في حين كان يُظن بأنها سوداء. عموماً بالنسبة للإنطباعية، الوقع خاطف للبصر لحظة كشف الألوان.
التخلي عن الأبيض
يقتل الأبيض أي فن للرسم، بعيداً عن فن القرن العشرين والمعاصر. وعندما يتم وضع لوحة أكاديمية أو إنطباعية على خلفية بيضاء، فان إشعاع الأبيض، وهالته غير المحددة حول العمل الفني تمنع كشف التباينات. تدريجياً، استعاد متحف أورسي، منذ 2008، مبدأ الجدار الملون عبر اختبار صبغات عديدة. إذ تتطلب لوحة لكوربيه أو مونيه خلفيات أخرى غير الرسم الانطباعي،هي أكثر وضوحاً وسرعة. إلى ذلك، تستعيد الإطارات المذهبة لاسيما الإطارات الخاصة بلون البهو، وظيفتها البصرية والإعتبارية على أرضية من الألوان. وتخضع القاعات الجديدة، إذاً، لهذا الانحياز الجديد الذي يجلب الدفء والأناقة لصالات اللوحات الفنية.
مساحات جديدة
وأوكلت إعادة ترتيب "بافيون آمون" البالغ 2000 متر مربع إلى المهندس المعماري دومينيك برارد وفريقه العامل في "أتولييه دو ليل". ويندرج في برنامج إعادة تنقيح شاملة لمساحات المتحف الهندسية التي يقودها متحف أورسي حيث ان أهدافه الرئيسية هي التنظيم العملي والسلاسة في الزيارات. وهكذا فإنه أعيد حجم وبنية كل طبقة بغية تبسيط المساحات المعقدة وتحويلها إلى صالات حقيقية للعرض. ولقد تم تصميم المشروع عبر دمج ومزاوجة العديد من العناصر: تكبير مساحات الأرضية، وخطوط سير عمودية جديدة وسهلة مرئية وذات أحجام أفضل (السلم والمصعد)، وزيادة الإضاءة الطبيعية والمضبوطة (مناور أرضية كبيرة) وصالات المتحف ذات القياسات البسيطة في خدمة الآثار الفنية المعروضة، والمضاءة بشكل جيد، وفي جو واضح اللون. ولقد أوكلت إعادة ترتيب صالات الطبقة الخامسة التي تبلغ أكثر من 2000 متر مربع إلى وكالة فيلموت وشركاه. وهي تتعلق بإعادة تنظيم "صالة الأعمدة" القديمة، وإعادة ترتيب الغاليري الانطباعية، والمكاتب الملاصقة المخصصة لفنون الرسم، وكذلك لتجديد غاليري فرنسواز كاشان التي تضم أيضاً سطح الطبقة الوسيطة وغاليري الفن الرمزي. إن الأصباغ الغامقة والداكنة التي تظلل متكأ اللوحات، وكذلك إقامة أرضية، تنفح جواً مؤاتياً لاكتشاف الدقائق الملونة لأعمال الفن الانطباعي. وأعاد المهندس وفريقه النظر في تثبيت الأضواء بغية إدخال إضاءة اصطناعية تتحرك، بحسب ضوء النهار، فضلاً عن إضاءة طبيعية مصفاة في غالبية المساحات.
أخيراً، أعاد البرازيليان فرنندو وأومبرتو كامبانا تصميم "كافيه دولورلوج" (مقهى الساعة) بالكامل حيث أن بعض أعمالهما ،التي يقدرها جداً هواة المجموعات الفنية، حلًّ في متحف الفن الحديث في نيويورك. لم يبق اليوم في "مقهى الساعة" من أثاثات الراحة البورجوازية البالية في الحانات الباريسية: فلا مخمل أحمر ولا خشب أكاجو، ولا مقابض نحاسية. إذ فضل المهندسان الرقائق المعدنية ولمعات الأكليريك وشرائح من الألومينيوم الذهبي.
دلفين باري