الموضوع الأساسي هذا الأسبوع في تعليقات الصحف الألمانية هو الملف السوري عقب الفيتو المزدوج لروسيا والصين في مجلس الأمن الدولي ضد قرار يدين القمع في سوريا. وقوبلت الدولتان بإدانة واسعة تحملهما مسؤولية استمرار القتل.
صحيفة برلينر تسايتونغ سلطت الضوء على فشل مجلس الأمن الدولي في الدفاع عن حقوق الإنسان التي ُتنتهك في سوريا من قبل نظام الرئيس بشار الأسد. واعتبرت أن استخدام روسيا والصين لحق الفيتو ضد قرار يدين العنف في سوريا مسرحية مأساوية، وكتبت تقول:
"عار في الحقيقة على المجتمع الدولي الذي لم يتوحد في توجيه رسالة واضحة للأسد وزبانيته. كان من الواجب أن تكون رسالة تدين بوضوح تحرك الحاكم بعنف ضد منتفضين، ويأمر برجم مدن كاملة بالمدفعية، ويبيح إزهاق أرواح آلاف المدنيين. وجب أن تكون رسالة تطالب بوقف العنف. إنه لمن العار أن تفشل الدبلوماسية الدولية في لحظة الاختبار هذا الفشل الذريع. لكن أسباب هذا الفشل لا يمكن البحث عنها فقط في موسكو وبكين. فالعالم الغربي نفسه يتحمل هو الآخر مسؤولية ليست بالهينة في ذلك الفشل بنيويورك. فالغرب لم يطور بعد مرور 13 شهرا على انطلاق ما يحلو تسميته الربيع العربي إستراتيجية تمكنه من التعامل كما ينبغي مع التحولات الحاصلة في شمال إفريقيا والعالم العربي. وهذا ما يستوجبه الفهم البديهي، إضافة إلى رأي عام حساس وأقل استعدادا على ما يبدو في إطار مراعاة السياسة الواقعية لقبول التعامل مع ديكتاتوريين عنيفين في العالم".
صحيفة فيلت أم زونتاغ الصادرة في برلين اهتمت بدور سوريا وإيران في العالم العربي، وكتبت تقول:
"في سوريا يواصل نظام بشار الأسد حملته ضد السكان المدنيين. والقضية لم تعد منذ مدة متعلقة بتحرير البلاد من طغيان بشع. فإذا سقط الأسد، خسرت جمهورية إيران الإسلامية موقع قدمها في العالم العربي. ولا عجب أن تقدم عناصر من الحرس الجمهوري الإيراني يد المساعدة للدكتاتور في الذبح والتعذيب. لقد سبقه النظام الإيراني عام 2009 في تبيان كيفية خنق انتفاضة شعبية بقمع أعمى".
صحيفة برلينر تسايتونغ أثارت الحديث عن قيام سلطات الأمن الألمانية بإلقاء القبض على عميلين يشتبه أنهما يعملان للمخابرات السورية مجندين للتجسس على المعارضة السورية في ألمانيا، وكتبت تقول:
"بإلقاء القبض على عميلين سريين صعدت الحكومة الألمانية الثلاثاء الضغط على النظام السوري. فشرطة برلين اعتقلت ألمانيا من أصل لبناني يبلغ من العمر 47 عاما، إضافة إلى سوري في الـ 34 من عمره بشبهة العمل منذ مدة طويلة وبصفة منهجية بتفويض من الدكتاتور على التجسس على معارضين سوريين داخل الجمهورية الاتحادية. وقد استدعى وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله السفير السوري. أما المدعي العام هارالد رانغه فقد أمر بتفتيش شقتي سكن المعتقلين، إضافة إلى مقرات سكن ستة مساعدين للثنائي في برلين. ويبدو أن العملاء المشتبه بهم كانوا منذ مدة تحت مراقبة شرطة حماية الدستور المكلفة بمكافحة التجسس. وعلى ما يبدو أصبح الآن ضروريا من الناحية السياسية اعتقال هؤلاء الرجال".
صحيفة دير تاغسشبيغل البرلينية اعتبرت في تعليقها على إخفاق مجلس الأمن في إصدار قرار واضح يدين آلة القتل والقهر في سوريا أن روسيا والصين لا تباليان البتة بتطلع الشعوب العربية لنيل الحرية، وكتبت تقول:
"الضغط الدولي على دمشق انهار هذه المرة. وصادرات الأسلحة من روسيا ستتواصل دون عائق، وعين الصين مصوبة على نفط سوريا، والمراقبون العرب المزعجون انصرفوا، والصحفيون لا تدخل منهم إلا القلة البلاد. نظام الأسد يتلقى ترخيصا مفتوحا لتصفية الحسابات بدون تردد ولا شهود عيان. ومجزرة حمص ليست سوى البداية. لكن الرئيس الأسد لن ينجح أبدا في إعادة سوريا إلى حياة مدنية راقية. هو وعصابته الذين يقتلون عشرات الآلاف ويعذبونهم ويسجنوهم ليس لهم مستقبل ـ كيفما كان حجم المساعدة بالأسلحة والدعم الدبلوماسي من موسكو وبكين".
صحيفة تاغستسايتونغ اهتمت هي الأخرى بموقف روسيا والصين المساند للنظام السوري داخل مجلس الأمن، واعتبرت أن موسكو وبكين قدمتا كل شيء لمنع حل سياسي يوقف إراقة الدماء في سوريا، وكتبت تقول:
"سيحصل الآن في سوريا تحديدا ما ادعت منعه القوتان الكبيرتان روسيا والصين باستخدام حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي: تصعيد المواجهات العسكرية في كافة أرجاء البلاد. وُيضاف إلى ذلك تدخل خفي، لكن مستمر لعدد من القوى الأجنبية في الصراع السوري على السلطة. حجم الحرب الأهلية وسفك الدماء المهدد في الأفق في سوريا سيؤجج الغضب ضد روسيا والصين على مستوى العالم، وبحق. موقف حكومتي موسكو وبكين يمثل سخرية تجاه مجلس الأمن، وهو عار على المجتمع الدولي الذي جعل في هذا القرن الواحد والعشرين من احترام حقوق الإنسان والحياة شعارا على أعلامه السياسية".