مسجد بداخله قاعة صلاة تبلغ مساحتها 1050 مترا مربعا تتسع لنحو 1500 مصل. وكلفته تعدت 10 ملايين يورو دفع المغرب حصة قدرت بنحو 4 ملايين يورو وساهمت السعودية بـ 900 ألف يورو والكويت بـ 500 ألف يورو، فيما وصلت تبرعات المواطنين إلى مليونين ونصف المليون يورو، وأنفقت السلطات المحلية نحو مليوني يورو.
ولأن المبنى بسيط منسجم تماما في المشهد العام التقليدي لمدينة ستراسبورغ ولمنطقة الألزاس، أعربت السلطات المحلية عن فخرها لمشاركتها ماديا في المشروع، آملة في أن يساهم ذلك في تعزيز الصلة والروابط بين مواطني المنطقة وبين الأديان.
وحرص الجميع على التذكير بأن المسيحيين، كاثوليك وبروتستانت، واليهود وقفوا إلى جانب المسلمين في سعيهم لبناء المسجد، وتقدم روني غوتمان وهو حاخام الراين الأسفل أمام الحضور متحدثا باسم ديانات المنطقة مشيرا إلى أن ممثلي اليهود والمسيحيين دعموا المشروع في رسالة مكتوبة إلى بلدية ستراسبورغ في العام 1998. وقال غوتمان لفرانس 24 إن "أضعف الإيمان أن نتضامن مع المسلمين وهذا حقهم أن يكون لهم مكانا لائقا للعبادة".
مريم تتأسف لجمع الفرنسيين غير المسلمين بين الإسلام والإرهاب
من جهته، وعلى خلفية تداعيات فيلم "براءة المسلمين" المسيء للإسلام، شدد مانويل فالس وزير الداخلية الفرنسي خلال كلمته على عزم الدولة الفرنسية على "حماية كل المواطنين على أراضيها وحماية كل الأديان ومحاربة المتطرفين في أي جانب كانوا"، موضحا أن لفرنسا "حق وواجب إبعاد المتشددين" عن أراضيها.
المتشددون؟ تعترف مريم بأنهم مسيئون للدين الإسلامي، ولكنها تضيف أنهم قلة قليلة، مبدية أسفها للخلط السائد داخل المجتمع الفرنسي بين المسلمين والإرهاب. مريم شابة في الواحد والعشرين من العمر، وهي ابنة إمام نانسي المجاورة لستراسبورغ. قالت إن "تدشين المسجد خبر سعيد لكل مسلمي المنطقة".
وتابعت مريم، التي حضرت حفل التدشين برفقة والديها وزوجها، إن المسلمين طالما عانوا التمييز والتهميش والتشكيك الدائم في وطنيتهم وحبهم لفرنسا. "ولكن الأمور تحسنت، وبدأ غالبية سكان ستراسبورغ يفهمون أن المسلمين ليسوا تهديدا لحياتهم، بل هم مواطنون كغيرهم، لديهم من الحقوق ما عليهم من الواجبات".
علي حاج تونسي متقاعد يعيش مع فرنسية مسيحية...
وما يخشاه البعض أن يكون مسجد ستراسبورغ الكبير مسجدا لمسلمي شمال أفريقيا فقط مثل الأتراك الذين لديهم مسجدهم في مكان آخر من المدينة. ولكن علي، وهو تونسي متقاعد يعيش في ستراسبورغ منذ 1967 ومتزوج من فرنسية مسيحية، يقلل من خطورة الأمر. وبالنسبة إليه، تجمع المسلمين حسب جنسياتهم يعود إلى غياب مسجد كبير يقصده الجميع من دون أي فكرة مسبقة.
أما السيدة سبينغا، وهي أستاذة في ثانوية "باستور" القريبة من المسجد، فأعربت عن إعجابها بالمسجد. وإذ تعترف بوجود نوع من الانزواء لدى تلاميذها من أصل عربي، إلا أنها متفائلة بالمستقبل، قائلة إن ثمة مبالغة في كل ما يتعلق بالإسلام والمسلمين بفرنسا.