سيطرت تطورات الوضع السوري المتسارعة على غالبية تعليقات الصحف الألمانية والأوروبية هذا الأسبوع. واهتمت صحيفة فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ بالمبادرة الأخيرة التي طرحتها الجامعة العربية على سلطات دمشق.
سيطرت تطورات الوضع السوري المتسارعة على غالبية تعليقات الصحف الألمانية والأوروبية هذا الأسبوع. واهتمت صحيفة فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ بالمبادرة الأخيرة التي طرحتها الجامعة العربية على سلطات دمشق، وكتبت تقول:
" دمشق رفضت مبادرة الجامعة العربية الجديدة بسرعة واصفة إياها " تدخلا في الشؤون الداخلية". وكان وزراء الخارجية العرب قد حثوا الرئيس الأسد على تشكيل حكومة وحدة وطنية بمشاركة المعارضة ـ طبقا للنموذج اليمني. إنه من الملفت أن تصعد الجامعة العربية التي ساهمت بفاعلية في إسقاط نظام القذافي الآن أسلوب تعاملها مع أحد أعضائها المؤسسين. وهي بدون شك لا تملك الوسائل لفرض طلباتها، كما أن فكرة إرسال قوة تدخل عربية لا تجد تأييدا كبيرا. وهو الأمر الذي تنتقده المعارضة أيضا علما أنها لا تتوقع شيئا من قرار تمديد مهلة عمل بعثة المراقبة لأربعة أسابيع إضافية".
صحيفة زود دويتشه تسايتونغ سلطت الضوء على الموقف الروسي تجاه ما يحدث في سوريا، وأشارت إلى أنه في الوقت الذي شدد فيه الاتحاد الأوروبي عقوباته ضد سوريا، أبرمت موسكو صفقة لبيع دمشق طائرات عسكرية بقيمة 550 مليون دولار، وكتبت تقول:
" موسكو لا تريد مساندة قرارات تهدد سوريا باستخدام القوة العسكرية. والسياسة الروسية في الشرق الأدنى لها أيضا في داخل الوطن منتقدون. "الاتفاقية الأخيرة مع سوريا جد خطيرة"، كما نقلت صحيفة كومرسانت عن مدير مركز الدراسات الإستراتيجية رسلان بوخوف. " بالنظر إلى الوضع غير المستقر في سوريا وضغط الولايات المتحدة الأمريكية يصعب التنبؤ بما سيحدث". فإذا واصلت روسيا المراهنة على الرئيس السوري بشار الأسد، الذي قد يتم إسقاطه لاحقا، فإن موسكو قد تواجه نفس الحالة التي عايشتها مع ليبيا. فبعد تغير الحكم في طرابلس، تم إبعاد روسيا من الصفقات التجارية، لتخسر، حسب تقارير إعلامية روسية نحو أربعة مليارات دولار. وإذا حصل هذا مجددا في سوريا، فإن روسيا لن تجد نفسها مجددا خالية الوفاض فقط، كما يقول بوخوف، بل قد تخسر أيضا جزءا من سمعتها".
صحيفة تاغستسايتونغ كتبت تحت عنوان " الأسد لا يريد التخلي عن السلطة" :
" بإصدار قرارها يوم الأحد تكون الجامعة العربية قد صعدت من لهجتها تجاه الأسد. لكن نقطة الضعف الكبيرة هي فرض تطبيق المطالب الجديدة. النظام السوري لم ينفذ الطلبات السابقة. فمنذ بدء مهمة البعثة ُقتل، حسب معلومات نشطاء سوريين نحو ألف شخص في مواجهات بين معارضي النظام وجهاز الأمن. كما ينطوي بيان الجامعة على إمكانية الاستعانة بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لفرض تطبيق المطالب الجديدة. وتعلن الجامعة في الوقت نفسه معارضتها لتدخل عسكري".
وأمام آخر التطورات الجوهرية التي تشهدها الساحة السورية، مثل انسحاب دول الخليج من بعثة المراقبين العرب، لاحظت الصحيفة، وكتبت:
" مع رفض المبادرة العربية من جانب الحكومة السورية والمعارضة، إضافة إلى تصدع التوافق العربي بشأن التحرك المستقبلي، يجد العمل الدبلوماسي نفسه أمام فشل ذريع. فالمبادرات العربية الفردية، مثل تلك التي تقدم بها أمير قطر الذي أثار مؤخرا فكرة تدخل عسكري عربي ُيستبعد أن تجد حاليا التأييد. أما المعارضة السورية فلا يحق لها أن تفرح بالفشل في القاهرة، ومن تم تعليق الآمال على التدويل، لأن في هذه الحالة لا يمكن أن يعول مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على مساندة عربية موحدة. وفشل الجامعة العربية سيعترض سبيل كل من يريد التدخل سياسيا أو عسكريا في سوريا كمشكلة كبيرة، لأنه بدون شرعية إقليمية لن يجرؤ أحد على وضع رجله في حقل الألغام السوري. وعلى هذا الأساس ستبقى الأمور في مرحلة أولى عند حد إجراءات عقابية مثل تلك التي قررها الاتحاد الأوروبي الاثنين ضد 22 شخصية مقربة من القيادة السورية، إضافة إلى ثمان شركات".
صحيفة دير ستاندارد النمساوية الصادرة بفيينا كتبت عقب إقرار الجامعة العربية تمديد مهلة بعثة مراقبيها في سوريا:
" ما تتطلع إليه الجامعة العربية من خلال تمديد مهلة مهمة المراقبين، والتفرج شهرا إضافيا على المذبحة في سوريا جلي : الوقت والتأجيل. فالجامعة تشهد مرة أخرى انقساما قويا، وهي عاجزة عن اتخاذ قرار حقيقي... عائلة الأسد لن تستسلم، ستستمر إلى حين تدمير سوريا بالكامل. فالبلاد آخذة في الانزلاق نحو حرب أهلية، في الوقت الذي لا تخضع فيه الميليشيات المناوئة للنظام لأية مراقبة، بما في ذلك مراقبة المعارضة السورية الرسمية. فالإمكانية الوحيدة المتاحة لوقف الجنون هي رحيل النظام بناء على حل تفاوضي. وهل ذلك منصف؟ لا، لكن إنقاذ سوريا يجب أن يكون في المقدمة".