تثبت ألمانيا يوماً بعد يوم قدرتها على المحافظة على مكانتها كوجهة سياحية عالمية وتعزيزها باستمرار. فعلى مدى السنوات الماضية، لوحظ في هذا البلد تزايد مستمر في عدد الزوار من الخارج، حيث بلغ عدد ليالي المبيت من قبل المسافرين الدوليين ولأول مرة رقماً قياسياً تعدى حاجز الـ60 مليون ليلة في عام 2010. كما باتت صناعة السياحة الألمانية تحوز على الإعجاب العالمي، وبدى هذا واضحاً من خلال النجاح الذي حققه سوق السفر الألماني (جي تي إم) الذي أقيم في شهر مايو 2011 في مدينة كولونيا.
نجاح منقطع النظير
كثيرة هي المدن الألمانية التي يُنظر إليها كوجهات سياحية جديرة بالزيارة. ولكن مدينة كولونيا تتفرد بذوق خاص يجمع بين طبيعتها كمدينة كبيرة نابضة بالحياة وبين أزقتها الرومانسية الحميمة. فهذا المشهد الثقافي والفني المتنوع وذي الصبغة العالمية الذي تتصف به المدينة، قلما تجده في مدينة أخرى. يضاف إلى ذلك أن الموقع المركزي لكولونيا، التي تعد مدينة المعارض الدولية المتخصصة، يخدم النشاط التجاري والصناعي، لاسيما وأنها تعتبر أحد محاور النقل الرئيسية في منطقة أوروبا الغربية. كما تتمتع المدينة ببنية تحتية من الدرجة الأولى وتوفر قاعات متعددة الاستخدامات تحتوي على أفضل التجهيزات. ولقد شهدت مدينة المعارض الدولية المتخصصة هذه في شهر مايو 2011 فعاليات الدورة السابعة والثلاثين من معرض سوق السفر الألماني (جي تي إم) التي وُصفت بالناجحة. وقد شهد هذا الحدث الأبرز لمبيعات صناعة السياحة الألمانية حضور أكثر من 600 مشارك يمثلون 40 بلداً، بما في ذلك 162 وكيل سفر عالمي ومزود للخدمات السياحية. وقد قام أكثر من 100 صحفي دولي بتغطية جوانب سوق السفر الألماني (جي تي إم)
وتشير بيترا هيدورفر، رئيسة مجلس إدارة المجلس الوطني الألماني للسياحة إلى أن "مستوى الإهتمام من أوساط منظمي الرحلات ووكلاء السفر في مختلف أنحاء العالم لا يزال مرتفعاً". وتقول: "بعد النتائج القياسية التي تحققت في عام 2010، تدل جميع المؤشرات في عام 2011 على أن شعار "ألمانيا البلد الذي يقصد للسفر" لا يزال يحظى بشعبية واسعة لدى جمهور المسافرين القادمين من جميع أنحاء العالم".
وبإستخدام أداة تواصل عبر شبكة الإنترنت، قام بالفعل مزوّدو الخدمات الألمان والمشترين الدوليين بحجز أكثر من 13,000 إجتماع وذلك قبيل بدء فعاليات الدورة السابعة والثلاثين من معرض سوق السفر الألماني (جي تي إم). في حين سجل موقع المجلس الوطني الألماني على شبكة الإنترنت أكثر من 45,000 رسالة تم تبادلها بين العارضين والمشترين في الفترة التي سبقت إنطلاق أكبر سوق تجاري للسياحة الوافدة. ويعكس هذا الرقم أيضاً الإهتمام المتزايد الذي تُبديه صناعة السياحة العالمية بالخدمات والمنتجات الألمانية ذات العلاق
ارتفاع في عدد ليالي المبيت
وتمتلك صناعة السياحة الألمانية دافع جديد في الوقت الذي تتأهب فيه لاستقبال موسم السفر الرئيسي. وتُظهر الأرقام الأولية الصادرة عن مكتب الإحصاءات الإتحادي الألماني زيادة سنوية بمقدار 9% في عدد ليالي المبيت التي قضاها الزوار الأجانب (في الفنادق ودور الضيافة التي تتألف من أكثر من تسعة أسرّة وفي مواقع التخييم) للفترة من يناير إلى مارس 2011. وقد شهد شهر مارس لوحده ارتفاع بواقع 11% في عدد ليالي المبيت التي قضاها الزوار الأجانب في ألمانيا. في حين يتوقع لصناعة السياحة في ألمانيا أن تستفيد هذا العام من بطولة كأس العالم للسيدات (Fifa 2011)، فضلاً عن العديد من الفعاليات التي ستقام للاحتفال بالذكرى الـ 125 لصناعة أول سيارة في ألمانيا.
