شارك آلاف الألمان والأجانب واللاجئين في مظاهرات ووقفات احتجاجية جرت أمس الأحد في ثلاثين مدينة ألمانية، بمناسبة مرور عام على اكتشاف ضلوع منظمة الأساس القومي الاشتراكي اليمينية المتطرفة في جرائم قتل وتفجيرات ضد أتراك وأجانب وسطو على البنوك وقعت بين عامي 2000 و2007.
وفي أكبر هذه الفعاليات شارك نحو أربعة آلاف في مظاهرة بالعاصمة الألمانية برلين انطلقت من أمام مخيم لطالبي اللجوء بحي كرويتسبرغ الشعبي ذي الأكثرية التركية، إلى مقر شرطة مكافحة الإجرام ومركز مكافحة الإرهاب، للتعبير عن التضامن مع أسر ضحايا المنظمة النازية السرية والمطالبة بكشف الحقائق المتعلقة بجرائمها، واتخاذ إجرات فعّالة لمكافحة انتشار العنصرية والتمييز.
وأطلق على منظمة الأساس القومي الاشتراكي اسم خلية تسيفكاو نسبة إلى مدينة تحمل الاسم نفسه في شرق ألمانيا. واكتشفت الشرطة يوم 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2011 جرائم المنظمة بعد انتحار اثنين من أعضائها بتفجير منزلهما، واستسلام عضوة أخرى عقب فشل محاولة للسطو على بنك في المدينة.
ووجهت النيابة العامة الألمانية لهذه المنظمة المتطرفة تهما بالضلوع في جرائم قتل ثمانية رجال أعمال أتراك ومواطن يوناني وشرطية ألمانية بالرصاص، وتنفيذ هجومين بقنابل المسامير أصيب فيهما عشرات الأتراك واليهود في مدينتي دوسلدورف وكولونيا، والسطو على 14 بنكا في عموم البلاد بين عامين 2000 و2007.
تحميل مسؤولية
وحملت مظاهرة برلين عنوان "المشكلة اسمها عنصرية"، ودعت إليها منظمات يسارية واتحادات حقوقية وجمعيات مناهضة للعنصرية. وحمل المشاركون لافتات تطالب بحل هيئة حماية الدستور (جهاز أمن الدولة)، وتعبر عن التضامن مع ذوي ضحايا "الإرهاب اليميني" وتدعو إلى إيقاف عمليات ترحيل طالبي اللجوء.
واعتبر متحدثون في كلمات ألقيت أمام مركز مكافحة الإرهاب أن الدولة الألمانية تتحمل مسؤولية تجاه جرائم خلية تسيفكاو، واتهموا السياسيين ووسائل الإعلام بالمشاركة في تهييج الأجواء ضد الأجانب والمسلمين.
وطالب ممثل لجمعية تركية باعتراف رسمي بتفشي العنصرية في المجتمع، وحذرت ناشطة يسارية من خطورة التعامل مع الإسلام والمنتمين إليه كمهدد أمني، ودعت إلى مواجهة مظاهر التمييز المجتمعي والوظيفي ضد المسلمات، وذكّرت بجريمة قتل الصيدلانية المصرية مروة الشربيني طعنا بسكين متطرف يميني في محكمة دريسدن مطلع يوليو/تموز 2009.
أهداف المظاهرة
ووفقا لعضو "اتحاد ضد العنصرية" المنظم للمظاهرة دينس يلماز، فإن أهدافها تتضمن المطالبة بتقديم معلومات رسمية شفافة عن جرائم منظمة الأساس القومي الاشتراكي، وكيفية تحرك أعضاء الخلية وممارستهم لجرائمهم في الخفاء لأكثر من عشرة أعوام دون تنبه الأجهزة الأمنية، وعرض الحقيقة عما أثير عن دور لهيئة حماية الدستور في مساعدة أفراد هذه الخلية وفي إتلاف ملفات الخلية لدى الهيئة بعد اكتشاف جرائمها.
وأوضح يلماز للجزيرة نت أن المظاهرة تهدف أيضا إلى المطالبة بالتصدي لمظاهر العنصرية اليومية في المجتمع وفي المؤسسات الرسمية، وإيقاف ترحيل الأجانب وإقرار حقوق ومشاركة متساوية لكل من يعيش في البلاد.
وكان البرلمان الألماني (بوندستاغ) والبرلمانات المحلية بولايات بافاريا وتورينغين وسكسونيا قد شكلوا لجان تحقيق خاصة لكشف جرائم منظمة الأساس. وتزامن مرور عام على هذا الكشف مع تصاعد المطالبات من الأحزاب السياسية ومن المجلس المركزي لليهود في ألمانيا بحظر الحزب القومي الألماني اليميني المتطرف.
ومن المقرر أن يعقد وزير الداخلية الألماني هانز بيتر فريدريش يوم 5 ديسمبر/كانون الأول القادم اجتماعا مع وزراء داخلية الولايات الست عشرة لبحث إمكانية التقدم بطلب إلى المحكمة الدستورية العليا لحظر الحزب القومي. وينتظر أن تعقد المستشارة أنجيلا ميركل في اليوم التالي اجتماعا لبحث الأمر نفسه مع رؤساء الحكومات المحلية في الولايات.