يُذكر أن معرض سوق السفر الألماني (جي تي إم 2011) نظمه المجلس الوطني الألماني للسياحة، بالتعاون مع هيئة الترويج السياحي لمدينة كولونيا جي إم بي إتش وهيئة وكونغرس الترويج السياحي لمنطقة (بون/راين-زيغ/آرفايلر). في حين شكلت ورشة العمل التي استمرت ليومين عنصراً أساسياً من هذا الحدث الناجح. وكان عدد الصفقات والعقود المبرمة أكثر من المعتاد، كما تمكّن المشاركون من إقامة وتجديد علاقات تجارية عديدة.
ومن حيث الأرقام والإحصاءات، كشف أكثر من 90% من العارضين عن أنهم "راضون" أو "راضون تماماً" من حجم الصفقات التي شهدها معرض سوق السفر الألماني (جي تي إم) في نسخته لهذا العام. في حين أعرب 80% منهم عن نيتهم المشاركة في النسخة القادمة من المعرض التي ستقام في مدينة لايبزغ للفترة من 13 – 15 مايو 2012.
معالم ساحرة
ويبدو أن الكثير من المشاركين في المعارض والمؤتمرات التي تشهدها مدينة كولونيا، وكذلك السياح طبعاً، يغتنمون فرصة تواجدهم فيها للتعرف على تاريخها الغني الذي يمتد إلى أكثر من 2000 عام ومناظرها الطبيعية الخلابة. فهناك ملايين السياح الذين يحضرون إلى المدينة كل عام، حيث يقومون بزيارة العديد من معالمها ومتاحفها المشهورة والمشاركة في أحداثها الرئيسية المعروفة.
وتعتبر كاتدرائية كولونيا ذات الطراز القوطي والأبراج المميزة من أشهر معالم المدينة، حيث تمثل أولى المعالم السياحية التي تجذب الزوار، كما تتصف بكونها من أكثر المباني الساحرة على مستوى العالم، حيث يزورها ملايين السياح سنوياً.
كما تضم كولونيا مجموعة من الكنائس الرومانية الفريدة والجذابة، والتي تعتبر كل منها على حدة جوهرة من جواهر فن الهندسة المعمارية الخاصة بالكنائس في القرون الوسطى.
وعند التجول حول الكاتدرائية التي أُدرجت ضمن معالم التراث الثقافي العالمي منذ عام 1996، يستطيع الزوار الوصول إلى الكثير من متاحف المدينة مشياً على الأقدام. وفي الجبهة الجنوبية من أبراج الكاتدرائية يقع الحي القديم الساحر والذي يضم عدداً من الحانات وكذلك حديقة الراين ومراسي المراكب ومقر البلدية التاريخي وقاعة الاحتفالات التاريخية (غورتسنيش).
بالإضافة إلى الفنون المعمارية التاريخية تتميز كولونيا بالسمات العصرية، فبالقرب من المدينة القديمة، يقع حي (رايناوهافن) الذي هو عبارة عن حي حديث على ضفاف نهر الراين يضم المباني الشاهقة المثيرة بالإضافة إلى نطاق عريض من المطاعم والأنشطة الثقافية.
وفي الحقيقة، فإن كولونيا تفتخر بما تملكه من مظاهر ثقافية. ويشهد كل من مبنى الموسيقى (كولنر فيلهاروموني) ودار الأوبرا ومسرح (موزيكال دوم) حفلات موسيقية طوال العام. كما تجذب الأحداث التقليدية مثل احتفالات جولات المدينة وعروض الألعاب النارية الكثير من الزوار وأهل المدينة.
ويمكن لمن يريد الاستمتاع بالثقافة والأحداث المهمة في كولونيا، أن يذهب أيضاً إلى (ميديا بارك). ففيها يوجد ما يناسب كل الأوقات والرغبات من أحداث كبيرة مهمة إلى نشاطات بسيطة صغيرة، ومن العصرية الحديثة إلى التاريخية القديمة.
ضيافة فاخرة وتسوق مثير
وتضم مدينة كولونيا التي تحتل المركز الرابع في ألمانيا من حيث المساحة ويسكنها ما يقرب من مليون نسمة، حوالي 250 فندقاً من مختلف الدرجات لاستقبال ضيوفها، ابتدءاً من الفنادق العائلية المعتدلة الأسعار وحتى فنادق الخمس نجوم الفاخرة. ومن الفنادق الفاخرة التي تضمها المدينة، يبرز فندق (اكسلسيور ارنست) الذي يتميز بغرفه وأجنحته المريحة والتي يمتلك بعضها إطلالة رائعة على الكاتدرائية، كما يضم الفندق قاعات للمؤتمرات ومركز للأعمال ومرافق صحية ومتجر حصري للتحف الأثرية.
وتتوقف مختلف القطارات السريعة في كولونيا، بينما تربط شركات الطيران مثل (جيرمان وينغز) و(إير برلين) و(لوفتهانزا) بين كولونيا ومختلف العواصم الأوروبية والمدن الأخرى. كما يمكن الانتقال من مطار فرانكفورت الدولي إلى قلب مدينة كولونيا بالقطار السريع (إنتر سيتي إكسبريس) خلال 55 دقيقة فقط، أو الوصول إليها خلال 35 دقيقة فقط من مطار دوسلدورف الدولي والذي تربطه رحلات الطيران الدولية بجميع مناطق العالم.
بالإضافة إلى ذلك، تقع كولونيا فعلياً في قلب أوروبا: فهناك قطار سريع يربط بين كولونيا وبروكسل خلال ساعتين فقط، بينما تبعد باريس أو لندن 4 ساعات فقط عن كولونيا. وهناك أيضاً قطار سريع ينقل المسافرين إلى أمستردام خلال ساعتين وأربعين دقيقة فقط.
ومن المعروف عن كولونيا أنها موطن شوارع التسوق المتميزة: (هوه شتراسه) و(شيلدر غاسه)، ولكنها لا تكتفي بذلك، ففي المناطق المحيطة يوجد أيضاً كل ما يجعل قلوب عشاق التسوق تخفق بسرعة، سواء كان ذلك الموضة التي تحمل ماركات عالمية كما في شارع (ميتل شتراسه)، أو أحدث ما توصل إليه عالم التصميم في محيط شارع (إيرن شتراسه) أو موضة المصممين الشبان التي تكثر في الحي البلجيكي. فمن لا يجد هنا ما يناسبه من الثياب، فإنه بالتأكيد لن يجد ضالته في أي مكان آخر.
موقع مثالي للرعاية الصحية
ومع التاريخ العريق وكاتدرائيات الطراز القوطي والكنائس الرومانية والموقع المباشر على ضفاف نهر الراين والأوجه الثقافية والمتاحف المتعددة والكثير من الأحداث المتنوعة، تشتهر مدينة كولونيا ليس فقط بكونها نقطة جذب سياحية عالمية، بل كذلك كمركز رئيسي للرعاية الصحية.
فالمدينة تضم نطاقاً عريضاً من التجهزيات والخبرات، ابتداءاً من البنية التحية الخاصة بالأبحاث والتعليم والتدريب الفني وخدمات الرعاية الصحية المتميزة، وحتى برامج المنتجات الطبية والخدمات المتخصصة التي توجه اهتماماً خاصاً إلى الوقاية والتشخيص وإعادة التأهيل. كما تمتلك موارد ضخمة في جميع المجالات المتعلقة بخدمات الرعاية الصحية.
ويبد أن الجمع بين التقنيات الطبية الرفيعة والمعالم السياحية الجذابة، والبنية التحتية والخدمات الخاصة بالمرضى الأجانب والزوار على حد السواء، يجعل مدينة كولونيا الموقع المثالي لتلقي العلاج الطبي والرعاية والاستشفاء.
وبشكل عام، تعد ألمانيا بلداً مجهزاً تجهيزاً عالياً لاستقبال الضيوف الدوليين الذين يبحثون عن العلاج الطبي. كما تقدم العديد من المرافق الطبية الألمانية حُزماً من الخدمات المصممة خصيصاً للضيوف العرب القادمين من منطقة الخليج بما في ذلك المرضى وأفراد العائلة المرافقين لهم.